أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

مدارات الحسيمة تحت المجهر ودعوة لمراقبة الجودة تفاديا لهدر المال العام

جريدة أصوات

مع اقتراب استكمال أشغال عدد من المدارات الطرقية بمدينة الحسيمة، بدأت تتصاعد تساؤلات مشروعة من قبل المتتبعين والساكنة المحلية حول جودة الأشغال المنجزة، خاصة بعد رصد بعض العيوب التقنية في أجزاء يفترض أنها انتهت حديثًا من الورش. هذه المؤشرات الأولية، رغم بساطتها الظاهرة، تثير مخاوف من تكرار سيناريوهات سابقة شهدتها مدن مغربية أخرى، لعل أبرزها ما حدث في مشروع “سور المعكازين” بمدينة طنجة، الذي سُلِّم رغم الاختلالات البنيوية التي أثارت موجة استياء واسعة على منصات التواصل الاجتماعي، ما استدعى تدخلًا رسميًا من والي الجهة، وترتبت عنه قرارات صارمة بحق الجهات المسؤولة، وإعادة الأشغال على نفقة المال العام.

وفي مشهد لافت، قام بعض الفضوليين من أبناء المدينة بزيارة عدد من هذه المدارات، خاصة تلك التي وُضعت بها كراسي للجلوس، ولاحظوا غيابًا تامًا لأبسط شروط الراحة كظلال الأشجار أو التغطية من حرارة الشمس، ما جعلهم يتساءلون ويتبادلون التعليقات همسًا وسخرية حول ما إذا كان الهدف من هذه الكراسي هو “تعذيب الجالسين” بدل توفير متنفس حضري حقيقي للراحة والاستجمام. مشهد بسيط لكنه يعكس خللًا في التصور الأولي لبعض مكونات المشروع، حيث لا يكفي وضع بنى ثابتة دون التفكير في شروط الراحة والاستعمال الفعلي للمواطن.

هذه السوابق تُسلّط الضوء على إشكالية غياب المراقبة التقنية الدقيقة خلال مراحل تنفيذ المشاريع، وليس فقط في مراحلها الأخيرة. فأي تقصير في هذا الجانب لا ينعكس فقط على جمالية المدينة وجودة بنيتها التحتية، بل يضرب في العمق ثقة المواطن في نجاعة السياسات العمومية ونزاهة من يشرفون على تنفيذها.

وفي هذا السياق، توجه ساكنة الحسيمة أصابع المسؤولية إلى بلدية المدينة وكافة الجهات المتدخلة، من مصالح تقنية ومكاتب دراسات ومقاولات منفذة، مطالبة بتكثيف المراقبة الميدانية الصارمة قبل التسليم النهائي لهذه المشاريع. والغاية واضحة: صيانة المال العام، وضمان احترام معايير الجودة والسلامة، وتحصين المدينة من دوامة الإصلاحات المتكررة التي غالبًا ما تكلّف أكثر من الإنجاز الأولي.

وفي ظل هذه المعطيات، يبقى الأمل معقودًا على يقظة الضمير المهني، وعلى حزم أجهزة الرقابة والمساءلة، من أجل جعل كل مشروع عمومي رافعة حقيقية للتنمية المحلية، بدل أن يتحول إلى عبء إضافي على ميزانية الدولة، أو سببًا جديدًا لتآكل ثقة المواطن في جدوى المشاريع العمومية.

التعليقات مغلقة.