بقاعة “عكاشة” بالرباط، نظمت مجموعة الدستوري الديمقراطي الاجتماعي بمجلس المستشارين، مساء الأٍربعاء 21 يونيو الجاري، لقاء دراسيا في موضوع “مدونة الأسرة بين التقييم والآفاق”، وذلك بحضور الدكتور حسن عبيابة، نائب الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، وبحضور السيد كريم شاهد، منسق مجموعة الدستوري الديمقراطي الاجتماعي، إضافة إلى العديد من القضاة والمحامين والحقوقيين والباحثين المختصين، وبمشاركة جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج في شخص رئيسها الدكتور رضوان القادري، والذي أكد على ضرورة إعادة النظر في بنود ومواد مدونة الأسرة وعلى ضرورة إلغاء مسطرة تزويج القاصرات وإعادة النظر في القوانين المنظمة للنفقة والزواج والطلاق والتطليق.
خلال هذا اللقاء الدراسي قدمت مجموعة من العروض الأكاديمية المتخصصة التي قاربت إشكالية النصوص ذات الصلة بمدونة الأسرة وتصورات إصلاحها بما يتماشى مع المتطلبات الدستورية من جهة، ومتطلبات العصر من جهة ثانية مع الحفاظ على الخصوصية المغربية.
حيث قارب الأستاذ فريد بنعزيزي، القاضي بقسم قضاء الأسرة بالرباط والمستشار بديوان وزير العدل، موضوع مدونة الأسرة في أفق تعديل يحقق مزيدا من الإنصاف للمرأة ويحمي حقوق الطفل ويصون كرامة الرجل، في محاولة للإحاطة بكافة عناصر الأسرة، من خلال كافة مكوناتها، المرأة، الرجل، والأهم الطفل، في مسعى تحقيق العدالة بين جميع هاته المكونات بما يخدم استقرار الأسرة وتماسكها.
من جهتها عرضت الأستاذة عزيزة هنداز، القاضية الملحقة برئاسة النيابة العامة ورئيسة شعبة النيابة العامة المتخصصة، لموضوع دور النيابة العامة في قضايا الأسرة الواقع والآفاق،مقاربة الموضوع من الشق القانوني ومساهمة النيابة العامة في تحقيق الطمأنينة المجتمعية وضمنها الأسرية.
أما الأستاذة السليماني الهواري أمينة، رئيسة قسم الأسرة والأشخاص المسنين بوزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، فقد تناولت موضوع السياسة الأسرية الداعمة للمساواة، حيث تناولت الإشكالية من المنظور الاجتماعي مؤكدة على ضرورة إرساء سياسة أسرية تدعم كل مكونات المجتمع وتحقق المساواة.
فيما قدم الأستاذ أنس سعدون، المستشار المكلف بمهمة لدى رئاسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عرضا في موضوع مدونة الأسرة وفعلية الولوج إلى الحقوق، مقاربا الإشكال من وجهة نظر حقوق الإنسان في كونيتها والمؤكدة على ضرورة تمتيع كافة مكونات المجتمع بالحقوق الأساسية اللازمة لضمان الاستقرار المجتمعي والنفسي.
أما الدكتورة سلوى القدوري، المحامية بهيئة الرباط والباحثة الدولية في حقوق الإنسان والمندوبة قانونية لجامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج، فقد تناولت موضوع إصلاح مدونة الأسرة وقضايا الزواج المختلط، مقاربة الإشكال من المنظور السوسيو ثقافي والحقوقي.
وقد كان النقاش متميزا بكل ما للكلمة من معنى وخلاله عرج الدكتور الشريف رضوان القادري، رئيس جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج خلال مداخلته القيمة بمناسبة هذا اللقاء الدراسي على أن مدونة الأسرة أصبحت موضوع عاما ومشتركا بين جميع مكونات المجتمع، لأن بناء الأسرة هو هم مجتمعي يهم الرجال كما النساء وبالخصوص الأطفال، معتبرا أن الأمر يقتضي انخراط الجميع في مناقشة هذا الإشكال الضخم الذي يؤرق المجتمع ويساهم بالشكل الحالي في حصول خلل إن لم يتم تقويم كافة الاعوجاجات التي تعوق السير السليم للأسرة الذي ينتمي إليها أي فرد.
حيث قال وبصفتنا فاعلا مدنيا فإننا نحمل على عاتقنا هذا الموضوع كغيرنامن المؤسسات على حد سواء لما له من تأثير عميق في بناء المجتمع وصيرورته في نسق يتلاقى فيه ما هو اجتماعي وثقافي بما هو ديني وقانوني.
وأضاف ذات المتدخل أنه ونظرا لأهمية الموضوع وخطورته فإننا مطالبون كمجتمع، ومن عدة زوايا أن نعيد النقاش حول مدونة الأسرة إلى مركز الاهتمام الذي حدده جلالة الملك محمد السادس نصره الله في قوله “بأن مدونة الأسرة ليست مدونة للمرأة على حساب الرجل أو للرجل على حساب المرأة هي مدونة للأسرة”، أي مدونة للجميع.
وتساءل الدكتور القادري، منذ تنزيل المدونة والتعديلات التي لحقتها عام 2004 وإلى حدود الآن، مرت 20 سنة من التطبيق لكن الأمر يفتح دائما على عدة إشكالات جديدة ويفتح على تساؤلات إشكالية، ضمنها هل حمت المدونة وتعديلاتها الأمهات من التعرض للضياع بعد الطلاق؟ وما نسبة نجاح ذلك؟ هل تقلص عدد الأبناء المتخلى عنهم، أم ارتفع عما كان عليه؟ وهل تدنت نسبة الأطفال المشردين في الشوارع أم ارتفعت؟ …، كلها أسئلة محورية إشكالية تتطلب من الجميع الإجابة عنها وصولا لمدونة أسرة عادلة تحمي كافة مكونات المجتمع وتؤسس الاستقرار والسعادة، وتضمن الحقوق قبل الواجبات.
خلال لقاء مع جريدة أصوات أكد نائب الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري، حسن عبيابة، أن طرح هذا الموضوع للتداول من قبل الحزب ينبع من كونه إشكال مجتمعي يأخذ راهنيته من المعيقات التي اعترت تنزيل المدونة، ومن هنا أهميته باعتباره نقاش عمومي يهم المجتمع ككل، وهو الأمر الذي اقتضى تنظيم هذا اللقاء واستدعاء نخبة من الأساتذة والمختصين والباحثين في محاولة للإحاطة بالموضوع من جميع جوانبه.
وأضاف نائب الأمين العام للاتحاد الدستوري أن الموضوع ونظرا لأهميته يقتضي مساهمة الجميع في هذا النقاش المجتمعي وبموضوعية في إطار التشاور المطلوب كما قال صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، مبرزا أن هذا اللقاء ستصدر عنه مجموعة من التوصيات التي سيرفعها الحزب إلى الجهات المختصة من أجل اعتمادها في إطار التعديل المنتظر.
أما بشرى سليم، رئيسة الجمعية المغربية للقاضيات، فقالت في تصريح للجريدة أن هذا اللقاء يدخل في سياق التوجيهات الملكية السامية التي دعت لفتح نقاش مجتمعي حول المدونة وتقديم الاقتراحات الواجبة من أجل جعلها مدونة للأسرة تتميز بالعدالة وتحققها للجميع من خلال تكييف بعض نصوصها مع الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب، ولتحقيق التنمية الشاملة في بلادنا.
عبد العالي المصباحي، المحامي العام بمحكمة النقض ورئيس رابطة قضاة المغرب، قال للجريدة: إنه وبعد 20 سنة من صدور المدونة، المطلوب إجراء تعديل جزئي لبعض فصول وبنود مدونة الأسرة التي تبث أنه لا بد من تعديلها، مضيفا أن التعديل الكلي هو مرفوض لأن جوهر المدونة مستقى من شرع الله.
التعليقات مغلقة.