مسرحية “الحرڭة 14” تثير صدمة إنسانية وتقلب مفاهيم الهجرة السرية
بقلم:الأستاذ مراد عيدني
أصوات من الرباط
أطلقت فرقة القراصنة للمسرح، التابعة لجمعية القراصنة للفنون بسلا، عرضها الجديد “الحرڭة 14″، الذي يعكس بشكل جريء وأصيل مأساة الهجرة غير النظامية، مستعرضًا معاناة المستضعفين في رحلة البحث عن الأمل.
فالمسرحية ليست مجرد عمل فني، بل هي تجربة نفسية تغوص في أعماق الواقع، وتكشف الجرح الصامت الذي يلف معاناة المهاجرين، كما تعيد طرح أسئلة وجودية بحس إنساني مرهف، بأسلوب صارم وواقعي.
العمل، من إعداد وتأليف الفنان ربيع الفقيه وإخراج بناصر أمطغري، يرسم صورة مركبة ومتوترة لمجموعة من الأشخاص المقموعين في فضاء ضيق، محكوم بالخوف والانتظار، كأنهم عالقون في حلم يتضخم حتى يتحول إلى كابوس لا نهاية له.
وتتغير دلالات المسرحية مع تطور الأحداث، حيث ينقلب الركح، وتُفتح أبواب الحقيقة فجأةً، ليس لطمأنة الجمهور، بل لإرباك مشاعره وحثه على التفكير العميق.
يشارك في الأداء نخبة من الفنانين البارزين، منهم ربيع الفقيه، حنان كوكب، ربيع باهلا، يونس زينون، وهبة القائد، بدعم من فريق تقني محترف بقيادة عمر بلعود في السينوغرافيا، وفاطمة عابد في تصميم الملابس والإكسسوارات.
المسرحية، المكتوبة باللهجة المغربية الدارجة، تتسم بالعفوية والقوة والإيقاع المتصاعد، وتطور المواقف بسلاسة، متجاوزة عرض معاناة المهاجرين إلى تسليط الضوء على ممارسات سرية وخلفيات مظلمة ترتكب باسم الأمل والطموح.
قد يظن المشاهد أن “الحرڭة” تشير إلى موجة مهاجرين أو خطة هروب، لكن المعنى الحقيقي لا يتكشف إلا في المشهد الأخير، حين تنطفئ الأضواء وتبقى الكلمة عالقة في الذاكرة، كاشفةً عن عمق رسالة العمل.
“الحرڭة 14” ليست مجرد عرضا مؤلما وصادقا، بل دعوة للتأمل وإعادة النظر في واقع هش، وإعادة تقييم الأحلام التي تباع على الأرصفة بثمن الخوف والرهبة.
فترقبوا جولتها الوطنية القريبة، فهذه المسرحية من الأعمال التي لا تنسى، ومن يشاهدها لن يعود كما كان، بل ستغير نظرته إلى الواقع الذي نعيشه.
التعليقات مغلقة.