أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

مسرح بلا روح: صراع الإبداع في دهاليز البيروقراطية قسم المسرح بوزارة الثقافة المغربية

عماد فجاج

 

في أروقة قسم المسرح بوزارة الثقافة المغربية يتجلى مشهد عبثي يصعب تجاهله. تدخل المكان فتشعر انك في مكتب اداري بارد يخلو تماما من روح المسرح وابداعه. الاشخاص الذين يديرون هذا القسم يبدون بعيدين كل البعد عن الفن والمسرح، لا خبرة لديهم ولا فهم عميق لهذا المجال. ومع ذلك تجدهم في كل اللجان، لجان الدعم، لجان الاختيار، ولجان القرار. وجودهم لا يبدو مدفوعا بشغف او حب للمسرح، بل بهدف تحصيل التعويضات المالية عن المشاركة في تلك اللجان، التي قد تبدو رمزية للفنان لكنها بالنسبة لهؤلاء مكسب مهم.

تخيل معي الامر وكأننا في حلبة صراع، مباراة تشبه “اليو اف سي”، حيث يتقاتل الجميع على مقاعد اللجان، ليس من اجل تحسين اوضاع المسرح او دعم الابداع، بل من اجل تحقيق مكاسب شخصية. في هذا المشهد يغيب الابداع تماما، ويصبح قسم المسرح مجرد جهاز بيروقراطي جامد يخلو من أي حس فني.

الآن دعنا نتخيل سيناريو مشابها. تخيل ان قسم الاوبئة في وزارة الصحة المغربية يديره اشخاص لا علاقة لهم بالصحة او الطب. اشخاص لم يدرسوا سوى الادب او تخصصات اخرى لا تمت للعلوم بصلة. كيف سيكون الوضع؟ كارثي بكل تأكيد. قرارات عشوائية، ادارة سيئة، ومصير مجهول لصحة المواطنين. هذه الصورة الكارثية هي نفسها التي يمكن اسقاطها على حال قسم المسرح بوزارة الثقافة عندما يدار من قبل اشخاص يفتقرون لاي خلفية في المجال الفني.

في المقابل، أين هم خريجو المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي؟ لماذا لا نجدهم في هذا القسم؟ هل هم من يهربون من المسؤولية؟ اذا كان الامر كذلك، فهذا يستدعي العتاب. المسرح المغربي بحاجة اليهم والى كفاءاتهم، فهم الاجدر بقيادة هذا القطاع. اما اذا كانوا مبعدين، فمن المسؤول عن هذا الاقصاء؟ ولماذا تفتح الابواب لمن لا علاقة لهم بالمسرح وتغلق في وجه المتخصصين؟ هل هي المحسوبية أم غياب رؤية واضحة؟

الرسالة هنا واضحة، للمسؤولين: المسرح ليس مجرد وظيفة لتحقيق مكاسب مادية. المسرح هو مرآة المجتمع وصوت الثقافة، ومن يعبث به يعبث بجوهر هويتنا. وللفنانين وخريجي المعهد: لا تتركوا الساحة فارغة. لا تسمحوا لهذا العبث أن يستمر. قسم المسرح بحاجة إلى من يؤمن به ويعرف قيمته الحقيقية، لا إلى من يراه فرصة لتعبئة تقارير وتحقيق مكاسب شخصية. المسرح المغربي يستحق الأفضل،ولن يتحقق ذلك إلا إذا استعاد أهل الفن مكانهم الطبيعي داخله.

التعليقات مغلقة.