إدريس جنداري
بعد تراجع الفكر النقدي الحر، في الغرب، من خلال انتقال الحداثة الفكرية، إلى تحديث تقنوي تقوده الشركات متعددة الجنسيات. و بعد تراجع الاجتهاد الإسلامي، في صيغته المقاصدية العقلانية، و احتكار المعرفة الدينية من طرف شيوخ الجهل و التطرف .
بعد هذا الخراب الذي ضرب العقل الإنساني، غربا و شرقا، ماذا يمكننا أن ننتظر في الواقع غير الأسوأ و الأسوأ منه و الأكثر سوءا منهما معا ؟!
قد يحاجج المتطرفون بنصوص دينية أو متون فلسفية أو وقائع عملية … لكن تظل هذه الدعاوى تعبيرا عن صراع جهالات و عقول جامدة، هي الثمار المرة لإفشال المشروع الحداثي الأنواري في الغرب، و إفشال المشروع الحضاري الإسلامي التقدمي، في صيغته المقاصدية العقلانية، في الشرق .
وظيفة المثقف النقدي الملتزم، اليوم، تتجاوز تهييء الحفلات الإيديولوجية الباذخة، للإعلان عن تبرئه من قيمه الدينية و الثقافية، و انحيازه إلى قيم غريبة عنه، معرفيا، من أجل إثبات براءته مما لم يقترفه قط !
وظيفة المثقف النقدي الملتزم، اليوم، هي توظيف المعرفة الإنسانية و الاجتماعية لنقد و تفكيك نسق الجهل و التطرف، شرقا و غربا، بدون محاباة، لأن الجهلاء المتطرفين لا ينتمون لأي دين و لا يعبرون عن أي منجز حضاري. إنهم ضحايا نظام رأسمالي متوحش قتل العالم الرمزي للإنسان، فكرا و تربية و فنا، ليشيد ناطحات السحاب التي لا تقاوم ضربة جاهل واحد يفجر بمن فيها حقده الدفين !
التعليقات مغلقة.