أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

من هم ناشرو Covid-19الصامتون ؟‎

إعداد مبارك أجروض

بينت دراسة جديدة أن الأطفال هم “ناشرون فائقون صامتون” لـCovid-19، ويمكن أن يحملوا كميات أكبر من الفيروس مقارنة بما يحمله البالغون، ومع ذلك لا تظهر عليهم أي أعراض، وتستند النتائج إلى عينات من الأنف والحنجرة والدم لما يقرب من 200 من الأطفال الصغار المرضى، في الولايات المتحدة.

وقالت الدكتورة لايل يونكر المعدة الرئيسة، من مستشفى ماساتشوستس العام: “فوجئت بمستويات الفيروس العالية التي وجدناها لدى الأطفال من جميع الأعمار، خاصة في اليومين الأولين من الإصابة. لم أكن أتوقع أن يكون الحمل الفيروسي مرتفعا جدا. كنت تفكر في مستشفى، وفي جميع الاحتياطات المتخذة لعلاج البالغين المصابين بأمراض خطيرة. ولكن الأحمال الفيروسية لهؤلاء المرضى في المستشفى أقل بكثير من “الطفل السليم”، الذي يتجول مع حمولة فيروسية عالية من SARS-CoV-2“، وحتى عندما تظهر على الأطفال أعراض مثل الحمى وسيلان الأنف والسعال، فإنها غالبا ما تتداخل مع الإنفلونزا ونزلات البرد. وأوضحت يونكر أن هذا يربك التشخيص الدقيق لـCovid-19،

فماذا نعني بـ”المصابين الذين لا تظهر عليهم الأعراض ؟”، ولماذا يوجد هناك من يصاب بأعراض خطيرة وفي المقابل هناك من لا تظهر عليه أي أعراض وإن كانوا ينتمون إلى نفس الجِنس والفئة العمرية ؟ منذ المراحل المبكرة من تفشي وباء Covid-19، تم الإبلاغ عن انتقال الفيروس عن طريق الأفراد المصابين، حتى لو لم تظهر عليهم الأعراض، مما يشكل تحديا كبيرا لكل الأنظمة الصحية لاحتواء هذا المرض. 

ينتقل فيروس SARS-CoV-2، المسبب لCovid-19، عبر القطرات الصغيرة التي تحتوي على الفيروسات والتي تنطلق من الممرات الهوائية العليا سواء من الأنف أو الفم كما ينتقل عبر الهباء الجوي (الأجسام الصغيرة العالقة في الجو) والتي يمكن أن تطفو، اعتمادا على تدفق الهواء، لفترة طويلة في البيئة. هذا الهباء العالق في الجو قد ينتشر عن طريق التنفس فقط، بينما تنتشر القطرات عن طريق التحدث والصراخ والعطس والسعال والتقبيل.

تُعرف منظمة الصحة العالمية الحالة المرضية بدون أعراض على أنها “الحالة المؤكدة مختبريا دون ظهور أعراض واضحة”، لكن هذا التعريف لا يأخذ بعين الاعتبار الفرق بين الأفراد الذين لا تظهر عليهم أعراض المرض بالمرة والأفراد الذين أكدت حالتهم المرضية مخبرياً قبل ظهور الأعراض. 

* سباق لفهم هذه الحالات المخادعة

تشير الدراسات الحديثة إلى أن ارتفاع مستويات نازعة هيدروجين اللاكتات LDH في المصل/البلازما قد يكون بالفعل في المراحل المبكرة عند المرضى الذين ستظهر عليهم الأعراض، وبالتالي يسهل التمايز المبكر، ولا يمكن للتصوير التشخيصي التمييز بين الفئتين، لأن أكثر من 30% من الأفراد الذين لا تظهر عليهم الأعراض يحملون علامات المرض في نتائج التصوير المقطعي المحوسب “السكانير”.

* يتسابق الباحثون لفهم بيولوجيا هذه الحالات المخادعة وتطوير نماذج تتنبأ بكيفية نشرهم لـCovid-19

تشير العديد من الدراسات إلى أن مزيجا من العوامل الوراثية والعمرية والخصوصيات في أجهزة المناعة لدى الأشخاص، قد تكون عاملا في تحديد من يصاب بحالة خفيفة أو بالكاد ملحوظة، ومن لا يصاب بأي عرض من الأعراض. إن التحدي الأكبر في دراسة الحاملين للفيروس والخاليين من الأعراض هو معرفة عدد مرات الإصابة بالفيروس. ولكن دراسة هذا المعطى أمر صعب جداً، لأن من لا يشعر بالمرض لن يخضع للاختبار من الأصل، وحتى في الأماكن التي أجرت اختبارات على نطاق واسع، مثل الصين وأيسلندا، كان من الصعب الحصول على بيانات موثوقة. أحد الأسباب هو أن الدراسات البحثية لا تتبع المرضى لفترة طويلة من الوقت بعد الاختبار لمعرفة ما إذا كانوا قد ظهرت عليهم الأعراض لاحقًا.

* قد يكون السبب هو جهاز مناعي كجهاز الخفاش

وقدرت دراسة جديدة في مجلة Nature أن 87% من الإصابات في ووهان، الصين، في الأيام الأولى للوباء لم يتم تشخيصها لأن مسؤولي الصحة لم يكونوا على علم بالانتشار قبل ظهور الأعراض، ربما لا يحمل الأشخاص الذين لا تظهر عليهم الأعراض الفيروس في البداية، لأن أجسامهم تخلصت منه سريعاً بفضل أجهزتهم المناعية التي تتصرف مثل تلك الموجودة عند الخفافيش، “الخفافيش لديها هذه الفيروسات، لكنها لا تمرض على الإطلاق”، يقول ستانلي بيرلمان، أستاذ علم الأحياء الدقيقة والمناعة في جامعة أيوا في أيوا سيتي، “يبدو أن لديهم استجابة مناعية تسمح لهم بالتخلص من الفيروس”.

ولا زالت الأبحاث والدراسات جارية تحاول فهم هذا الوباء الذي باغث العالم. ما هو مؤكد هو أن الحاملين للفيروس والذين لا تظهر عليهم الأعراض ينشرون الوباء مثل أولئك الذين تظهر عليهم الأعراض. ولهذا وجب التقيد بالإجراءات الوقائية إلى أن تمر هذه الجائحة الوبائية أو أن يكتشف الداء لهذا الوباء. 

* الأطفال الأصغر سنا لديهم أعداد أقل من مستقبلات الفيروس

وعلى الرغم من أن الأطفال الأصغر سنا لديهم أعداد أقل من مستقبلات الفيروس، مقارنة بالأفراد الأكبر سنا والبالغين، فإن هذا لا يرتبط بانخفاض الحمل الفيروسي، ما يعني أنهم قد يكونون أكثر عدوى. وقال الباحثون إن MIS-C يحتمل أن يهدد الحياة، ويمكن أن يتطور عند الأطفال بعد عدة أسابيع من الإصابة، وقد يؤدي إلى مشاكل قلبية خطيرة وصدمة وفشل قلبي حاد، وقال البروفيسور فاسانو: “هذا من المضاعفات الخطيرة نتيجة الاستجابة المناعية لعدوى Covid-19، وعدد هؤلاء المرضى في تزايد. وكما هو الحال مع البالغين الذين يعانون من هذه المضاعفات الجهازية الخطيرة للغاية، يبدو أن القلب هو العضو المفضل الذي تستهدفه الاستجابة المناعية لـCovid-19.

لقد أوضحت الدكتورة يونكر أن فهم هذه الاستجابات المناعية أمر بالغ الأهمية لتطوير الأدوية واللقاحات. ويشدد فريق البحث على أهمية التباعد الاجتماعي والاستخدام العالمي للأقنعة وبروتوكولات غسل اليدين الفعالة، ومزيج من التعلم عن بعد والتعلم الشخصي. وقالوا إن الفحص الروتيني والمستمر لجميع الطلاب مع الإبلاغ عن النتائج في الوقت المناسب، هو جزء ضروري من سياسة العودة الآمنة إلى المدرسة، وقال البروفيسور فاسانو: “توفر هذه الدراسة حقائق تشتد الحاجة إليها لصناع السياسة لاتخاذ أفضل القرارات الممكنة للمدارس ومراكز الرعاية النهارية، والمؤسسات الأخرى التي تخدم الأطفال”، وخلص الباحثون بالقول: “إذا أعيد فتح المدارس بالكامل دون الاحتياطات اللازمة، فمن المرجح أن يلعب الأطفال دورا أكبر في هذا الوباء”.

التعليقات مغلقة.