نتنياهو وشخصية حزب الليكود يمثلان معادلة معقدة؛ إذ يُعتبر نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الأطول في هذا المنصب، مع تكرار ولايته رغم الأزمات المتتالية التي واجهها.
مهمته الأساسية تتمثل في منع قيام دولة فلسطينية، وهي القضية التي ساعدته في الحفاظ على دعم اليمين الإسرائيلي بمختلف أطيافه خلال أزماته.
يسعى نتنياهو باستمرار للانتقال من أزمة إلى أخرى دون النظر إلى الوراء، متمسكًا بموقفه حتى في ظل عدم وجود آفاق للحل، وهو يختلف عن القيادات التاريخية الإسرائيلية التي كانت تخطط زمنياً للحروب.
كان نتنياهو دائمًا يسعى لتجسيد صورة الزعيم التاريخي أرائيل شارون، الذي أسس حزب “كاديما” بعد تخليه عن الليكود لللذهاب نحو خطة انفصال 2005.
بينما يتمسك نتنياهو بحزب الليكود ويتبنى اليمين المتطرف، معززًا مهمة تعطيل قيام الدولة الفلسطينية من خلال مفاوضات بلا جدوى وطول الزمن الذي لا يشهد أي تغيير.
ومن هنا، تأتي ذروة التعطيل المتمثلة في الانقسام الفلسطيني، وهو ما اعتبره نتنياهو نعمة، فقد تجاهل السلطة الفلسطينية، وغازل حماس، مما جعل الأخيرة تظن بوجود توجه دولي لاستيعابها. الحماس تدعم فكرة الوهم، خصوصًا بعد رؤية انتصارات مشابهة في السياقات الإقليمية.
خاض نتنياهو الحرب في غزة مدعيًا العودة بإنجازات كبيرة، بينما استغلت حماس هذا الموقف لطرح نفسها كمدعٍ للاحتجاجات الشعبية الداخلية.
وبينما كانت حماس تبحث عن فرص جديدة للتفاوض، كان نتنياهو يستفيد من أزماتها لتقديم نفسه كضحية أمام المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، التي أعرب رئيسها بايدن عن موقفه السلبي تجاهه.
ومع حربه الحالية، نجح نتنياهو في استغلال أوضاع الحرب لدعم موقفه العسكري والسياسي، متجاوزًا التحديات الداخلية والخارجية، ومبقيًا على الضغط للابتزاز من الإدارة الأمريكية لتحقيق مكاسب جديدة.
ومع ظهور التهديدات الإقليمية، يبدو أن نتنياهو يستمر في المخاطرة، معتبرًا أن عدم الاستقرار الداخلي لن يؤثر على شجاعته في اتخاذ القرارات العسكرية.
بينما يبدو أن حزب الليكود يقترب من مرحلة الشيخوخة، مما قد يؤدي إلى تفككه بعد نتنياهو، فإن التاريخ يُوضح أن كلاً من حماس ونتنياهو قد أنقذ أحدهما الآخر في أوقات الأزمات، مما يشير إلى تعقيدات المشهد السياسي المستمر والذي يستدعي الانتباه.
التعليقات مغلقة.