نتنياهو يسعى لإقناع ترامب: خطة الضربة النووية وإعادة رسم خارطة المنطقة
بقلم: الأستاذ عيدني محمد
في سياق متغيرات الشرق الأوسط، تتصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران بشكل غير مسبوق، ومع تصاعد الملف النووي الإيراني، تتزايد الضغوط الإقليمية والدولية لاتخاذ موقف حاسم يحد من تطلعات طهران النووية. وفي قلب هذا المشهد، تتجلى جهود رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإقناع الإدارة الأمريكية بإشراك الولايات المتحدة في حملة عسكرية موسعة ضد إيران. هذه الجهود، والتي تعتبر واحدة من أكثر الدبلوماسية والأمن القومي إثارة للجدل، تستند إلى اعتقاد راسخ بأن الخيار العسكري هو السبيل الوحيد لضمان أمن إسرائيل وإعادة ترتيب المنطقة وفقاً للمصالح الإسرائيلية والأمريكية.
السياق السياسي والتصعيد الأخير:
شهدت الأشهر الأخيرة تصعيدًا حادًا في أنشطة إيران النووية، بما في ذلك زيادة عمليات تخصيب اليورانيوم واختبار تكنولوجيا الصواريخ البالستية، فضلاً عن دعم الجماعات المسلحة في المنطقة، مثل حزب الله وحركة حماس. ووسط هذه التطورات، برزت حاجة عاجلة لاتخاذ إجراءات حاسمة، وهو ما جعل نتنياهو يبرز كطرف فاعل في اللعبة الدولية، يسعى إلى إقناع واشنطن بأن الخيارات العسكرية لا تزال على الطاولة، وأن الوقت ليس بصالح الحلول الدبلوماسية وحدها.
جهود نتنياهو لإقناع ترامب:
منذ تولي الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الإدارة، أظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي تقارباً ملحوظاً مع البيت الأبيض، إذ أسهمت قرارات ترامب من قبل في تقوية مكانة إسرائيل إقليمياً، من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ووقف العمل بالاتفاق النووي الإيراني (خطة العمل الشاملة المشتركة). ومع اقتراب إدارة ترامب من اتخاذ قرارات حاسمة، بدأ نتنياهو يشن حملات ديبلوماسية نشطة لإقناعه بأهمية العمل العسكري ضد إيران.
وفي هذا السياق، فإن الجهود الدبلوماسية شملت زيارات سرية، واجتماعات مغلقة، وبيانات إعلامية تؤكد على أن الخيار العسكري هو الحل الأمثل لوقف البرنامج النووي الإيراني، نظراً لتعقيدات الخيارات الدبلوماسية والحلول السياسية التي قد تستغرق سنوات، وفي ظل التهديد المباشر الذي تمثله إيران تهدد استقرار المنطقة.
أسباب إصرار إسرائيل على العمل العسكري:
الحفاظ على تفوقها العسكري والأمني: ترى إسرائيل أن الحلول السياسية غير كافية لتعطيل البرنامج النووي الإيراني، وأن الخيار العسكري هو الوسيلة الوحيدة لضمان منع طهران من تطوير قدرات نووية نووية حقيقية.
التحكم في توازن القوى في المنطقة: تعتبر إسرائيل أن ضرب المواقع النووية الإيرانية هو خطوة حاسمة لإعادة رسم موازين القوى، وإضعاف نفوذ إيران في الشرق الأوسط.
الدعم الأمريكي المحتمل: يعتقد نتنياهو أن إدارة ترامب، الذي يعّجب بسياساته المحافظة ويميل لدعم إسرائيل بشكل كبير، ستكون أكثر من مستعدة للموافقة على عملية عسكرية واسعة النطاق.
ردود الفعل الدولية والمحاذير:
بينما يروج أنصار العمل العسكري لضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة، فإن العديد من الخبراء الدبلوماسيين والأمنيين يحذرون من تبعات مثل هذه الخطوة، التي قد تؤدي إلى تصعيد غير مسبوق في المنطقة وتوجيه ضربة قاضية للآمال في حل سلمي للنزاع. كما أن المجتمع الدولي مطالب بمراقبة هذا السيناريو عن كثب، حيث إن تحركاً عسكرياً بمفرده قد يساهم في زعزعة الاستقرار حتى لو كان الهدف منه حماية أمن إسرائيل.
وفي خضم ضغوطات السياسة الدولية، يبقى السؤال حول مدى تمكن نتنياهو من إقناع ترامب أو إدارة أميركية لاحقة بالتحرك العسكري ضد إيران مفتوحاً على احتمالات عدة، وهي مسألة تتعلق بموازين القوى السياسية، والتقديرات الأمنية، والاعتبارات الدولية والإقليمية. إلا أن حقيقة الأمر أن المنطقة تترقب بشغف أي قرار قد يتغير بموجبه المشهد، وربما يعيد رسم خارطة الشرق الأوسط مجدداً.
إن هذا النقاش يعكس حجم التعقيدات والصراعات التي تتشابك في المنطقة، ويبرز أهمية الجهود الدبلوماسية والحذر في اتخاذ القرارات المصيرية التي قد تؤثر على مستقبل ملايين البشر
التعليقات مغلقة.