حنان أتركين –نائبة برلمانية-
في البدء، لنتتبع كرونولوجيا الأحداث:
▪ شخص مضطرب نفسانيا، يلقى عليه القبض للاشتباه في تورطه بارتكاب جريمة القتل العمد، ومحاولة القتل العمد التي كان ضحيتها مواطنتان أجنبيتان بكل من مدينتي تزنيت وأكادير (جريدة هسبريس ليوم السبت 15 يناير 2022)؛
▪ شخص يعاني من اضطرابات نفسية وعقلية، يشهر السلاح الأبيض في وجه المارة، وهاجم رجلا “فأصابه إصابات خطيرة”، قبل “أن يغرس السكين في ظهر امرأة”، بجماعة اسحيم إقليم أسفي (جريدة المراكشي الالكترونية ليوم 20 يناير 2021)؛
▪ شاب ثلاثيني يعاني من اضطرابات نفسية، يقدم على قتل والده وزوجة والده بطريقة بشعة، بمنطقة سيدي الخدير بالحي الحسني بالدار البيضاء (اليوم 24 لـ 31 يناير 2022)؛
أحداث ثلاثة، متسلسلة قاسمها المشترك، أن الجاني يعاني من اضطرابات نفسية، وأن المعتدى عليه أناس مسالمون، والضحايا مارة أبرياء، أو أصول لم تشفع لهم علاقة الأبوة بالجاني…لكن ما السبب حتى يستفحل الإشكال، وتتعدد حالاته ليصبح ظاهرة؟ هل يعود ذلك، إلى أن العرض الصحي بخصوص المرضى النفسانيين يعاني من خصاص كبير؟ أم إلى ثقافة مجتمعية ترفض إيداع أفراد العائلة لدى طبيب متخصص مخافة “العار” و”كلام الناس”؟ أم أن الأمر، فضلا عن هذا وذاك، يرجع إلى غياب مقاربة أمنية متطلبة في الموضوع لحماية مرتادي الشارع العام من اعتداءات غير محسوبة؟ أم هي فقط كما يشاع “لعنة بويا عمر”، الذي بإغلاقه فقد الملاذ الآمن لهؤلاء؟
هذا الموضوع، يتناول “كحدث” إعلامي، وفي أحايين كثيرة من وجهة نظر جنائية أو إجرامية، لكن ألم يحن الوقت لمقاربة أخرى تستجمع شتات الاهتمام القطاعي الضيق لفائدة مقاربة مندمجة واضحة المنطلقات والأهداف، فالشارع ليس مكانا طبيعيا للمرضى النفسيين، كما أن العائلة ليست حاضنا طبيعيا للمختلين العقليين، لكن هل وفرنا لهؤلاء سريرا في المستشفيات، وأطرا طبية مؤهلة؟ وهل اشتغلنا على التثقيف المجتمعي لقبول أن المرضى العقليين كغيرهم من المرضى في حاجة إلى رعاية طبية واهتمام خاصين، وأن مرضهم هو على شاكلة كل الأمراض الأخرى؟
التعليقات مغلقة.