بعد مرور أكثر من سنة على تعيينها، عاشت حكومة “عزيز أخنوش” أول الإمتحانات الفعلية الشعبية عقب توالي الأزمات التي يكتوي بنارها المواطن المغربي والتي أصابت كل مناحي الحياة، وضع اجتماعي جعل هاشتاغ “أخنوش ارحل” يخترق صفحات وسائل التواصل الاجتماعي، ليحقق أرقاما عالية تجاوزت المليون، ومن مختلف شرائح المجتمع، حتى من الفئات التي كانت إلى حين تعتبر محايدة، ولو أن هذا الانتشار الواسع، والذي تحول إلى معارك الشارع صوحب في الوقت ذاته باختبار عبر صناديق الاقتراع بالدائرة المحلية للحسيمة في إطار الانتخابات الجزئية والتي أعطت تقدم التحالف الحاكم على باقي أحزاب المعارضة، بل أن جزب رئيس الحكومة قد تصدر المشهد الانتخابي، وهو وضع يطرح أكثر من سؤال وإشكال بين الواقع على الأرض، والواقع وفق أرقام الصناديق؟ فما هي الدلالات والخلاصات؟ وما الآفاق الممكنة أمام دعوات النزول إلى الشارع على الصعيد الوطني؟.
“الهاشتاغ” المرفوع تمحور حول واقع اجتماعي مأزوم، ارتفاع في الأسعار، المحروقات، المواد الغدائية، …، وهجمة ضد رئيس الحكومة من حيث هو رئيس الحكومة ومصالحة الاقتصادية المباشرة.
وضع دفع إلى الواجهة تساؤلات، وفجر إشكالات مرتبطة بالمشهد السياسي المغربي وارتباط السياسة بالمال، وحول تركيبة الحكومة، وهل هي عاجزة عن تدبير ملفات المجتمع والدولة المغربية فأصبحت قاصرة عن ضمان استقرار اقتصادي واجتماعي وضمان السلم الأهلي؟، أم أن الأحكام متسرعة وأن الضغوط من خلال الآثار الوبائية والعالمية هي التي تغدي واقع الأزمة، وأن هذا الوضع يتجاوز الحكومة المغربية كما باقي حكومات العالم؟.
المتفائلون يرون أنه من السابق لأوانه محاكمة الحكومة بحكم عمرها القصير والإكراهات الكبيرة التي صاحبت تحملها للمسؤولية.
والمتشائمة تعتبر أن هاته الحكومة عاجزة عن تدبير الأزمة، بل أنها هي الأزمة عينها، نتيجة انكباب أعضائها على تحقيق مصالح براغماتية على حساب مقدرات الشعب واستقرار المؤسسات.
وبين هذا وذاك هناك من يتحدث عن نظرية المؤامرة، متسائلا عن الجهات الدافعة لتحريك “الهاشتاغ” والمسيرات، خاصة وأن نتائج الانتخابات الجزئية بالحسيمة، بشمال المغرب، أكدت عبر الصناديق قوة حضور التحالف الحكومي على الأرض، وهو ما لخبط الأوراق وقلب كل محاولة لتأسيس نقاش موضوعي.
النخبة السياسية على الرغم من معارضتها ل “عزيز أخنوش” وحكومته ترى أن المسار التصعيدي لا يخدم المستقبل في شقه الدولتي والتحديات التي يواجهها المغرب من جيرانه، وبالتالي يرفض “هاشتاج” “اخنوش ارحل”، وهو ما عبر عنه “عبد الإله بنكيران” زعيم حزب العدالة والتنمية المعارض.
رئيس الحكومة المغربية “عزيز أخنوش” لزم الصمت اتجاه “الهاشتاغ” وما وقع بمهرجان “تينمار” الذي أقيم بمعقله الانتخابي “منطقة سوس”، خاصة وأن الاتهامات تحدثت عن صفقات لشراء صمت وسائل إعلام وتواصل اجتماعي.
الأكيد على الأرض هو واقع الارتفاع الصاروخي لأسعار المحروقات في المغرب، وعلاقة “أخنوش” بسوق المحروقات، ومسألة تسقيف الأسعار المعطلة، وهو ما يجعل سؤال من يتحمل مسؤولية تعطيل التسقيف ينفجر في الشارع ويخلق موجة غضب، خاصة وأن انخفاض تلك الأسعار في السوق الدولية لا يوازيه في الأرض المغربية أي انخفاض، بل أن دولا قدمت حلولا للوضع القائم نتيجة حرب أوكرانيا من خلال خفض نسبة الضريبة كما حدث في فرنسا، أو تقديم خدمات نقل مجانية على القطار كما حصل في إسبانيا، أو تدخل السلطة بصرامة لزجر أغنياء حرب النفط كما حصل من خلال كلمة ألقاها الرئيس الأمريكي “جو بايدن”.
الوقائع الميدانية تؤكد تحقيق نسب أرباح خيالية من وراء سوق النقط التي يملك “أخنوش” وسائل إدارتها، وتعطيل كل ما يمكن أن يعرقل نمو تلك الأرباح “لاسمير، رفض التسقيف..”، وهو الأمر الذي دفع جبهة الدفاع عن مصفاة “لاسمير” إلى توجيه انتقادات حادة للحكومة المغربية متهمة إياها بوجود تضارب مصالح، وأن إنهاء عمل المصفاة، كان يخدم لوبيات المحروقات، المتحكمة في السعر.
وضع اجتماعي متفجز انعكس على الوحدة داخل التحالف الحكومي الحاكم بالمغرب حيث اضطرت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بن علي، إلى أن تعلن من خلال البرلمان أن الحكومة تفكر في خيارات تشغيل المصفاة، مناقضة تصريحا سابقا لها قالت فيه بأن المصفاة لم تعد ضرورية.
تحول يعكس إحساس السلطات بالآثار السلبية التي من الممكن أن تهدد السلم الاجتماعي بسبب هاته الأوضاع خاصة مع استمرار الحرب في أوكرانيا بآثارها المذمرة للاقتصاد العالمي، وكلفتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الباهضة.
التعليقات مغلقة.