✒🖌بقلم: الأستاذ حسن أروش
يقال أن رياح التغيير اَتية لا محالة ، ومما لا شك فيه أننا على أبواب صيف ساخن ينبئ بشرقي شديد الحرارة في مدينةٍ عرّفت بالعاصمة الروحية والعلمية للأقاليم الجنوبية، يعزز هذا التنوع الثقافي الواضح المعالم للشباب بهذه المدينة، الذي يرقى إلى أن يكون مصدر لابتكار الأفكار وتجديدها، والمساهمة في تنمية الشأن المحلي للمدينة.
لكن في نظر الكثيرين إن لم أقل أغلبهم، لطالما كانت الأحزاب السياسية بمختلف فروعها بالمدينة مجرد وسيلة لبلوغ مراتب يتنافس عليها الكثيرون ويتراضون في ما بينهم، بل ويمكنهم تحييد اللون الحزبي ودوره في المشهد السياسي قبلا ،و متى أُريد ذالك، …أفكارٌ مسلمٌ بها لديهم بفعل التجارب السابقة للانتخابات، التي لم يجني منها الشباب، سوى الخذلان المستميت، هذا ما يفسر عديد الاحتجاجات من أمام مصالح الإدارة مذ خمس سنون مضت، والتى عولجت تارة بالحوار الايجابي وتارة بالتجاهل وتارة بالقمع.
ونحن نعيش اليوم ظروفا استتثنائية غيرت نمط الحياة بالعالم بأسره، أُجبرنا على التعايش الحذر مع هذا الوافد الجديد “كوفيد 19” بعد ركود مؤقت، واستأنفت في مابعد، جميع الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ونحن الاَن على بعد خطوات معدودة من الموسم الانتخابي، الذي تميز بإنتفاضة شبابية لم تشهدها المدينة من قبل، تجلت في ظهور مرشحين شباب على قائمةاللوائح الانتخابية الجديدة، شباب حاملي مشروع تغيير ،منهم المهندس والمقاول والمثقف والجمعوي والمعطل… كل منهم سيسعى الى جذب ثقة الساكنة المحلية المتنوعة الأطياف والأقطاب.
وحرّي بنا نحن شباب السمارة إلى أن نساهم في اختيار من هو الأكثر قدرة على التأثير وخلف التنمية.
إن الاختيار الخاطئ هو ذلك الذي يتم على أسس عائلية أو قبلية أو مناطقية، والذي كانت له خلفية مصلحية نفعية زائلة، فهذا ينعكس بالسلب يبعد إبعاد للكفاءات المتميزة، ويفسح المجال لمن هو أقل مستوى وكفاءة لمجرد قربه من الناخب، وفي هذا تَبخر لطموحات الشباب الأكفاء من بعده (وقد حدث هذا قبلا)، كما أنه من أهم مسببات الفساد بنوعيْه المالي والإداري، لهذا وَجب وجب علينا نحن الشباب محاربة هكذا افعال عن طريق التوعية والمشاركة في العمل السياسي.
فالاختيار الأنسب للمدينة برمتها يجب أن يكون مبنيا على أسس موضوعية قابلة للقياس كالدرجة العلمية، والخبرة السياسية والقانونية ومدى الانخراط في تحقيق نجاحات الأعمال المنجزة قبلا.
فالوقوف على مسؤوليات وسلطات المناصب الجاري التصويت عليها من غرف و مجالس إقليمية و بلدية يساعد بشكل كبير على الفصل بين المرشحين، واختيار الشخص المناسب حسب كفاءته وخبرته التي تمكنه من تولي مسؤليات هذا المنصب بالشكل الأمثل. ولهذا فالدرجة العلمية والخبرة العملية والقانونية والسياسية، تعد من أهم المقومات للاختيار الحكيم والأمثل، إذ أنها تعطي المرشح مساحة أكبر في التعامل مع القضايا التي تمس صالح المدينة والساكنة على حد سواء على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وتسهم بشكل كبير في التنبؤ بآلية تبني المرشح للمواقف والقضايا التي تهم مصلحة الوطن بشكل عام ومصالح الشباب بشكل خاص تحت قبة البرلمان.
فمثل شباب السمارة الطامح لمستقبل أفضل، كمثل شخصيات غسان كنفاني في رواية “رجال تحت الشمس” أبو قيس “ومروان ،واسعد، ضحايا الواقع السياسي و الاجتماعي بفلسطين،
“فأبو قيس” الذي فقد بيته وشجيرات زيتونه، يحلم باستعادة ما ضاع منه، فيرضخ للضغوط ويقرر الرحيل إلى العراق ومنها إلى الكويت باحثا عن ثروة ومستقبل جديد لزوجته الحامل وإبنه الصغير.
“مروان” الشاب الذي أجبر على ترك المدرسة والذهاب إلى مدينة البصرة العراقية ومنها إلى الكويت، لإعالة أسرته التي توقف أخوه عن مدها بالنقود، وهرب منها والده وتزوج بفتاة معاقة، فقط لأنها تملك دارا من ثلاث حجرات وسقف إسمنتي بدلا من مخيمات اللاجئين!
وأسعد الناشط السياسي الذي يهرب إلى العراق مخططا للدخول إلى الكويت وتكوين ثروة يرد بها قرض عمه ويتزوج.
لكنهم لم يحسنو اختيار السائق المهرِب أبو “الخيزران” وهم من وثقوا به حيث استسلم إلى نزعاته ونواقصه في حديثه مع حرس الحدود و نسي من هم داخل خزان الشاحنة، وحرارة الكويت في أوج توهجها مما أدى إلى موتهم اختناقا، قبيل الوصول، وبالتالي تبخر كل أحلامهم.
فنحن كلنا مروان و أبو قيس وأسعد، فلا تكونو نسخة مطابقة لأبو الخيزران الذي أهمل الشباب وتسبب في اختناقهم وموت أحلامهم.
رحم الله الشباب، ورحم الله “غسان كنفاني”.
التعليقات مغلقة.