أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

هل نحن بالفعل بحاجة للموسيقى ؟

 محمد حميمداني

قديما قيل عن الموسيقى أنها غذاء الروح ، فماذا يمكن أن نقول ، هل هي مصدر الألم لأنها تساعد على إفراز هرمون (الإندروفين) المسؤول عن نقل الألم ؟ أم أنها  تعد مسكناً للألم ، نظرا لما تحمله من أريج اطمئنان و زيزفون سعادة ارتباطا بما تفرزه من معدل هرمون “السيراتونين” في الدماغ .

الأكيد من خارج نص العلوم المتضارب ، أن الموسيقى تحمل إشراقات تزداد قوة صباحا و ليلا ، تحملنا لعوالم من الإحساس الدفين المخفف للآلام مهما علت ، و الحاجة البشرية إليها لا يقابلها في سلم الصرف سوى حاجة الجائع للغذاء و الظمآن لشربة ماء و لو كانت سرابا .

فالموسيقى تحملنا عبر سمفونيات الجمال ، و مهما كانت اللغات المستعملة و التي لا يمكن أن نفهمها ، إلى فضاء المشاعر و سكونة الليل الضابط للتوازن السيكولوجي ً، و الإمداد بقوة الإلهام و الإبداع عبر تشكيل الصور المرافقة لكل رنة صادرة من الناي الحزين أو الكمان المتدفق ، فهي مصدر قوة لرفع التحدي ضد كل ضيق قد يساورنا لحظة فيحتوينا و يعرضنا لمسحة سواد تنعشها و تمحيها صحوة صوت منبعث يغذي الروح فينا ن و يمدها قوة و إصرارا على التحدي و المغامرة لا المغادرة .

فلا غرابة إن كانت الموسيقى مصاحبة لعلاج النفس المقترحة من قبل أطباء النفس ، فلا تتعجب إن طلب منك الطبيب يوما مرافقة فيروز أو موزار … ، فهي حين تلج الأذن و تتدفق عبر الشرايين لتحدث لذة لامتناهية ، في كل لحظة تعيشها بوعي أو لا وعي ستجدها رفيقة إحساس و صديقة حلم .

فالموسيقى تنشط منطقةً في الدماغ مسؤولة عن الحركة و التخطيط و الانتباه و التعلم و الذاكرة ، كما أنها تحفز الدماغ على إفراز مادة كيميائية تُعرَف بهورمون الدوبامين المسؤول عن تحسين المزاج و تخفيض نسبة القلق لدى الإنسان ، و تنشط الخلايا المسؤولة عن نقل ً المتعة و الفرح و الدافِع لدى الكائنات . 

يقول الفنان اللبناني و أستاذ الموسيقى الدكتور “هياف ياسين” أنه “قد لا يختلف اثنان على التأثير القوي للموسيقى أو لأية مادة سمعية على خلايا الإنسان العصبية ، فتنعكس فوراً على نفسيته و على طريقة تفكيره ، إلا أن السؤال الذي قد يراوِد الأكثرية هو ، هل حقاً يستطيع الإنسان أن يقوم بتعويض؟” .

فالموسيقى تبقى مهما قلنا في حقها سنكون مقصرين ، لأن متعتها لا تحتاج إلى دليل أو مرشد ، فاسألوا أهل الفن الذين يتطايرون في فضائها بلا وعي تسكنهم فينمحي الزمان و المكان أمامها ، ففي فناء عشقها و بنسيم الصوت المنبعث منها يهيمون ، و اسألوا العشاق في فجر الليالي حين يداهمهم الحنين فيجدون فيها رفيقا لطريق في انتظار ميعاد اللقاء ، و اسألوا كل هائج في فناء الحياة ، كيف تمكنت منه و أردته هدوءا فنام نومة هادئة بعد مسار عصبي شاق . 

التعليقات مغلقة.