عودتنا المجامع المختلفة بمدينة “فجيج” في الولائم والجنازات والأعراس ومجالس السمر الخاصة أن نستمع إلى تحسر الأهالي على مصير الواحة وتدهور كل الخدمات الصحية والاجتماعية والإدارية بها يوما بعد يوم، وتباكي كبار السن بالأخص على الأيام الخوالي حيث كانت فيها المدينة حاضرة يضرب لها ألف حساب في الإقليم، إلا أن الشيء الوحيد الذي لا يقف عنده أي أحد بشكل متجرد وبكل موضوعية هو أن هذا الوضع لم ينتج عن فراغ أو من دون أسباب تفرض نفسها، وأن المسبب فيها هم أهل الدار أنفسهم.
إذ انه في مقابل هذا التذمر وهذا التباكي لا نجد أية مبادرة فعالة لتغيير الوضع أو إصلاحه، ممن يعنيهم الأمر، متى أتيحت الفرصة لذلك، فأصبحنا نلاحظ أن بعض سكان “فجيج” بمن فيهم بعض المثقفين أو أشباه المثقفين عندما يتعلق الامر بحضور وليمة لأكل الكسكس تملأ القاعات عن آخرها ويا ويل صاحب الوليمة إن نسي صديقا أو جارًا لم يدعه، وقد يشبعه ملامة وتجريحا، وبالعكس إذا دعي أولئك “الكسكوسيون” بمن فيهم بعض المنتقدين والمثقفين وأشباه المثقفين، المنتخبين، الساخطين، رؤساء الجمعيات ومنخرطيها بمختلف مشاربها ومجالات اهتماماتها ومختلف المصالح والمؤسسات….
إذا دعوا لندوة أو محاضرة أو ورشة تكوينية أو يوما دراسيا أو حتى نشاطا ثقافيا أو إشعاعيا…، أو تعلق الأمر بأي موضوع تنمويًا كان أم علميًا مما يخدم التنمية المحلية أو يعالج مشاكل الواحة فلا يحضر معك إلا القليل من المدعوين الذين يحملون فعلًا هم البلدة، وفي غالب الأحيان لا يحضر معك، غيرهم، إلا من أراد ان يجاملك أو أن الموضوع يهمه شخصيًا.
فأي فئة هذه؟ أصبح لا يجمعها إلا الكسكس لملء البطون؟ وفي غير ذلك فلا حياة لمن تنادي.
في أوضاع مدينة “فجيج” أهلها أنفسهم، طرف يكرس واقعها، حيث أصبحت لا تكبر تجمعاتهم إلا في الولائم حيث يتوافدون من كل القصور وكأنهم يخرجون من تحت الأرض لهثا وراء “قصاع الكسكس” أينما وجدت، وفي أي وقت وجدت.
وإذا ما قلت الولائم تبدو الواحة خاوية على عروشها كأنها مدينة الأشباح إلا ممن رحم ربك من الأوفياء.
فمن سيتدارس مشاكلكم يا أهل “فجيج”؟ من غيركم؟! ومن سيغير الأوضاع المزرية صحيًا واجتماعيًا وتعليميًا؟، هذه الأوضاع التي لا تزيد الا تفاقما، وأنتم رقود بعد ملئ البطون!!؟ إن الأوفياء يحتاجون إلى دعمكم.
التعليقات مغلقة.