أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

واقعة مروعة بداخل ثانوية الحسن الأول بفاس: توقيف تلميذة بغير حق واستغلال سلطوي مرفوض تمامًا

بقلم: الأستاذ محمد عيدني

فاس، المغرب – تثير واقعة سحب ورقة الإمتحان قبل انتهاء المدة المحددة بغير حق واستغلال سلطوي مرفوض تماما داخل ثانوية الحسن الأول بفاس، قلقا بالغا في الأوساط التربوية والمجتمعية، وتدعو إلى تحقيق فوري ومعمق. حيث تشير الواقعة إلى خرق سافر للمبادئ الأساسية للنظام التعليمي المغربي الذي يهدف إلى توفير بيئة آمنة ومحترمة للتعلم والتطور الشخصي للتلاميذ.

وذلك بسحب ورقة إمتحان التلميذة بغير حق واستغلال سلطوي من قبل أستاذة من المفروض أنها مبربية أجيال لكن ما حدث اليوم يعري واقع تكريه ممنهج للتلاميذ في المنظومة التعليمية، فالتلميذة هاجر.م كانت ملتزمة بكل القواعد المنصوص عليها قانونيا لإجتياز إمتحان الباكالوريا لكن الأستاذة المراقبة أرادت مغادرة الفصل قبل 30 دقيقة من إكتمال الوقت المحدد للإمتحان الشيء الذي رفضته التلميذة لأنها لم تنتهي بعد من الإجابة إلا أن الأستاذة ألحت على سحب ورقة الإمتحان من التلميذة التي ترجتها لإبقاء ورقة الإجابة مستغنية على أوراق الوساخ ومع أخد ورد بينهما قررت الأستاذة كتابة تقرير بحالة غش رغم أن التلميذة لم تكن تغش. ممارسات مثل هاته تمثل تجاوزا خطيرا للسلطة الممنوحة للموظفين التربويين والإداريين على حد سواء وتعديا على حقوق التلاميذ الأساسية المكفولة قانونا.

ووفقا للتحليل القانوني للواقعة، يشدد الإطار القانوني والتنظيمي المغربي على حماية كرامة التلاميذ وسلامتهم الجسدية والمعنوية، وينص على أنه لا يسمح بأي مساس بكرامة التلميذ ويجب أن يكون كيانه البدني والمعنوي محل احترام مطلق. كما يحظر كل عنف بدني أو معنوي يستهدف التلميذ صادر عن عضو من الجماعة التربوية. ويعد سحب ورقة الإمتحان قبل انقضاء المدة المحددة بغير حق مخالفة واضحة للأنظمة الداخلية التي تحدد إجراءات التعامل مع التلاميذ، حيث لا تقبل غيابات التلاميذ لأسباب صحية إلا بشهادة طبية، ولا يسمح باستئناف الدراسة حضوريا إلا بتبرير من ولي الأمر. وأي توقيف أو احتجاز للتلميذة خارج الأطر التأديبية المحددة، كالإحالة على المجلس التأديبي أو العقوبات البديلة المنصوص عليها، يعد تجاوزا صريحا للسلطة. أما الاستغلال السلطوي، فيتعارض بشكل مباشر مع مدونة السلوك المهني التي تلزم الموظفين بـالتقيد بمبادئ الإنصاف والمساواة وتكافؤ الفرص والنزاهة والشفافية والموضوعية والتعامل مع الجمهور باحترام ولباقة وحيادية. أي فرض عقوبات غير قانونية، أو التعامل المهين، أو استخدام التهديد، أو استخدام السلطة لأغراض شخصية، كلها أشكال للاستغلال السلطوي تعد خرقا جسيما للمبادئ الأخلاقية والمهنية.

يستند النظام التعليمي المغربي إلى مجموعة من القوانين والمراسيم، أبرزها القانون التوجيهي للتربية الوطنية، الذي يضع التلميذ في مركز اهتمامات السياسة التربوية. ومن بين الحقوق الأساسية للتلاميذ: الحق في الكرامة والسلامة الجسدية والمعنوية؛ الحق في التعلم والمساواة وتكافؤ الفرص؛ الحق في بيئة تعليمية آمنة؛ والحق في الحصول على المعلومات وآليات التظلم. وفي المقابل، يلتزم التلاميذ بواجبات مثل الالتزام بالنظام الداخلي، والمواظبة، والسلوك الأخلاقي والمسؤول، وحماية الممتلكات.

يمنح الأساتذة والإدارة سلطات لضبط النظام، إلا أنها مقيدة بمدونة سلوك مهني وأخلاقيات. حيث أن المدرس هو المسؤول الأول عن ضبط النظام داخل حجرة الدرس، بينما يتولى مدير المؤسسة مسؤولية سير المؤسسة مع احترام مبدأ الحيادية. وتشدد التطورات التنظيمية الحديثة، مثل المرسوم رقم 2.24.140 الصادر في فبراير 2024 بشأن النظام الأساسي الخاص بموظفي الوزارة، على توحيد المسارات المهنية وضمان تكافؤ الفرص، وضرورة وضع ميثاق لأخلاقيات المهنة لتحديد قواعد السلوك المهني. ويمنع على المدرسين إخراج التلاميذ والتلميذات من الفصل لأغراض شخصية أو إعطاء دروس خصوصية بمقابل لمتعلمي المؤسسات العمومية دون ترخيص. وأي خرق لهذه المبادئ يقوض الثقة في المدرسة العمومية.

تحدد الأنظمة الداخلية للمؤسسات التعليمية إجراءات تأديبية متدرجة، تشمل: الإنذار، سحب ورقة الامتحان، الإحالة على المجلس التأديبي (قد تصل العقوبات إلى الطرد أو الإحالة على القضاء)، والعقوبات البديلة للتوقيف المؤقت (منذ 2014) مثل تنظيف الساحة وأعمال البستنة. أما آليات الرقابة والتظلم، فتشمل دور المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية في تتبع وتقييم العمل التربوي، والبوابة الوطنية للشكايات (Chikaya.ma) التي توفر قناة رسمية لتلقي الشكاوى. وعند تقديم شكوى، تحال إلى المديرية المعنية للتحقيق، الذي يتضمن مراجعة الوثائق والاستماع إلى الأطراف. ويجب أن تبلغ الإدارة المشتكي بقرارها مع تبرير معلل.

إن مثل هذه الوقائع المزعومة تتجاوز التلميذة المعنية لتطال كامل البيئة التعليمية. يمكن أن تؤدي هذه التجربة إلى صدمة نفسية عميقة للتلميذة، وشعور بالظلم، والقلق، مما يؤثر سلبا على تحصيلها الدراسي وقد يدفعها إلى الانقطاع عن الدراسة. كما تساهم هذه الخروقات الا مسؤولة والضاربة عرض الحائط كل القوانين والمقتضيات التي سبق ذكرها، كما تساهم في تآكل ثقة أولياء الأمور والمجتمع في المدرسة كفضاء آمن وموثوق، مما يؤثر على سمعة المؤسسة والمنظومة التعليمية بأكملها. وتعد مثل هذه الممارسات السلبية داخل المدرسة من الأسباب الرئيسية لارتفاع نسب الهدر المدرسي، الذي يكلف المغرب أكثر من مليار دولار سنويا. فعلى الرغم من انخفاض عدد المنقطعين عن الدراسة بنسبة 12% مؤخرا، فإن حوادث كهذه يمكن أن تعكس هذا التقدم وتزيد من أعداد المتسربين.

ولذلك نقدم توصيات عاجلة وطويلة الأمد لضمان بيئة تعليمية آمنة وعادلة:

للإجراء الفوري:

فتح تحقيق إداري فوري وشفاف من قبل المديرية الإقليمية بفاس.

ضمان حماية التلميذة النفسية والجسدية وتقديم الدعم اللازم.

تطبيق الإجراءات التأديبية بحزم في حال ثبوت التجاوزات.

إبلاغ ولي أمر التلميذة رسميا بجميع مراحل التحقيق والقرارات.

لمراجعة السياسات والتنظيم:

إصدار مذكرات توضيحية مفصلة حول حدود السلطة التأديبية للأساتذة داخل الفصول الدراسية.

تعزيز وتعميم تطبيق العقوبات البديلة للتوقيف المؤقت.

تسريع عملية وضع وتعميم ميثاق أخلاقيات المهنة وتفعيل آليات المساءلة.

مراجعة الأنظمة الداخلية للمؤسسات لضمان توافقها مع التشريعات المنصوص عليها دستوريا.

للتدريب والتوعية:

تنظيم برامج تدريب مكثفة للأطر التربوية والإدارية حول حقوق التلاميذ والسلوك المهني.

إطلاق حملات توعية واسعة النطاق للطلاب وأولياء الأمور حول حقوقهم وآليات التظلم.

تفعيل دور مجالس المؤسسة وتدريب أعضائها على تطبيق الإجراءات التأديبية بعدل.

لتعزيز المساءلة:

تفعيل آليات الرقابة للمديريات الإقليمية وإجراء زيارات تفتيش دورية.

تطوير نظام تتبع فعال للشكاوى لضمان معالجة سريعة وشفافة.

تعزيز التعاون مع منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الطفل والتعليم.

تعد هذه الواقعة اختبارا حاسما لالتزام المنظومة التعليمية المغربية بمبادئ العدالة والشفافية. فالتعامل معها بجدية ومسؤولية ليس واجبا قانونيا فحسب، بل هو استثمار في مستقبل التعليم بالمغرب لضمان أن تظل المؤسسات التعليمية فضاء آمنا وداعما للتنمية الشاملة لجميع التلاميذ.

التعليقات مغلقة.