أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

وفاة “الحاجة فولا” أقوى محامية يهودية مناصرة للمعتقلين الفلسطينيين‎

محمد حميمداني.

فقدت الساحة الحقوقية و الإنسانية في العالم واحدة من أقوى أعمدة مناهضة الصهيونية و المعبرة عن معاناة الفلسطنيين داخل سجون الاحتلال ، و المرافعة الشرسة عن المعتقلين الفلسطنيين و المناصرة لقضاياهم ، في الستينات و السبعينات من القرن الماضي ، إنها المحامية التقدمية اليهودية “فيليتسيا لانغر” ، التي فارقت الحياة في ألمانيا ، و التي وصفت القضاء “الإسرائيلي” بعد انتقالها للعيش بألمانيا بالمهزلة ، و قد أطلق عليها المعتقلون الفلسطينيون لقب “الحاجة فولا” عرفانا منهم لمناصرة قضاياهم .

 

المحامية التقدمية اليهودية ذات الجنسية الألمانية ، و المدافعة الشرسة عن حقوق الإنسان “فيليتسيا لانغر” توفيت عن سن 87 سنة ، نتيجة إصابتها بمرض السرطان ، في أحد مستشفيات “توبينغن” بجنوب غرب ألمانيا ، و قد خاضت خلال الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي معارك حقوقية ضد محاكم الاحتلال الصهيوني ، و التي ووجهت بانتقادات في “إسرائيل” لدفاعها المستميت عن  المعتقلين الفلسطينيين .

 

ولدت “لانغر” سنة 1930 في “تارنوف” ببولونيا تحت اسم “فيليتسيا فايت” ، من أبوين يهوديين ، هاجرت سنة 1950 إلى دولة الاحتلال مع زوجها “ميتسيو لانغر” الناجي من معسكرات الاعتقال النازية ، و كانت تنتمي إلى اليسار الشيوعي ، و حصلت على شهادة في القانون من الجامعة العبرية سنة 1965 ، عملت لفترة قصيرة لمكتب للمحاماة في “تل أبيب” ، بعد حرب حزيران من سنة 1967 ، عبرت عن معارضتها للاحتلال “الإسرائيلي” للضفة الغربية و قطاع غزة ، و ذلك من خلال إنشاء مكتب خاص لها في القدس للدفاع عن المعتقلين السياسيين الفلسطينيين في سجون الاحتلال .

 

كرست “لانغر” حياتها للدفاع عن الفلسطينيين و عن رافضي الخدمة العسكرية أمام المحاكم “الإسرائيلية” ، كيف لا و هي التي عانت الاضطهاد النازي منذ نعومة أظافرها ، حيث قضى الجزء الأكبر من أفراد عائلتها في حملات النازيين ، قبل أن تنتقل سنة 1990 إلى ألمانيا مؤكدة أن النظام القضائي في “إسرائيل” أصبح “مهزلة” .

 

عبرت “لانغر” عن قناعاتها الفكرية من خلال رفضها الإقامة في دولة الاحتلال ، و خاضت معارك فكرية حول أحقية الفلسطينيين في دولتهم ، و حق حرية الأسرى من سجون الاحتلال ، فقررت مغادرة دولة الاحتلال و العودة الى ألمانيا .

 

سنة 2009 منحها الرئيس الألماني حينها “هورست كولر” وسام الصليب الفيدرالي لجمهورية ألمانيا الاتحادية ، و هو ما أثار ردا قويا حينها ، من طرف المجلس المركزي ليهود ألمانيا ، على الحكومة الألمانية ، لأنها كافأت شخصية عملت “باستمرار على شيطنة إسرائيل” ، حسب رأي المجلس .

 

خطت “فيليتسيا لانغر” عدة مقالات و كتب فكرية دونت فيها معاناة الأسرى الفلسطينيين الذين دافعت عنهم أمام المحاكم “الإسرائيلية” ، و كان الأسرى يسمونها “الحاجة فولا” ، و برزت ككاتبة و باحثة في الشأن الفلسطيني ، كما أصدرت عددا من الكتب ، كتابها الأول حمل عنوان “بأم عيني” ، الصادر في سبعينات القرن الماضي ، يعد أهم كتاب يؤرخ لحركة المقاومة الفلسطينية المبكرة بعد يونيو1967 ، فهي من نقل معاناة الأسرى الفلسطينيين و العرب إلى العالم ، و تعرضهم للتعذيب المميت ، من خلال التقرير الشهير الذي نشرته صحيفة “صنداي تايمز” اللندنية سنة 1977 ، و الذي أحدث حينها ضجة كبيرة  .

تقول “فيليتسيا” ، “عايشت بأم عيني سنوات الحكم العسكري للأراضي المحتلة ، هناك من يدعون أن الاحتلال إنساني و ليبرالي ، لكن ما رأيته يختلف تماما ، هناك قمع ، و سيطرة و سحق لإنسانية الإنسان” .

 

من مؤلفاتها : “بأم عيني” (1974) ، “هؤلاء إخواني” (1979) ، “من مفكرتي” (1980) ، “القصة التي كتبها الشعب” (1981) ، “عصر حجري” (1987) ، “الغضب و الأمل” (1993) ، “الظاهر و الحقيقة في فلسطين” (1999) ، “تقرير ميتسيو ، الشباب بين الغيتو و تيريزينشتادت” (1999) و “الانتفاضة الفلسطينية الجديدة” (2001) .

التعليقات مغلقة.