“وهبي” يبشر حرية التعبير كأساس دستوري بالاعتقال وسنوات الرصاص بدأت تطل عبر شطحاته
حرية التعبير في زمن "وهبي" و"البام"
بشر وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، كل من يمارس حقه في التعبير عن الرفض وعن المواقف ولا يحمل بطاقة المجلس الوطني للصحافة بالاعتقال، وعن بشرى إصلاح جنائي يزج بكل مغرد خارج السرب الحكومي بالسجن.
ليس غريبا أن يمارس وزير العدل، الذي فتح جبهات متعددة مع أطياف متنوعة من المجتمع، حربا على حرية التعبير عن الرأي، المعنى واضح ولا يحتاج إلى تفسير، لأن شرح الموضحات من المفضحات، فما يقع الآن من مؤامرات هي في العمق تستهدف حالة الرفض لكل أشكال الانتقاد والتعبير بالاحتجاج على القائم الساقط في التدبير المؤسساتي، وقتل للأداة الرقابية المستقلة عن التوجهات الرسمية الوحيدة المتبقية الناقلة لجراح الألم على طول خريطة الوطن، والناقلة لكل الجراح، والفاضحة لكل قلاع التلاعب بقضايا الناس والوطن، والدائدة عن حمى الوطن بوطنية لا تحتاج لرخص مرور “وهبي” ولا أمثاله.
إن حرية التعبير خط رسمي كوني عالمي غير قابل للمصادرة أو السطو بإحدى شطحات “وهبي” أو غيره من تحالفه المصلحي، فالصحافة لا تنتقل بين الدول وتحصد التعويضات عن رحلات لا تقدم فيها أي خدمة، وتاريخها يشهد بالتضحيات الجسام المقدمة، والاعتقالات التي لا زالت السجون شاهدة على أثارها القديمة والراهنة، تنزف جرحا وألما لرفعها صوت الرفض، تعبيرا حرا صادقا، لا كما يريده “وهبي” خادما للسلطة بكل أنواعها.
صوتا وطنيا دائدا عن الربى وعن الأوكار والوطن وعن وحدته الترابية وسلامة أراضيه بقوة وصدق لا يحتاج فيها إلى درس من أحد، والأخلاقيات يعرفها المبدع الذي يهيم في فضاءات الإنتاج الإبداعي حرا في فضاء لا يشوبه تلوث فكري ولا مذهبي ولا سياسي، لا سلطة فيه إلا للقلم وما يخطه، وللعقل والقلب والروح وما يعتصره.
والحرية خط شعبي ووطني أحمر لا تنازل عنه، لأن المعنى في هاته الحالة هو رهن الوطن للفساد والمفسدين، وجعل سياطة تطال العقول بعد أن طالت الجيوب.
اعتقدنا خطأ أن سنوات الرصاص قد ولت، لكنها في الحقيقة كانت متسترة تنتظر لحظة الانقضاض المواتية على الطريدة المسماة الحرية، والتي لا يمكن لأي وطني حر أن يتنازل عنها، لأنها رأسماله الوحيد المتبقي في فناء العهر والسقوط والانحدار.
نقول ل”هبي” لا تركب المخاطر، وتمتطي على صهوة خربشات من عديمي الضمير المهني والباحثين عن “البوز” لتصفي القضية، وتحاول تزكية الوهم عبر سياسة الأمير الميكيافيلية، فلن تستطيع بالمطلق أن تكون الثعلب في المكر، وتحاول تحقيق إجماع وهمي تحت دعاوى “الكرامة الفردية” وأنت تطيح بالكرامة الجماعية التي تدوس عليها صباح مساء في كل خرجاتك والتي أخرجت المحامين كما القضاة للاحتجاج على حماقاتك.
المغرب بعطاء رجالاته وما حققوه من مسيرة كبرى وإجماع بين العرش والشعب، كما تجلى في ملحمة المونديال والخروج الملكي للاحتفال مع الشعب، والاستقبال الملكي للرياضيين وأسرهم، كلها صور لعظمة أمة ووحدة إرادة في البناء، لا خربشات عنترية تصارع من أجل تحقيق الأحلام الوردية التي لم يكن ذوو الشأن الآن يحلمون بها.
إن ما يقع هو تعد على الدستور وعلى سموه، وهو لا يختلف عن قرار “طالبان” أفغانستان بمنع المرأة من التعلم، بمبرر الشريعة وما تقتضيه، كما أن ما يحصل هو البحث عن كل المبررات لضرب حرية التعبير بمنطق الفقيه الذي وضع نفسه وصيا على الأمة وعلى الدستور الذي هو القانون الأسمى في البلاد.
جميل جدا أن يطل السيد الوزير من خلال جلسة الأسئلة الشفهية، بمجلس النواب، يومه الاثنين، ويعتبر أن كرامة الإنسان و حياته الحميمية مقدسة ولا يجوز المساس بها، لكننا ننقل للسيد الوزير أسئلة حارقة، ألم تر من كرامة الإنسان سوى ما رأيت؟ ألم تر الفقر والفقراء في البلاد، ألم تر البطالة والعطالة وقلة الزاد والحيلة للاستمرار؟، ألم تر القتل الاقتصادي ورهن المواطن البسيط بسوق أسعار اشتعلت ولم يكن لك سلطة على إخماد لهيب شراررتها التي أدمت الجيوب، والقلوب، ألم تر … ألم تر…، كفى من الضحك على الذقون وتقديم قرابين لآلهة الجشع والقتل الاقتصادي بمنع آخر إمكانية ممكنة للتعبير عن الحياة وهو التعبير عن الرفض لكل أشكال القتل المتحركة.
التعليقات مغلقة.