يتواصل تنزيل ورش الحماية الاجتماعية الذي يعكس حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس على ولوج عادل للخدمات الطبية والاجتماعية،
يتواصل تنزيل ورش الحماية الاجتماعية الذي يعكس حرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس على ولوج عادل للخدمات الطبية والاجتماعية، وذلك وفق تصور يشرك كافة الفرقاء في الجهود الحثيثة المبذولة على هذا المستوى.
ويعد هذا المشروع المجتمعي إحدى دعامات نموذج الدولة الاجتماعية الذي باتت معالمه تتشكل منذ الأزمة الصحية العالمية. ويروم إرساء منظومة تضامنية إجبارية تحقق الحماية للجميع وتيسر ولوجهم إلى الخدمات الاجتماعية والصحية على نحو متكافئ، وتضمن رعاية صحية مستدامة للجميع ضد الأمراض والمخاطر الصحية بمختلف أنواعها.
كما يروم الورش استدراك التأخر الهيكلي في هذا المجال، لاسيما ما يتعلق بالبنيات الاستشفائية والأطر الصحية وتطوير قدرات إنتاج الأدوية واللقاحات والمستلزمات الطبية الأساسية، وذلك استنادا إلى مضامين القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية.
ويتم في هذا المسار الإصلاحي، الاعتماد على آليات الاحتياط الجماعي التي تتوخى تلافي التداعيات المالية المترتبة عن المخاطر الاجتماعية، لا سيما من خلال التأمين الاجتماعي والمساعدة الاجتماعية، ودعم القدرة الشرائية للأسر، وتعميم التأمين الصحي الإجباري، إلى جانب تفعيل الآليات المتعلقة بتيسير الولوج إلى الدعم الاجتماعي.
وقد تسارعت وتيرة تفعيل المحاور الأساسية لهذا الورش على أرض الواقع، سواء تعلق الأمر بالتغطية الصحية الإجبارية، أو AMO تضامن، أو السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، فضلا عن تعزيز البنيات التحتية الاستشفائية بعدة أقطاب طبية جهوية.
ومن ثمار هذا الإنجاز على مستوى التغطية الصحية، استفاد حوالي 5 ملايين شخص من المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء من التغطية الصحية إلى حدود أبريل المنصرم.
أما بالنسبة للأشخاص غير القادرين على تحمل واجبات الاشتراك والخاضعين سابقا إلى نظام المساعدة الطبية، فقد تم فتح باب الاستفادة من نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض الخاص بهذه الفئة ابتداء من فاتح دجنبر 2022 إلى غاية أبريل، وبلغ عدد المستفيدين 9.6 ملايين مؤمن، بما في ذلك ذوي الحقوق.
ويبلغ إجمالي تحملات الدولة لاشتراكات هذه الفئة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي 9.5 مليار درهم.
وبخصوص الخدمات المقدمة لهذه الفئة بالقطاع الخاص، والتي تكفل بها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي منذ انطلاق الاستفادة من هذا النظام في فاتح دجنبر 2022 وإلى غاية 10 أبريل من السنة الجارية، فقد بلغ عدد الملفات التي تم إيداعها 680 ألف ملف، منها 480 ألفا تتعلق بطلبات التعويض، و40 ألف ملف تهم طلبات التكفل بمصاريف العلاج التي تتعلق، أساسا، بالأمراض المكلفة والمزمنة، و160 ألف ملف للعلاج بالمستشفيات العمومية.
وعلاوة على ذلك، تم توسيع شبكة وكالات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي التي يبلغ عددها حاليا 156 وكالة، منها 47 جديدة، إضافة إلى 55 وكالة متنقلة، من بينها 45 وكالة جديدة، وكذا تطوير شراكات مع شبكات القرب حيث تتوفر حاليا 2006 نقط اتصال لاستقبال ملفات التأمين الإجباري عن المرض و6677 نقطة اتصال من أجل تسجيل العمال غير الأجراء.
من جهة أخرى، يأتي السجل الوطني للسكان والسجل الاجتماعي الموحد، وهما آليتين لتجميع أنظمة المساعدة الاجتماعية ، والإجراءات العملية لتعميم نظام المساعدة الاجتماعية، من أجل ضمان الولوج السهل إلى برامج الدعم الاجتماعي وتعزيز فعاليتها، وتسهيل تحديد واستهداف المستفيدين.
وقد سجل تعميم السجلين وانتشارهما في جميع جهات المملكة معدل إنجاز متقدم للغاية، وتمضي عملية التسجيل في ظروف جيدة.
وهكذا، تم إلى غاية منتصف ماي 2023، تسجيل أكثر من 9 ملايين شخص في السجل الوطني للسكان من أصل 10 ملايين شخص مستهدف، أي 90 في المائة من الهدف المحدد، في حين تم تسجيل أكثر من 1.8 مليون أسرة ضمن السجل الاجتماعي الموحد، ما يمثل أكثر من 51 في المائة من الهدف المحدد بالنسبة للسنة الجارية.
وفي ما يتعلق بالوسائل المتاحة لإنجاح هذه العملية الكبرى، تم افتتاح 1630 مركزا لخدمة المواطنين بين نهاية دجنبر 2022 وبداية يناير 2023 وهي تعمل إلى غاية الآن، وتمت تعبئة أكثر من 5200 إطار/موظف.
وبما أن مردودية وأثر هذا الإصلاح الجذري على المستوى الميداني تستلزم وجود بنية استشفائية قادرة على مواكبة هذا التحول الاجتماعي، فقد انخرط المغرب في توجه استراتيجي يقوم على تطوير هذه البنيات من أجل تعزيز ولوج الساكنة للخدمات الصحية في أفضل الظروف.
في هذا الصدد، يعتبر المركز الاستشفائي الجامعي “محمد السادس” بطنجة، الذي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس على تدشينه متم أبريل الماضي، لبنة جديدة في عملية تطوير وتحديث منظومة الصحة الوطنية، كما يقدم دعما كبيرا للجهود الرامية إلى تعزيز وتحسين خدمات الرعاية الصحية وتقريبها من المواطنين.
ويعد هذا المركز الاستشفائي، الذي توج بجائزة Archdaily Awards 2023 في فئة “الرعاية الصحية”، مجمعا استشفائيا-جامعيا، يتألف من العديد من الأقطاب والمنصات الطبية-التقنية، ومزودا بآخر التكنولوجيات المتطورة في الرعاية الطبية والصحية، ومصمما في شكل هندسي مستدام يجمع بين الأصالة والمعاصرة.
ويتموقع المركز الاستشفائي الجامعي لطنجة، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 797 سريرا، بقلب منظومة صحية بامتياز، على قطعة أرضية تبلغ مساحتها 23 هكتارا (منها 110 ألف متر مربع مغطاة)، حيث تم إنجازه على يد كفاءات مغربية خالصة (100 بالمائة) وإدارة مفوضة للمشروع من طرف الوكالة الوطنية للتجهيزات العامة.
ويقع هذا الصرح الاستشفائي الجامعي الجديد بمحاذاة المركز الجهوي للانكولوجيا، وعلى مقربة من المعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، كما توجد كلية الطب والصيدلة بشماله الشرقي. وسيقدم علاجات من المستوى الثالث وخدمات طبية من المستوى الثاني. وفي هذا الإطار يقدم المركز خدمات طبية وجراحية شائعة ومتخصصة في المستعجلات و/أو مبرمجة.
ويؤمن المركز الاستشفائي الجامعي بطنجة هذه المهمة بشراكة مع كليات الطب والصيدلة، والمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة ومؤسسات تعليمية عمومية أو خصوصية. وفي هذا الصدد، يساهم في التدريس الاستشفائي الجامعي وبعد -الجامعي الطبي والصيدلي، ويشارك في التكوين التطبيقي للممرضين وتقنيي الصحة. كما يؤمن مهام العلاجات والتكوين والبحث العلمي والابتكار والتطوير، والصحة العمومية.
وعلى صعيد متصل، يعتبر مشروع إنجاز المستشفى الجديد “ابن سينا” بالرباط، الذي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس، انطلاقة أشغال بنائه، شهر ماي المنصرم، بنية علاجية من الجيل الجديد تتوخى تعزيز العرض الصحي بجهة الرباط – سلا – القنيطرة.
ويعكس هذا المشروع العزم الأكيد على مواصلة إصلاح منظومة صحية وطنية، قادرة على الاستجابة لمتطلبات إنجاح الورش الاجتماعي الكبير المتعلق بالحماية الاجتماعية.
وسيمكن هذا المجمع الاستشفائي المستقبلي، الذي ستبلغ قدرته الاستيعابية 1044 سريرا، من ضمان مزيد من التكامل في الخريطة الصحية على مستوى جهة الرباط-سلا-القنيطرة، مع إعادة إعطاء مستشفى ابن سينا الذي تم تشييده سنة 1954، المكانة التاريخية التي كان يشغلها، كمشتل للكفاءات وبنية للبحث الطبي ذات بعد وطني.
ويأتي هذا المشروع، الذي سيتم إنجازه في أجل 48 شهرا، لتعزيز عرض العلاجات على مستوى جهة الرباط-سلا-القنيطرة الذي يشتمل حاليا على مستشفيات جامعية وإقليمية، بقدرة سريرية تبلغ 4433 سريرا (173 سرير منها 126 تابعة للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا). وسترتفع هذه القدرة إلى 5049 سريرا في نهاية 2022 مع انطلاق 7 مشاريع استشفائية في تقديم الخدمات (توجد حاليا في طور الإنهاء).
وسيتم تشييده على بقعة أرضية تبلغ مساحتها الإجمالية 11,4 هكتارا، بهندسة عصرية وبعرض علاجي متميز وإدماج للتكنولوجيات المتطورة في المجال، بما يمكن من الاستجابة للاحتياجات الحالية والمستقبلية للمدينة.
ويوجد مركزان استشفائيان جامعيان آخران في طور الإنجاز بكل من أكادير والعيون، فيما تمت برمجة ثلاثة مراكز استشفائية جامعية أخرى بكل من مدن الرشيدية وبني ملال وكلميم.
بالموازاة مع ذلك، سيتم إنجاز مركب استشفائي جامعي بتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس على مستوى جهة الداخلة-واد الذهب في إطار شراكة بين الدولة وجامعة محمد السادس لعلوم الصحة والمستشفى الجامعي الدولي محمد السادس.
وعلى هذا المنوال، يتواصل تنزيل ركائز إصلاح المنظومة الصحية الوطنية عبر اعتماد حكامة جديدة تتوخى تقوية آليات التقنين وضبط عمل الفاعلين، وتثمين الموارد البشرية، من خلال إحداث قانون الوظيفة الصحية، وتأهيل العرض الصحي، بما يستجيب لانتظارات المغاربة، بغية تيسير الولوج للخدمات الطبية والرفع من جودتها، فضلا عن رقمنة المنظومة الصحية الوطنية، وذلك عبر إحداث منظومة معلوماتية مندمجة لتجميع ومعالجة واستغلال كافة المعلومات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية.
التعليقات مغلقة.