د/ موفق السباعي
هذا! مجرد إعلان إلى العقلاء الواعين، المتنورين! ومجرد إنباء إلى المفكرين الناضجين، ذوي البصيرة الثاقبة، والنظرة البعيدة، والرؤية القوية!
إنه! مجرد إخبار إلى السياسيين، والنشطاء الفاعلين! وإلى الإعلاميين المؤثرين! وإلى جميع القنوات التلفازية الحرة المستقلة، ورجالاتها الشجعان، والعاملين الصادقين فيها، ذوي الجرأة، والحمية،الذين يقولون الحق بكل قوة وعنفوان، ولا يخافون في الله لومة لائم.
ومجرد إعلام إلى القانونيين، والمحامين، والقضاة! ومجرد إبلاغ إلى النشامى، وأهل النجدة، والشرف! وإلى أصحاب قنوات اليوتيوب المبرزين الذين يتبعونهم الملايين والذين يمتلكون النخوة ومشاعر الرحمة الفياضة.
ومجرد إطلاع إلى الأحرار، وأهل المروءة، والكرم! ومجرد إظهار إلى الغيارى على الحرمات، وأعراض المسلمين!
ومجرد إنذار إلى كل من فيه شهامة، وعزة، وكرامة، وسيادة! ومجرد تبيان لكل من له قلب ينبض بالمشاعر والعواطف الفياضة، أو ألقى السمع وهو شهيد!
طالما! أنه يبدو بجلاء، ووضوح.. أن معظم السوريين – إلا قليلاً جداً منهم – لا يريدون تحرير سوريا من الأسد وأعوانه بشكل جدي.. إلا بالطرق المتهافتة، والأساليب السمجة المكرورة المبتذلة الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع مثل: الصراخ، والردح، والندب، ولعن روح حافظ الأسد.
وكذلك فإن الذين يحملون السلاح! قد تثاقلوا إلى الأرض والتصقوا بترابها وطينها الآسن ولا يريدون التحرير.. لأنهم أصبحوا حراساً لطواغيتهم، وأصبحوا أداة قمع لكل حر ينتقد أسيادهم.
لنترك الآن! تحرير سوريا جانباً – لأن الجميعَ تقريباً؛ أقلُ شأناً، وأهزلُ، وأضعفُ، وأهونُ من القدرة على التحرير.. فهم مشغولون بفتح المطاعم، والمحلات التجارية، وحصد مليارات الدولارات منها.. فلن يضحوا بها، لأجل عيون سوريا –
التحريرُ! يحتاج إلى رجالٍ أقوياء، ذوي بأس شديد، وذوي قلوب جسورة، لا تهاب العدا.. وهؤلاء الرجالُ قد ماتوا.
ولم يبقَ في الساحة، إلا أفراخٌ، وصيصانٌ.. يسرحون، ويتمتعون، ويزقزقون، ويتنطنطون، ويبحثون في التراب والطين، عن ذرات يُشبعون بها نهمهم!
اتركوا التحرير الآن للأجيال القادمة.
وتعالوا على الأقل! لنقوم جميعاً بحملة كبيرة إعلامية، وقانونية، وسياسية دولية، وإنسانية، وإغاثية، واستنباط طرق مفيدة، وفعالة، ومؤثرة مثل: عمل هاشتاغات، وترندات وأخواتها، والقيام بالتواصل مع منظمات عالمية.. تهتم بالنواحي الإنسانية وغيرها؛ لإطلاق سراح النساء والأطفال البرآء على الأقل، من سجون الأسد، مع الإيحاء لهم – كتورية، وتقية – بأنه لم يعد يهم زوال الأسد الآن.. فليبقى إلى ما شاء الله.. ولكن المهم! تحرير هؤلاء النساء، والأطفال المسجونين، ظلماً، وعدواناً.
ويمكن للذين يعيشون في البلاد الأوروبية، والأمريكية، أن يكون لهم دورٌ فعالٌ ومهمٌ جداً، وذو تأثيرٍ كبيرٍ في التواصل مع الأحزاب، ومع الجماعات التي تتعاطف مع القضايا الإنسانية.
وأن يشرحوا للملأ الغربي بأجمعه، ويبينوا بالصوت والصورة.. حجم المآسي الكبيرة، والمعاناة الشديدة، والمصائب الفائقة التصور، التي يتعرض لها السجناء، والسجينات في سجون الأسد الوحشية.. من تعذيبٍ، واغتصابٍ، واستهانةٍ بحرمة الإنسان، والمتدنية جداً في الخدمات، والتي هي أسوأ من جحور الفئران.
ولتكن قدوتكم وأسوتكم على الأقل! كرام رجالات قريش، الذين ثاروا على صحيفة مقاطعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وآل هاشم.. وتمردوا عليها، فقاموا بحملة قوية لتمزيق تلك الصحيفة الظالمة.
وفعلاً! استطاعوا إلغاء المقاطعة، التي استمرت ثلاث سنوات عجاف، وخرج المسلمون وبنو هاشم من شعب أبي طالب، ورجعوا إلى حياتهم الطبيعية، بعد أن ذاقوا من الحصار، والمقاطعة الاقتصادية، والاجتماعية.. الأمرين، وعانوا من الفقر، والجوع، والحرمان.. الشيء الكثير. حتى أنهم من شدة الفاقة؛ كانوا يأكلون أوراق الشجر.
يقول سعد بن أبي وقاص: < خرجت ذات يوم ونحن في الشعب لأقضي حاجتي فسمعت قعقعة تحت البول، فإذا هي قطعة من جلد بعير يابسة، فأخذتها فغسلتها، ثم أحرقتها ثم رضضتها، وسففتها بالماء فتقويت بها ثلاث ليال>.
ألا يوجد فيكم من لديه الشهامة، والمروءة، والنجدة، والحمية، والإباء، مثل كفار قريش على الأقل، لإنقاذ هؤلاء النسوة والأطفال، من براثن جلادي بشار اللعين؟!
وإن لم تستجيبوا لهذه الصرخة القلبية..
فاعلموا أن اللهَ سيلعنكم، والتاريخَ سيلعنكم، والسجناءَ سيلعنونكم، والأجيالَ القادمة ستلعنكم، والضحايا سيلعنونكم، والدماءَ الطاهرة النازفة على كل شبر من أرض سوريا، ستلعنكم، والترابَ المعجون بالدماء الزكية، سيلعنكم، والهواءَ سيلعنكم.
واللعناتُ ستلاحقكم، وتطاردكم في نومكم، ويقظتكم.. ولن تنفعَكم أموالُكم، ولا صلاتُكم، ولا عبادتُكم، ولا دروسُ العلم، ولا حلقاتُ الذكر التي تجتمعون حولها.. (یَوۡمَ ٱلۡقِیَـاٰمَةِ یَفۡصِلُ بَیۡنَكُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرࣱ).
كلُ هؤلاء! سيكونون شهداءَ عليكم، وضدَكم.. بأنكم خنتم الأمانة، وتركتم العذارى المسلمات في أقبية السجون، يُغتصبن، ويُعذبن، ويلدن أطفال الزنى في السجون.. وأنتم تتكاثرون بالأموال، والأولاد، والضياع، والدور.
بينما المعتصمُ! لأجل امرأة مسلمة واحدة، لمجرد أنه تم سبُّها وشتمُها من علوج الروم.. أطلق جيشاً عرمرماً للانتقام، والثأر لشرفها.
التعليقات مغلقة.