من المسردية إلى مسرح اللحظة: الأديب الجزائري عزالدين جلاوجي يقدم تجربة جديدة ركحا وكتابة

قبل سنتين أطلق الأديب الجزائري عزالدين جلاوجي مشروعا جديدا في كتابة المسرح، أطلق عليه اسم المسردية، وهو مصطلح نحته من كلمتين هما: سرد+مسرح، أسس به لشكل جديد في كتابة المسرح بطعم السرد، مما يجعل النص بصريا سردا، يستفيد من تقنيات الوصف والسرد، ويتمرد على الإرشادات الإخراجية التي عادة ما تعيق قراءة النص، وتحصر وظيفته في الخشبة، طبعا دون أن يفقد ابن الفنون المدلل كما يسميه خاصية التمسرح، بمعنى أن كل مشتغل على الخشبة يمكن أن يأخذ النص بيسر إلى التجسيد على الركح.

وقد لقي الوليد الجديد احتفاء كبيرا من النقاد والباحثين فتفاعلوا معه، مصطلحا وتنظيرا ونصا، علما أن الأديب قد قدم للساحة ثمانية مسرديات منها أحلام الغول الكبير، والبحث عن الشمس، والأقنعة المثقوبة، وهستيريا الدم، وغنائية الحب والدم، وغيرها، وقدم لها بتوطئة نظرية تعرف بتجربته الجديدة، وفي الجزائر وربما في دول عربية أخرى نوقشت كثير من الرسائل الجامعية طبقت عن هذه النصوص، وقاربت هذا الشكل الجديد من الكتابات.

في اجتهاد جديد أصدر الأديب جهدا جديدا محمودا، أسماه “مسرح اللحظة/ مسرديات قصيرة جدا” قدم فيها خمسية عشر نصا  قصيرا لا يتجاوز كل منها الخمس صفحات، طرح فيها قضايا تخص الإنسان والحياة، كالحنين والزمان والمكان والعلاقات الإنسانية، وكما يمكن لهذه النصوص أن تقرأ لأنها مطعمة بالسرد ولذا سماها مسرديات قصيرة جدا، وهي شكل جديد في الكتابة قد يقتفي أثره الكتاب والأدباء، فإنه أيضا سماه مسرح اللحظة وهو أيضا مصطلح جديد يؤسس لشكل جديد من المسرح، حاول الأديب في مقدمته النظرية أن يحدد بعض ملامحه، منها مثلا أنه يتصف بالتكثيف في اللغة والحدث والشخصيات التي لا تتجاوز غالبا الثلاثة تقدم في مشهد واحد قد لا يتجاوز عرضه الربع ساعة لذا سمي “مسرح اللحظة، وهو يتجاوز الخشبة فيمكن أن يقدم في أي مكان، الشوارع المقاهي الجامعات المعابد وحتى الطائرات والقطارات، وكل تجمع بشري، وقد جاء في كلمة الأديب مطلع كتابه، رابطا تجربته الجديدة بالحياة قوله:”وبمثل ما إن الحياة كلها هي مسرحية كبرى، فإن كل لحظة فيها يمكن أن تكون مسرحية أيضا،… إن الإنسان يفكر ويحلم ويندفع للفعل، وهو حينما يفعل فإنما هو يمسرح أحلامه وأفكاره، وقد تقول اللحظة واللحظات القليلة ما لا يمكن أن تقوله الأزمنة الطويلة، كأن هذه مضغوطة في تلك، وكأن لا بلاغة إلا في الإيجاز على حد قول أسلافنا.

علما أن الدكتور عزالدين جلاوجي الذي يشتغل أستاذا جامعيا، يخوض غمار التجريب الأدبي عبر كل ما صدر له والذي بلغ أكثر من ثلاثين كتابا، في فنون مختلفة، النقد والرواية والمسرحية/ المسردية، والقصة والكتابة للطفل مسرحا وقصة، وهو في كل ذلك يرسم عالمه الخاص الذي يتميز به انطلاقا من اعتماده اللغة الشعرية واستلهام التراث والتنويع في الفنون والغزارة في الإنتاج ومعانقة الهم الإنساني العالمي.

التعليقات مغلقة.