آراء محذرة من ارتفاع الهدر الغذائي في رمضان

يؤشر تزايد منسوب النفايات المنزلية خلال رمضان بتنامي حجم اقتناء الأسر على تطور الهدر الغذائي ، إذ تمثل الأغذية نسبة مهمة من هذه المخلفات، وهو ما كان موضوع نشرة جديدة للمنظمة العالمية للزراعة والتغذية «فاو»، حذرت فيها من خطورة «الفقد والهدر الغذائي» عبر العالم، خصوصا في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، التي ينتمي إليها المغرب.

وذكرت المنظمة بنتائج تقرير خاص حول الهدر الغذائي، أظهر رمي المغاربة ما قيمته 50 دولارا من الأغذية في القمامة، أي حوالي 500 درهم، الأمر يتعلق بتخلص حوالي نصف الأسر (45.1 %)، من أغذية تتراوح قيمتها بين ستة دولارات و51 دولارا شهريا، خصوصا خلال رمضان، علما أن 84.8 % من الأسر تتخلص من جزء مهم من أغذيتها دون استهلاكها ، مسؤولون في منظمة الأمم المتحدة للغذاء والزراعة “فاو” أوضحوا أن الفرد الواحد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يقوم بهدر 250 كيلوغراماً من الطعام الصالح للأكل سنويا، ويزداد المعدل بشكل خاص في شهر رمضان.

الهدر الحاصل في الطعام دفع الحكومات في بعض البلدان والمدن العربية مثل البحرين ودبي، كما ورد في بعض الصحف المحلية، إلى الإعلان عن زيادة أعداد وساعات عمل عمال النظافة خلال شهر رمضان للتعامل مع ارتفاع نسب النفايات الغذائية والحفاظ على سلامة ونظافة الشوارع

، وتهم الأغذية المهدورة أساسا من خلال معاينة ميدانية، الحبوب والخبز ومشتقاته البطبوط والمسمن ، وكذا بقايا الحلويات، إضافة إلى اللحوم والأسماك، والفواكه والخضر.. لذلكفترتبط عادات الاستهلاك والشراء المبالغ فيه أحيانا للمنتجات الغذائية في رمضان ارتباطا وثيقا بارتفاع أسعار هذه المنتجات ..

نبض الأسواق

يلاحظ خلال جولة رمضانية في الأسواق، تنامي الإقبال على المنتوجات الطازجة والجاهزة للاستهلاك، خصوصا ما يتعلق بالفطائر وأنواع المعجنات المختلفة، الضرورية لتحضير مائدة الإفطار ، في ذات السياق يلاحظ أصحاب محلات البيع بأن باقتناء أغلب المتبضعين لكميات تفوق حاجياتهم، سرعان ما يتخلصون منها في اليوم الموالي، من أجل العودة لشراء كميات أخرى.

وبهذا الخصوص، تتحدث عائشة ، ربة بيت، عن اضطرارها رمي كميات كبيرة من الخبز والفطائر والحلويات غير المستهلكة كل صباح، مؤكدة أن أسرتها لا تستطيع استهلاك كميات كبيرة يتم تحضيرها يوميا في وجبة الإفطار، مستدركة بالقول، «عيينا ولكن العين كتأكل قبل من الفم .. والشهيوات كتغلبنا »، بما يؤكد ارتباك مخططات استهلاك الأسر خلال رمضان، فيما يعتبر جمال، مقاول، أن تنوع الأطباق المعروضة على المائدة ووجود كميات كبيرة من الأطعمة، يشعره بالرضا على نعم الله ، مشددا على أهمية تناول الطعام بشكل جماعي، إذ يحسن أن تنظم الأسر الكبيرة وجبات إفطار مشتركة، لغاية تقليص التكاليف والتهام الطعام حتى لا يجد طريقه إلى القمامة كل يوم.

وفي ظل عدم توفر إحصائيات محلية دقيقة، ضمن دراسات المندوبية السامية للتخطيط حول معدل هدر المواد الاستهلاكية و استهلاك ونفقات الأسر، يؤكد حسن، عامل نظافة، تنامي حجم مخلفات المواد الغذائية خلال رمضان، معلقا بسخط “حرام الأكل يضيع والمحتاج معندوش”، موضحا أن أكياسا ورقية وأخرى بلاستيكية خاصة بجمع القمامة، تنضح بما تحمله من بقايا إفطار أو سحور، تؤثث جنبات الشوارع والأزقة كل صباح، في الوقت الذي يعاني فيه آلاف المشردين من الجوع.

ويواجه المغاربة مشاكل خلال الاستهلاك في رمضان، إذ يوضح سعيد اللبار، “كوتش” متخصص في التنمية الذاتية والتربوية، أن مجموعة من الممارسات الخاطئة تطبع سلوك المستهلكين، إذ يعمدون إلى الإفراط في التبضع والإعداد لمناسبة ستدوم فترة قصيرة فقط، ما يتسبب في هدر المواد الغذائية، خصوصا سريعة التلف ، كما لا يدخر أخصائيو التغذية أي جهد في تنبيه المستهلكين الى نظامهم الغذائي والحرص على توازنه سواء في الشهر الفضيل أو في الأيام الأخرى .

عقلنة الاستهلاك في نظر الدين

يفترض بالأسر التقيد بمجموعة من النصائح لعقلنة الاستهلاك خلال رمضان، منها ضرورة التعرف على حجم استهلاك الأسرة، قبل اتخاذ قرار الشراء، لذا ينصح بإعداد جداول توثق الاستهلاك اليومي والأسبوعي، وقوائم للمشتريات، على أساس تحيينها بشكل دوري، لغاية الاستقرار حول متوسط الاستهلاك الذي لا يتعين تجاوزه، ما يوفر اقتصادا في النفقات ويجنب الأسر الهدر الغذائي.

من وجهة نظر حكم الإسلام في الإسراف والتبذير في رمضان وفي غيره ، يقول الأستاذ العربي الكتاني ، عضو المجلس العلمي بالرباط : ” من المؤسف أن يجتهد بعض النّاس في تحضير أنفسهم بشراء أنواع وأصناف وأشكال من الأطعمة والمأكولات اعتقادًا منهم أنّ رمضان مجرد امتناع عن الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس وكفى، فيعوّضون ما لم يأكلوه طول النهار بكثرة الأكل والشرب بعد المغرب، ما يعني أنه ينبغي على المؤمن ألا يفرط في الأكل ، على اعتبار أن الإفراط في الأكل وفي الطبخ أيّام رمضان هو تبذير وإسراف محرّم في الإسلام، قال تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تُسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين} الأعراف:31، وقال: {وآتِ ذا القُربى حقَّه والمسكين وابن السّبيل ولا تُبذّر تبذيرًا * إنّ المُبذِّرين كانوا إخوانَ الشّياطين} الإسراء:26-27، فكيف للمؤمن أن يحط نفسه إلى أسفل الدّركات؟!!
إنّما أحكام الإسلام تدعو إلى الاعتدال والوسطية في كلّ شيء، قال تعالى: {وكذلك جعلناكم أمَّةً وسَطًا} البقرة: 143.
وليعلم العبد الذي لم يشكر نعمة الله عليه، حيث رزقه الطعام والشراب ولم يحسن استعماله كوسيلة تقرّبه إلى عبادة ربّه جلّ وعَلا أنّ إخوانه الفقراء لا يجدون ما يبلون به رمقهم عند الإفطار، ولنا في رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الأسوة الحسنة، حيث كان أجود النّاس وأجود ما يكون في رمضان ” .

هدر الطعام في رمضان… كيف نتجنبه؟

أحد أسباب ارتفاع نسبة الهدر خلال شهر رمضان هو المآدب والعزائم الرمضانية، حيث يقوم أصحاب البيت بتحضير كميات كبيرة من الطعام تفوق قدرة الضيوف على الأكل، ومن ثم يتم إلقاء الطعام المتبقي في القمامة!

لكن في الولايات المتحدة الأمريكية، هناك تطبيق إلكتروني يعمل على حل مشكلة هدر الطعام لاسيما خلال المآدب والعزائم… فرح يسري مراسلة إكسترا في الولايات المتحدة تطلعنا على ذلك في التقرير التالي..

التعليقات مغلقة.