لماذا باع أبي الحمار؟

يوسف توفيق

في عملي السابق، اذكر ان احد الموظفين تأخر عن العمل، وعندما ساله المدير عن السبب ، اجاب الموظف بأن مشكلة في المواصلات حالت دون وصوله في الوقت. بعد دقائق، توصل المدير بمساعدة اصحاب الحسنات الى ان الموظف يأتي الى العمل مستقلا حمارا يربطه امام المؤسسة بعد ان يترك بجانبه بعض التبن والحشائش!!

لو كان لكل مواطن حمار يركبه من اجل الذهاب الى عمله، ما وصل ثمن البنزين الى ما وصل اليه، ولانتعشت تجارة القمح والعلف والتبن وازدهرت صناعة البرادع والخرج والصفائح المعدنية، ولما اختنق المواطنون بالديون، ولرحمنا هذه البيئة من انبعاث كل هذه الغازات الخانقة، ولما اضطررنا لعقد تلك المؤتمرات السخيفة عن الاحتباس الحراري.

الحمار مخلوق ذكي ووديع ..يوصلك الى مقر العمل بكل دقة لأن لديه جهاز جي بي اس فطري اودعه فيه الخالق اذكى من اي جهاز رقمي في العالم، وهو صديق للبيئة لا يطرح اوكسيد الكربون ولا اوكسيد الكبريت و لا تنبعث منه الا بعض الغازات اللطيفة والفضلات التي يمكن ان تصلح كسماد مفيد للارض.

الحمار لا يحتاج ان تؤدي عنه ضريبة ولا يحتاج الى فحص تقني كما ان صيانته لا تكلف كثيرا من المال، يكفي ان تفكتره بين الحين والاخر بحمارة تؤنس وحدته، فيكون بمثابة فيدونج بيو يستبدل عبره الزيوت الفاسدة ويجعله يمشي بكل خفة ورشاقة.

عندما تركب الحمار تتذكر حمار الحكيم وحمار ابوليوس الذهبي، كما تتذكر بعنف نوستالجي ذلك الحمار الذي كان يربطه ابونا عند باب الدار…وذلك السؤال الميتافيزيقي الذي يلخص ازمة الوجود..لماذا باع ابي الحمار؟؟؟

التعليقات مغلقة.