وداعا مارينال سن الحياة..

عبد الاله الجوهري

عن سن 95 سنة فارق اليوم، 30 دجنبر 2018، المخرج الهندي الكبير مارينال سن الحياة، مخلفا تراثا سينمائيا زاخرا بالإنتاجات، إنتاجات جعلت منه ايقونة حقيقية من ايقونات السينما العالمية، وقرين حقيقي للمخرجين ساتياجيت راي وكاطاك، خاصة وأنهما ينتميان مثله لولاية البنغال، ويحملان تقريبا نفس النفس الإبداعي في صناعة أفلام واقعية صادمة، لكن بنفجات إبداعية خلاقة.

ولد مارينال يوم 14 ماي 1923، وسط عائلة متنورة مقاومة للإستعمار الإنجليزي ورافضة للعادات والتقاليد الدينية الهندوسية التي تقوم على نظام الطبقات.

سنة 1948 إلتحق بجمعية مسرح الشعب الهندي التابع للحزب الشيوعي البنغالي، فلا عجب أن ظل وفيا للقناعات اليسارية في حياته وأعماله المسرحية والسينمائية، وموقعا على أفلام مناهضة للظلم والفقر والإستغلال ومحاربة الفهم الطاغوري(نسبة للشاعر الهندي العظيم طاغور) في ضرورة تقديم انتاجات ابداعية تصور عزة الفقراء وتمسكهم بقيم الصبر والمجالدة، لأن ذلك في نظر مارينال، لن يزعج الوعي الشقي للطبقات البورجوازية والحكومات المستبدة، وبالتالي لابد من تقديم أفلام عارية من المساحيق التجميلية، أفلام تدين الظلم وتحث على الثورة وضرورة المواجهة.

.أفلام مارينال استطاعت، ورغم الحصار المضروب عليها من طرف بعض المهرجانات الغربية والتعتيم الإعلامي الرسمي الهندي، من اختراق الآفاق، والتعريف بتجربة نادرة في القول والفعل و الإيمان المطلق بدور السينما في التغيير وصنع الثورة. حتى غدت جل أفلامه منشورات ثورية مصنوعة برؤية خلاقة بعيدة عن الخطابية المباشرة أو الشعارات الفجة، بل أن بعض هذه الافلام دخلت كتاب السينما كتحف بصرية تفضح زيف ما يسمى بجماليات الفقر الساعية لذر الرماد في العيون و تشميع العواطف الساخطة.

من أشهر أفلام مارينال سن، “بهوفان شوم”(السيد شوم) و”مارغايا”(الصيد الملكي) و”أوكا أوري كوطا”(المهمشون) و”إيك دين براتيدين”(يوم كباقي الأيام) و”خندار”(الأطلال) و”أمار بهوفان”(أرضي)…

أفلام حصدت الجوائز العالمية الرفيعة من مهرجانات طورونطو وشيكاغو والقاهرة، مثلما حصلت على الإحترام من الأعداء قبل الأصدقاء..

برحيل مارينال سن، و قبله ساتياجيت راي و كاطاك، تكون السينما الهندية عامة والبنغالية خاصة، قد فقدت أعمدتها الثلاث الأكثر انتصار للفكر الحر والسينما الجادة والإبداع الحامل لرسائل التغيير و إنصاف الفقراء.

التعليقات مغلقة.