الأعرج يربط بلورة نموذج تنموي حقيقي بتأسيس المرتكز الثقافي

نوه   محمد الأعرج، وزير الثقافة والاتصال، وعضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، باختيار الجامعة الشعبية لمناقشة موضوع “الديمقراطية اللغوية والثقافية بالمغرب”، على اعتبار راهنية الموضوع خصوصا مع اقتراب الدورة الربيعية لمجلس النواب” ، وأيضالأن الديمقراطية اللغوية والثقافية ذات معان تصب بشكل مباشر في العدالة اللغوية.

الأعرج الذي تساءل عن الصيغة الكفيلة بمعالجة الموضوع، مشيرا إلى أن مقتضى الوثيقة الدستورية ومشروع القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، وكذا القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، تجاوزوا المقاربة السياسية الضيقة إلى اقتراح توجهات استراتيجية كبرى، وخلص الى ربط بلورة نموذج تنموي حقيقي يتأسس على المرتكز الثقافي المؤطر في وحدة الهوية الوطنية، بقوله : لا يمكن أن نبني نموذجا تنمويا دون استحضار المرتكز اللغوي والتنوع والتعدد الثقافي المغربي” .

أمزازي : تدريس المواد العلمية باللغات الاجنبية كفيل بتجاوز الشرخ اللغوي بين الثانوي والجامعي

وبدوره، تطرق سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، إلى موضوع السياسة اللغوية التي استأثرت بحيز هام في النقاش المجتمعي الذي واكب الإصلاح التربوي، مشيرا إلى أن هذا النقاش يتمحور بشكل عام حول بعد هوياتي يرتبط بترسيخ الهوية المغربية، وبعد وظيفي يستحضر الأدوار الوظيفية للغة

وأوضح أمزازي أن السياسة اللغوية جاءت لتعالج مجموعة من الإشكالات والاختلالات العميقة لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، تهم بالأساس غياب سياسة لغوية واضحة، وضعف مكتسبات التحصيل الدراسي في اللغتين العربية والفرنسية، وعدم تطوير اللغة الأمازيغية بالشكل الذي يمكن من تعميم تدريسها، إضافة إلى وجود شرخ لغوي عميق بين التعليم الثانوي والتعليم الجامعي

 سعيد أمزازي، دافع من جانبه عن تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية لتجاوز الشرخ اللغوي العميق بين التعليم الثانوي والجامعي، والذي يعترض الحاصلين على الباكالوريا العلمية، قائلا “إن 30 في المائة من التلاميذ الحاصلين على شهادة الباكالوريا العلمية يلجون تخصصات لا تتوافق مع مداركهم الأصلية، وتحصيلهم باللغة العربية” علاوة على أن حوال 12 في المائة فقط من مجموع الطلبة الجامعيين مسجلون بشعب علمية ، في الوقت الذي يشكل نسبة الناجحين في الباكالوريا في الشعب العلمية والتقنية 64 في المائة، ما يعني وجود خلل  “ .

وأضاف أمزازي أن لغة التدريس أصبحت المعيار الأساس للتوجيه الجامعي، والأدهى من ذلك أن حوالي 22في المائة من الطلبة يغادرون الجامعة في سنتهم الأولى دون اجتياز امتحان نهاية السنة، وحوالي 43 في المائة من الطلبة يغادرون الجامعة دون الحصول على شهادة الإجازة ،  مشيرا إلى أن لغة التدريس تشكل سببا رئيسيا للهدر الجامعي الذي تكون له كلفة باهظة على البلاد .

أمزازي، الذي ذكر بأن إستراتيجية الوزارة في مجال تنزيل اللغات ترتكز على ثلاثة مرجعيات، هي دستور المملكة، والخطب الملكية، وإستراتيجية إصلاح التعليم 2015-2030، مشيرا في الوقت نفسه إلى “أن مشروع قانون الإطار المعروض على مجلس النواب، حاليا، يشتمل بدوره على تصور متكامل، سواء بالنسبة إلى اللغات المدرسة، أو بالنسبة إلى إرساء هندسة لغوية ترتكز على اعتماد اللغتين الرسميتين، أي العربية والأمازيغية”، أكد على إرساء تعددية لغوية في التعليم، من خلال تدريس اللغات الأجنبية الأكثر تداولا، وتنويع لغات التدريس، لا سيما في المواد العلمية والتقنية، مشيرا إلى أنه خلال الموسم الدراسي الماضي أطلقت الوزارة الوصية مبادرة إمكانية فتح مسالك دولية بالسلك الإعدادي كلما توفر هناك أساتذة متمكنون من اللغات تساعدهم على تدريس المواد العلمية بلغات أجنبية.

وبخصوص الدعوة إلى اعتماد اللغة الانجليزية كلغة ثانية للتدريس في المغرب، قال أمزازي”إن اللغة الانجليزية أساسية في البحث العلمي اليوم، لكن اعتمادها يتطلب توفير الشروط الضرورية من خلال تكوين الأساتذة والمدرسين”، داعيا إلى نوع من الواقعية في التعامل مع الأمر.

وخلص إلى أن السياسة اللغوية هي سياسة متوازنة ومنسجمة تحافظ لكل لغة على موقعها ومكانتها، على أساس من التكامل والانسجام، من أجل تحقيق الهدف الأسمى المتمثل في تحقيق جودة التعلمات، موضحا أن اللغة العربية لها مكانتها الجديرة بها باعتبارها لغة أساسية للتدريس  تعمل الوزارة على تقوية وضعيتها وتحديها وتبسيطها وتجويد مناهجها وبرامج تدريسها كما أن اللغة الأمازيغية لها مكانتها التي تليق بها حيث سيتم تطوير وضعيتها في المدرسة ومواصلة المجهودات الرامية إلى تهيئتها لسانيا وبداغوجيا في أفق تعميمها التدريجي على مستوى التعليم الإبتدائي والثانوي ضمن إطار عمل وطني واضح ومتناغم .

المطروحة أو على مستوى النقاش الدائر وطنيا حول اللغات الرسمية وأهمية الانفتاح على اللغات الأجنبية، ومواصلة الدفع باللغة الأمازيغية بعد خطوة التنصيص على ترسيمها في الدستور، والانتقال بذلك إلى مراحل التنزيل الفعلي.

أوزين يدعو الى تحقيق إلتقائية ثقافية مع الهوية المغربية

وقال أوزين في افتتاح أشغال الدورة العاشرة للجامعة الشعبية، إن المغرب اختار التعدد اللغوي والهوياتي منذ أزمنة خلت وهوما نعيشه اليوم عبر ربط الشعور الوطني بروح الانتماء التعددي والابداع.

وبعد أن أبرز أوزين أن الجامعة الشعبية التي تتوخى مد جسور التواصل والنقاش و تقريب وجهات النظر، ولتبادل الأفكار، كما تشكل منصة لتبادل الأفكار بين السياسيين من مختلف المشارب ، لما يمنحه برنامجها من ورشات جلسات تفكير ومناظرات من شأنها المساهمة في النهوض بالحقوق الثقافية واللغوية.

أوزين، الذي أبرز موقف الحركة الشعبية الداعي إلى الإنفتاح على لغات العالم لما لها من دور أساسي في التعايش ونبذ كل أشكال الانغلاق و التطرف وتحقيق العدالة اللغوية لتمكين كل أبناء المغاربة من تعليم مشترك ومتكافئ كمدخل أساسي للنموذج التنموي الجديد، دعا كل القوى السياسية الحية داخل الأغلبية و المعارضة إلى نبذ كل الخلافات الهامشية والإسراع بالمصادقة على مشاريع القوانين التنظيمية الخاصة بالطابع الرسمي للأمازيغية و المجلس الوطني للغات، قائلا “ليس المهم المصادقة على القوانين ونشرها في الجريدة الرسمية، وإنما تفعيل هذه التشريعات وتنصيب المؤسسات بما يساهم في تكريس الانتماء للمغرب المتنوع والشعور المتوازن لدى كل المواطنات والمواطنين” .

وخلص إلى التأكيد على أن تكريس الديمقراطية اللغوية والثقافية يتطلب العمل الجاد والتحلي بروح الوطنية الصادقة لاستكمال بناء المؤسسات الوطنية.

الحركة الشعبية تعلن تشبثها بتدريس اللغات الأجنبية لضمان مستقبل الأجيال المقبلة

وتهدف هذه الجامعة، إلى تعزيز المسار الحركي التنظيمي والاستراتيجي المنفتح على هواجس وتطورات المشهد السياسي الوطني.

تجدر الإشارة إلى أن الدورة العاشرة للجامعة الشعبية التي حضرتها فعاليات سياسية وجمعوية وباحثون في الميدان، ركزت حول جلستين ، الأولى تناولت موضوع “اللغات الأم من التعبير الثقافي إلى المأسسة” وأدارتها ا ليلى أحكيم( برلمانية وعضو المجلس الوطني للحركة الشعبية) وتناوب حول تفكيك عناصره كل من أحمد عصيد كاتب وباحث في الثقافة الأمازيغية ، ومحمد العالمي أستاذ باحث بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال ورئيس الجمعية الجهوية للتراث والتنمية ، ونور الدين عيوش الرئيس المؤسس لمؤسسة زاكورة للتربية والتكوين وعضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ، وسعيد بنيس أستاذ بجامعة محمد الخامس ، فيما الجلسة الثانية ، تمحورت حول”التعددية اللغوية ورهانات تطوير منظومة التربية والتكوين” و أدارها الأخ محمد مبديع (عضو المكتب السياسي ورئيس الفريق الحركي بمجلس النواب) وفصل محتواه كل من أمينة ماء العينين عضو المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ونائبة برلمانية ومحمد التاقي أستاذ التعليم العالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية والسيد عدي السباعي ،عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، وعضو بمجلس جهة درعة ـ تافيلالت.

التعليقات مغلقة.