هَذَا مُلَخّصُ إيمَيْلاَتِي ورَسَائِلي الإلِكتْرُونِيّة خِلاَلَ سَنَة

د. بوجمعة العوفي

ليس من الضروري أن يكون هذا هو ملخص إيميْلاتي ورسائلي الإلكترونية الشخصية لسنة معينة بالضبط، إذ يمكن لأي شخص يمتلك حاسوبا أو هاتفيا ذكيا، ويتوفر على بريد إلكتروني، وعلى التطبيقات الخاصة بمواقع التواصل الاجتماعي مثل “الواتساب” و” ميسنجر ” الفيسبوك وغيرها، أن يتوصل بمثل هذه الإيميلات والرسائل الإلكترونية. حيث تصلنا جميعا، وكل يوم، أو بالأحرى، كل لحظة العشرات، بل المئات أحيانا، من هذه الإيميْلات والرسائل، بما يجعلنا أيضا عاجزين في أغلب الأحيان عن تصفح وقراءة كل ما تَضُخّه التكنولوجيا المعاصرة، بوسائلها الرهيبة، من صور ومنشورات ورسائل في حواسيبنا وهواتفنا الذكية، بل في ذاكرتنا البصرية وزمننا اليومي، في آخر المطاف.

وإن كان كل ما يصلنا من هذا الكَمّ الهائل من الرسائل والمنشورات، يفتقد في أغلبه إلى الحقيقة والصدق والموضوعية، بحيث أصبح الفضاءالإلكتروني أو الافتراضي اليوم منبعا خصبا لإنتاج الأخبار والمعلومات الكاذبة والتفاهات والتّرّهات، وأشكال الدّجَل الإعلامي والفكري والإبداعي والديني على وجه الخصوص، إذ ثمّةَ خُطَطٌ واستراتيجيات دقيقة وذكية، يتم تنفيذها من داخل الغرف السوداء لأجهزة الاستخبارات الغربية والإسرائيلية على وجه التحديد، مثل  “الموساد” و “سي آي إيه”، وغيرها من الأجنحة والأجهزة الإعلامية للجماعات الدينية (الإسلامية وغير الإسلامية) الأصولية والظلامية، هي التي تسعى جاهدة لتجريد المواطن العربي من تفكيره العلمي، والقذف به في وِهَادِ الخرافة والدَجل الديني وشتى أنواع الخزعبلات، من خلال الترويج لمنشورات تخلق لدى المواطن العربي البسيط وَهْما بتحقيق الكثير من أمانيه إنْ هو قام بتوزيعها ونشرها من جانبه، وحين لا تتحقق هذه الأماني في الوقت الوجيز، يُصاب هذا المواطن المسكين بنوع من الإحباط قد يصل إلى درجة الشك في دينه وعقيدته، وتلك واحدة من المخاطر الكبرى التي تنتجها تلك الرؤى القاصرة للدين الشعبي.

إذ أصبح أيضا هذا المجال، في فضاءات التواصل الاجتماعي ومِنَصّاته، مَرْتَعا خصبا لمن هبّ ودَبّ، وللكثير من المخبولين والمعتوهين والمرضى نفسيا، بحيث يمكن لأيّ كان أن يكتب أيّ شيء، ويدفع به إلى التداول والتقاسم الواسعيْن في هذه الفضاءات والمنصّات.. أصبحتْ هذه الأمور تجارة رابحة، كتلك الدجاجة التي ” تبيض ذهبا “، والمواطن العربي الذي أصبح ضحية للكثير من أنماط الاستهلاك، ولكل أشكال التسطيح الفكري والمعرفي، شهيتُه مفتوحة ويبتلع كل شيء وأيّ شيء.. نحن فعلا في عمق المعضلة، أو بالأحرى، في عمق المهزلة !

وإن كنتُ قد عثرتُ بالصدفة على ملخص جميل لما يمكن للفرد وللمواطن العربي أن يتوصل به من إيميْلات ورسائل إلكترونية خلال سنة، على سبيل المثاللا الحصر ( وثيقة مجهولة المؤلف )، فإني أحيّي بحرارة من قام بهذا الملخص أو هذا الجَرْد، وأعتبره، من جانبي، فعلا إبداعيا ونقديا بامتياز، مُحمّلا أيضا بالكثير من السخرية والأسف على هذا المواطن العربي الذي أصبح حائرا فيما يصدّقه ولا يصدّقه، فيما يقوم به وما ينبغي أن يبتعد عنه ؟ على اعتبار أن الهامش العربي، بالرغم من عدم امتلاكه لوسائل إنتاج المعلومة ونشرها وترويجها على أوسع نطاق، فهو يستغل، وبشكل ذكي أحيانا، ما هو متاح ضمن منصات ووسائل التواصل الاجتماعي، ليقوم بدوره بنوع من النقد الذاتي لتفكيره وسلوكه الاجتماعي، بل يذهب أبعد من ذلك أحيانا أيضا، إلى حد السخرية الجارحة من نفسه.

وهذا بالحرف، وبكل أمانة، ملخص الإيميْلات والرسائل الإلكترونية التي توصل بها واحد من مواطني هذا الهامش العربي الذي ” ساءت ” حالتهبسببها، وأصبحَ لا يعرف ما يقدمه وما يؤخره ؟ ما يتركه وما يذهب إليه؟ وللقارئ حرية التأويل وحرية التعليق في نهاية المطاف، يقول كاتب هذا الملخص:

– توقفتُ عن شرب الكولا بعد أن عرفتُ بأنها قادرة على إزالة بقع الحمامات.

– لم أعد أذهب إلى السينما بسبب ‏خوفي من أن أجلس على كرسي فيه إبرة تحتوي على فيروس‏ الإيدز.

– قمتُ بإعادة إرسال مئات ‏الإيميلات طمعا فيأن أدخل الجنة، وإن لم أرسلها فسأدخل النار كما يقولون.

– رائحتي أصبحتْ ‏تشبه رائحة ‏الكلب الميت بعد أن عرفتُ أن مُزيلات العرق تسبب السرطان.

– لم أعُد أركن سيارتي في الكراجات، وأصبحتُ مضطرا إلى أن أمشي أحيانا مسافات طويلة خوفا من أن يأتي ‏شخص ‏ويرشني بمخدر ويقوم ‏بسرقتي.

– توقفتُ عن الإجابة على الهاتف، ‏خوفا من أن تأتي في فاتورتي مكالمات إلى نيجيريا وأوغندة والباكستان..

– توقفتُعن شُرب أي شيء بعُلَبه المقفلة خوفا ‏من أن تحتوي هذه العُلَب على بول وفضلات الفئران.

– عندما أحضُر حفلة، توقفتُ عن النظر إلى أي فتاة جميلة، خوفا من أن تستدرجني إلى بيتها ‏وتقوم بتخديري، ثم ‏تأخذ كِليتي وكبدي وتتركني نائما في حوض الاستحمام ‏محاطا بالثلج.

– صرفتُ كل مُدّخراتي على حساب الطفلة “‏سعاد الغامدي”، وهي طفله مريضة بالسرطان أوشكتْ أن تموت أكثر من 7000 ‏مرة .. مسكينة ما زال عمرها 7 سنوات منذ عام 1993.

– وأريدُ أن أعلن أني ما زلتُ على ‏استعداد لمساعدة أي شخص من نيجريا يريد أن يستخدم حسابي ‏لتحويل أملاك ‏عمه أو خاله المتوفى، والتي تزيد عن 100 مليون دولار.

– قمتُ بإرسال 35 إيميل لـ (400) شخص حتى لا آتي يوم القيامة وأقول يا ليتني أرسلتها قبل أن أموت وقبل فوات الأوان.

– قمتُ بطلب مئات الأماني، قبل أن‏ أقوم بإعادة إرسال بعض الكلمات والصور ‏التي تحمل رموزا دينية ومقدسة.. لكن ‏ما زلتُ على مكتبي ذاته، وأتقاضى الراتب نفسه .. لم يتغير أي شيء !

– قمتُ بإرسال مليون نسخة إلى مليون شخص من أصدقائي حتى لا يتوقف حسابي مع شركة هوت‏ مايل.

– تخلّيتُ عن جميع العُلَبِ والصحون والملاعق البلاستكية لأنها تسبب السرطان، مما جعل ‏زوجتي تتهمني بالجنون وتطلب الطلاق.

– بَطّلتُ شُرْبَ أي نوع من القهوة لأنني أساعد بثمنها إسرائيل، وبطّلتُ أكل الشوكولاته ‏والعلكة لأنها كلها معجونه بدهن الخنزير، وبعتُ التلفزيون، والثلاجة، والغسالة، والكمبيوتر، ‏وساعتي، وكل الأجهزة لأنها من صنع الغرب وأمريكا، و في ذلك أيضا مساعدة لإسرائيل..

ملاحظة: 

إذا لم تَقُمْ بإرسال هذا الإيميل إلى 11,674 ‏شخص خلال عشر ثوان، سيأتي ديناصور ليعضك اليوم في تمام ‏الساعة 6:30 ‏ مساء، وأنتَ حُر… !

التعليقات مغلقة.