ما مدى ضرورة غسل اللحوم قبل طبخها

إعداد مبارك أجروض

البعض يربط غسل الأشياء، وبشكل طبيعي ومنطقي، مع النظافة. ولهذا السبب فهو ينظف ملابسه وبيته وجسامه.

ـ هل ينطبق هذا الكلام على غسل اللحوم مثل الضأن والبقر والدجاج والسمك وغيرها قبل طبخها ؟

ـ هل هذا يجعلها أكثر أمنا على صحتنا ؟

هذا الموضوع في غاية الأهمية فالمركز الأمريكي للوقاية من الأمراض يقدر أن واحد من كل ستة من الأمريكيين سوف يصابون بتسمم غذائي في كل عام. ومن الممكن أن يحدث الخطأ في أي مكان من لحظة خروج الطعام من مكان الإنتاج إلى أن يصل إلى صحوننا! وربما تعتقدون، مثل الأغلبية العامة من الناس، أن غسل اللحوم قبل طبخها مهم للسلامة ولمنع الأمراض الناتجة عن التسمم. والحقيقة هي: عكس ذلك تماما !!!

دعوني أخبركم أمرا في البداية، وهو أن البحث لهذا المقال جاء مصادفة نتيجة لتعليق قرأته واستوقفني في مكان ما بأنه لا يجب غسل اللحوم قبل طبخها، وأكثر المعلومات التي نتجت عن هذا البحث كانت مفاجأة لي أيضا! فالحرارة التي يصل إليها اللحم في أثناء الطبخ ليست هي العامل الوحيد الذي يحدد السلامة ولكن هناك الكثير من النصائح المهمة للتعامل مع اللحوم في المطبخ. فلنبدأ…

لماذا لا نحتاج لغسل اللحوم قبل طبخها ؟

وجدت الأبحاث الحديثة أن غسل اللحوم ممكن أن يساهم في نشر البكتيريا التي عليها في كل منطقة تحضير الطعام والمطبخ، وغسل اللحوم تحت الحنفية مباشرة ممكن أن ينشر البكتيريا السيئة عليها لحوالي 90 سنتمتر، وعند عدم تنظيف هذه الأماكن بشكل جيد بعدها فإنها تصبح مراكز للبكتيريا ممكن أن تتسبب بأي وقت في حدوث تسمم غذائي. فنحن نطبخ الطعام لنجعله أكثر أمنا غير أن غسله بالماء بهذه الطريقة يجعله أكثر خطرا.

والحقيقة أن غسل اللحوم بالماء فقط لا يزيل إلا جزءا بسيطا من البكتيريا الأسهل تفلتا على السطح والأغلبية العظمى تبقى ملتصقة تماما باللحم ولا يفيد تكرار الغسل حتى بالماء الحار ولكن الطبخ “كالشوي، القلي، السلق، والشواء” بالتأكيد هو الذي يتكفل بقتل جميعها… أو تقريبا جميعها بنسبة 99.9999%.

وللمبالغة في الغسل والنقع بالماء عند التذويب تأثير سيء آخر على الطعم: فكلما استخدمنا الماء أكثر وخصوصا إذا تم نقع اللحوم فيه لتذويبها فهذا معناه أننا فقدنا كثيرا من نكهة اللحم وخففناها بدرجة كبيرة، فمن المهم أن يكون اللحم جافا عند طبخه خصوصا للطرق الأخرى غير السلق مثل الشوي مثلا.

ماذا نفعل إذن ؟ لا لا ولا أنا أيضا أرضى أن أضع الدجاجة كما هي في ماء السلق ! لنتابع…

أولا، كيف نذيب اللحوم وهذه نقطة مهمة ؟

الأفضل دائما هو إخراجها من الفريزر ووضعها في وعاء والسماح لها بأن تذوب على راحتها طوال الليل في الثلاجة. تجنبوا بقدر المستطاع وضع اللحوم لتذوب خارج الثلاجة ولا تضعوها بالماء نهائيا لتذويبها “تذكروا أنها تفقد الكثير من طعمها وقوامها في الماء”. حتى عند نقع اللحوم بالتتبيلات فاحرصوا على أن تضعوها مباشرة بعد التتبيل في الثلاجة. ولكن من الأفضل إخراجها قبل ساعة من الطبخ حتى لا ننقلها مباشرة من حرارة منخفضة إلى حرارة عالية.  

الآن، بالنسبة للحم الضأن والبقر…

فحقيقة لا توجد حاجة لغسله، استخدموا ورق التنشيف لتنشيفه من أي رطوبة وارموا الأوراق فورا في سلة المهملات. بالنسبة للستيك إذا أردتم وضعه في الفرن لشوائه فشوحوه على النار مع بعض الزيت على الوجهين ثم ضعوه في صينية الفرن مع الخضار فهذا يذهب الزنخ.

 … وبالنسبة للدجاج

من الجيد أن نعتقد ونحن نتعامل مع الدجاج أنه إما أن يحمل السالمونيلا Salmonella أو الكامبلوباكتر Campylobacter أو كلاهما معا. وهذان النوعان من البكتيريا هما المسببين الرئيسيين للتسممات الغذائية. فعدم الانتباه عند التعامل مع الدجاج سوف يؤدي بهذه البكتيريا للتطاير في كل مكان… في حوض المطبخ والسطح المجاور وأي طعام عليه وثيابنا وأيدينا… ويمكن لهذه البكتيريا لو وصلت إلى أي طعام سنأكله، مثلا لو لم نغسل أيدينا بشكل جيد وأكلنا بعدها قطعة من الفاكهة، أن تسبب لنا المرض.

ما أفعله شخصيا هو أني أنظف داخل الدجاجة وأزيل كل ما هو عالق بجوفها ثم استخدم وعاء في داخل الحوض فيه ماء مضاف إليه ملح وليمون لغسل داخل الدجاجة برفق من دون نثر الماء في كل مكان، ثم أنشفها جيدا من الداخل والخارج بورق التنشيف وأتبلها أو أطبخها كالمعتاد.

ماذا عن السمك ؟

أتبع تقريبا نفس طريقة تنظيف الدجاج بالنسبة للسمك الكامل مع العناية بإزالة الحسك من الخارج وأتبله وأضعه في الثلاجة. بالنسبة للفيليه فيكفي تنشيفه من دون غسل ثم تتبيله “ونفس الأمر مع فيليه الدجاج”.

من المهم طبخ السمك كمية كافية من الوقت لقتل كل البكتيريا ولكن من المهم أيضا عدم طبخه أكثر من اللازم. إذا أردتم طريقة سهلة لمعرفة الوقت اللازم فقيسوا ارتفاع السمك في أثخن منطقة مع الحشو إذا كان محشيا ثم أعطوا عشر دقائق لكل 2.5 سم، فمثلا لو كانت السمكة في أثخن منطقة ارتفاعها 10سم هذا يعني أربعين دقيقة “10×4″، مع الحرص على قلب السمكة بعد نصف الوقت على الوجه الاخر إلا إذا كان السمك فيليه ورفيعا جدا. إذا كان السمك موضوع في مرقة أو صلصة فأعطوا خمس دقائق إضافية. للسمك المطهو بشكل جيد قوام متماسك ولكن رطب في نفس الوقت وليس ناشف وعندما نفحص اللحم بطرف السكين أو الشوكة نجد أنه ينفصل معنا بسهولة ولكن من دون أن يتفتت.

أما البيض…

من المهم عدم غسل البيض قبل حفظه في الثلاجة. فالكثير من منتجي البيض يقومون بتنظيف البيض وإزالة المادة الطبيعية التي تعلوه وتحميه من غزو البكتيريا مع التنظيف. وللتعويض عن هذا يدهنون البيض بنوع من الزيوت لإعادة الحماية إلى البيض، فإذنا قمنا بتنظيف البيض مجددا قبل وضعه في الثلاجة فإننا نزيل طبقة الزيت هذه ونترك البيض عرضة للبكتيريا! الأفضل هو عدم غسل البيض قبل وضعه في الثلاجة خصوصا إذا كان هناك كسور في القشرة والاكتفاء بغسله قبل طهوه إذا كان عليه أي وسخ ظاهر.

وأخيرا، أعيد التذكير ببعض النقاط الجوهرية والأساسية عند التعامل مع أي نوع من اللحوم:

من المهم جدا غسل اليدين بالماء الدافئ والصابون قبل وبعد التعامل مع أي نوع من اللحوم الغير مطبوخة لعشرين ثانية على الأقل.

أيضا من المهم غسل جميع الأسطح المستعملة والحوض وأي أدوات أو ألواح أو أوعية استخدمت في تحضير اللحم، وعدم استخدام هذه الأغراض لأي أمر آخر قبل غسلها جيدا بالماء الحار والصابون. ممكن استخدام الخل الأبيض للتعقيم كذلك فهو أكثر أمنا من الكلوركس !

تخلصوا من جميع المواد التي تستخدم لحفظ اللحم مثل أكياس البلاستيك وصحون الفوم التي تستخدم لحفظه والورق وكرتونات البيض ولا تستخدموها لأي استعمال آخر بتاتا.

التعليقات مغلقة.