أدوية ومشاكل داء السكري من النوع الثاني

إعداد مبارك أجروض

يعد داء السكري من النوع الثاني مرضًا خطيرًا، وتتطلب متابعة خطة علاجه التزامًا طوال الوقت. ولكن الجهود التي تُبذل للتحكم في داء السكري نافعة للغاية لأن اتباع خطة العلاج يمكن أن تقلل من خطر حدوث مضاعفات. وقد يساعد التحدث مع أحد الاستشاريين أو المعالجين في التكيف مع التغيرات في نمط الحياة التي ترافق الإصابة بداء السكري من النوع الثاني. وربما يجد المريض التشجيع والتفهم في إحدى مجموعات الدعم الخاصة بداء السكري من النوع الثاني. ومع أن مجموعات الدعم لا تلائم الجميع، إلا أنها قد تكون مصادر جيدة للمعلومات؛ فغالبًا ما يكون أعضاء المجموعة على علم بأحدث العلاجات ويحاولون مشاركة خبراتهم الخاصة أو المعلومات المفيدة، مثل مكان إيجاد إحصائيات الكربوهيدرات لمطعم الوجبات الجاهزة المفضل لك. 

قد يحقق مرضى داء السكري من النوع الثاني معدلات سكر الدم المستهدفة باتباع نظام غذائي وممارسة التمارين وحدها، ولكن الكثير منهم بحاجة أيضًا لتناول أدوية داء السكري أو العلاج بالأنسولين. ويعتمد القرار الخاص بأي الأدوية أفضل على عدة عوامل، بما في ذلك معدل سكر الدم وأية مشكلات صحية أخرى تعاني منها. وقد يجمع طبيبك بين عقاقير من فئات مختلفة لمساعدتك في التحكم بنسبة سكر الدم بعدة طرق مختلفة.

وتتضمن الأمثلة الخاصة بالعلاجات الممكنة لداء السكري من النوع الثاني ما يلي:

ـ ميتفورمين (جلوكوفاج، وجلاميتزا وغيرهما من الأدوية)

بوجه عام، يعتبر ميتفورمين الدواء الأول الذي يوصف لعلاج داء السكري من النوع الثاني. ويعمل هذا الدواء من خلال تحسين حساسية أنسجة الجسم للأنسولين بحيث يتمكن الجسم من استخدام الأنسولين بفاعلية أكبر. كذلك، يعمل ميتفورمين على خفض إفراز الجلوكوز في الكبد، ولكنه لا يقلل من نسبة السكر في الدم بشكل كافٍ وحده. لذا، سيوصى طبيبك بتغيير نمط الحياة، مثل فقدان الوزن وأن تصبح أكثر نشاطًا. ويعد الغثيان والإسهال من الآثار الجانبية المحتملة له، وعادةً ما تختفي هذه الآثار الجانبية بمجرد أن يعتاد جسمك على الدواء. وإذا لم يكن تناول ميتفورمين وتغيير نمط الحياة كافيًا للتحكم في معدل سكر الدم، فيمكن إضافة أدوية أخرى فموية أو بالحقن.

ـ مجموعة السلفونيل يوريا

تساعد هذه الأدوية في إفراز الجسم لمزيد من الأنسولين. وتشتمل الأدوية من هذه الفئة على جليبوريد (ديابيتا وجليناس) وجليبيزيد (جلوكوترول) وجليمبريد (أماريل). وتتضمن الآثار الجانبية المحتملة انخفاض سكر الدم وزيادة الوزن.

ـ مجموعة المجليتنايد

تعمل هذه المجموعة من الأدوية مثل مجموعة السلفونيل يوريا عن طريق تحفيز الجسم على إفراز المزيد من الأنسولين، ولكنها أسرع في العمل ولا تبقى نشطة في الجسم لفترات طويلة. كما أنها تؤدي لخطر التسبب في انخفاض سكر الدم، ولكن ليس بنسبة كبيرة كما هو الحال في مجموعة السلفونيل يوريا. كذلك، هناك احتمالية لزيادة الوزن مع هذه الفئة من الأدوية، وتتضمن أمثلتها ريباجلينيد (براندين) وناتيجلينيد (ستارليكس).

ـ مجموعة الثيازوليدنيديون

كما هو الحال في ميتفورمين، فإن هذه الأدوية تجعل أنسجة الجسم أكثر حساسية للأنسولين. وترتبط هذه الفئة من الأدوية بزيادة الوزن وغير ذلك من الآثار الجانبية الأكثر خطورة، مثل تزايد خطر الإصابة بفشل القلب والكسور. ونظرًا لهذه المخاطر، لا تعتبر هذه الأدوية عمومًا الاختيار الأول للعلاج. ومن أمثلة الأدوية في مجموعة الثيازوليدنيديون كل من روزيجليتازون (أفانديا) وبيوجليتازون (أكتوس).

ـ مثبطات  DPP-4

تساعد هذه الأدوية في خفض مستويات سكر الدم، ولكن تميل إلى أن يكون لها تأثير أقل، ولا يبدو أنها تسبب زيادة الوزن. وتتضمن الأمثلة على هذه الأدوية كلاً من سيتاجليبتين (جانويا) وساكساجليبتين (أونجليزا) وليناليبتين (تراجينتا).

ـ ناهضات مستقبلات  GLP-1  

هذه الأدوية بطيئة الهضم وتساعد في خفض معدلات سكر الدم، ولكنها أقل من مجموعة السلفونيل يوريا. ولا يوصى باستخدام هذه الفئة من الأدوية وحدها. وتشمل أمثلة أدوية ناهضات مستقبلات GLP-1 كلاً من إيكسيناتايد (بييتا) وليراجلوتايد (فيكتوزا). وتتضمن الآثار الجانبية المحتملة الإصابة بالغثيان وزيادة خطر الإصابة بالتهاب البنكرياس.

ـ مثبطات  SGLT2

هذه هي الأدوية الأحدث في السوق، وتعمل من خلال منع الكلى من إعادة امتصاص السكر في الدم، وبدلاً من ذلك، يتم إفراز السكر في البول. وتتضمن الأمثلة على هذه الأدوية كلاً من كاناجليفلوزين (انفوكانا) وداباغلفلوزين (فوركسيجا). وقد تتضمن الآثار الجانبية عدوى الخميرة وعدوى المسالك البولية.

ـ العلاج بالأنسولين

يحتاج بعض الأشخاص الذين يعانون من الإصابة بداء السكري من النوع الثاني إلى العلاج بالأنسولين أيضًا. وفي السابق، كان يتم استخدام العلاج بالأنسولين على أنه الملاذ الأخير، ولكن اليوم يتم وصفه في مرحلة مبكرة في كثير من الأحيان لما له من فوائد. ونظرًا لأن عملية الهضم الطبيعية تتداخل مع الأنسولين الذي يؤخذ عن طريق الفم، فإنه يجب تناول الأنسولين عن طريق الحقن. وتبعًا للاحتياجات، قد يصف الطبيب مزيجًا من أنواع الأنسولين لاستخدامه خلال النهار والليل. وفي أغلب الأحوال، يبدأ الأشخاص المصابون بداء السكري من النوع الثاني في استخدام الأنسولين بجرعة واحدة طويلة المفعول تؤخذ في المساء. وتعطى حقن الأنسولين باستخدام إبرة دقيقة ومحقنة أو حاقن قلم الأنسولين – وهو جهاز يشبه قلم الحبر، باستثناء أن خرطوشته تُملأ بالأنسولين. وهناك العديد من أنواع الأنسولين، ولكل منها طريقة عمل مختلفة. وتتضمن الخيارات ما يلي:
ـ أنسولين جلوليزين (أبيدرا).
ـ أنسولين ليسبرو (هومولوج).
ـ أنسولين أسبارت (نوفو لوج).
ـ أنسولين جالارجين (لانتوس).
ـ أنسولين ديتيمر (ليفيمر).
ـ الأنسولين المتجانس (هيمولين ن، نوفولين ن).

ناقش مع طبيبك ميزات وعيوب العقاقير المختلفة؛ فمعًا يمكنكما أن تقررا أي دواء أفضل لحالتك بعد وضع العديد من العوامل في الاعتبار، بما في ذلك التكاليف والجوانب الأخرى الخاصة بصحتك. وبالإضافة إلى أدوية داء السكري، فقد يصف لك الطبيب جرعة منخفضة من العلاج بالأسبيرين وكذلك أدوية لخفض ضغط الدم والكوليسترول للمساعدة في الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية.

*  جراحة علاج البدانة

إذا كنت تعاني من داء السكري من النوع الثاني ومؤشر كتلة الجسم لديك أعلى من 35، فأنت مرشح لإجراء جراحة إنقاص الوزن (جراحة علاج البدانة). وتعود معدلات سكر الدم إلى المعدل الطبيعي لدى 55 إلى 95 بالمئة للأشخاص الذين يعانون من داء السكري، تبعًا للإجراء الطبي الذي يتم تنفيذه. ويكون للعمليات الجراحية التي تحول مسار جزء من الأمعاء الدقيقة تأثير أكبر على معدلات سكر الدم من تأثير جراحات إنقاص الوزن. وتتضمن عيوب هذه الجراحة التكلفة، كما تنطوي على بعض المخاطر، ومن بينها خطر الوفاة. وبالإضافة إلى ذلك، فإنه يلزم إجراء تغييرات جذرية في نمط الحياة، وقد تشمل المضاعفات طويلة الأمد كلاً من نقص التغذية وهشاشة العظام.

ونظرًا لأن العديد من العوامل قد يؤثر على سكر الدم، فقد تطرأ في بعض الأحيان مشكلات تستلزم الرعاية الفورية، مثل:

ـ ارتفاع السكر في الدم

يمكن أن ترتفع معدلات سكر الدم للعديد من الأسباب، ومن بينها الإفراط في الأكل، أو الإصابة بالمرض، أو عدم تناول الأدوية الكافية لخفض الجلوكوز. ولذلك، احرص على فحص معدلات السكر بالدم كثيرًا، ومراقبة علامات وأعراض ارتفاع سكر الدم، مثل تكرار التبول أو زيادة العطش أو جفاف الفم أو ضبابية الرؤية أو الإرهاق أو الغثيان. وإذا كنت تعاني من ارتفاع سكر الدم، فسوف يتعين عليك ضبط خطة الوجبات والأدوية أو كليهما.

ـ متلازمة فرط الأسمولية اللاكيتوني المرتبط بارتفاع سكر الدم (HHNS)

تتضمن العلامات والأعراض المرتبطة بهذه الحالة المهددة للحياة بلوغ قياس السكر بالدم أكثر من 600 ملجم/دل (33.3 ملليمول/لتر) وجفاف الفم وفرط العطش والحمى بدرجة حرارة أعلى من 38 درجة مئوية (101 درجة فهرنهايت) والنعاس والاختلال وفقدان البصر والهلوسة والبول الداكن. وقد لا يتمكن جهاز مراقبة سكر الدم من إعطائك قراءة دقيقة في مثل هذه المستويات العالية وبدلاً من ذلك ربما يعطيك القراءة مرتفع فقط. وتحدث متلازمة فرط الأسمولية اللاكيتوني المرتبط بارتفاع سكر الدم نتيجة شدة ارتفاع مستوى سكر الدم مما يجعل قوام الدم ثخينًا ويشبه الشراب. وعادةً تنتشر هذه الحالة لدى المرضى كبار السن من المصابين بداء السكري من النوع الثاني، وغالبًا ما تسبقه حالة مرضية أو عدوى. ففي كثير من الأحيان، تحدث متلازمة فرط الأسمولية اللاكيتوني المرتبط بارتفاع سكر الدم خلال أيام أو أسابيع. ولذلك، ينبغي الاتصال بالطبيب أو الحصول على الرعاية الطبية الطارئة إذا كنت تعاني من علامات أو أعراض هذه الحالة.

ـ زيادة الكيتونات في البول (الحماض الكيتوني السكري)

إذا كانت الخلايا لديك تعاني من حاجة ماسّة إلى الطاقة، فقد يستجيب جسمك من خلال تفتيت الدهون التي يخزنها الجسم. وتنتج هذه العملية أحماضًا سامة تُعرف بالكيتونات. لذلك، ينبغي مراقبة التعرض لفقدان الشهية والضعف والقيء والحمى وألم المعدة والنفس الذي يشبه رائحة الفواكه. ويمكنك التحقق من زيادة الكيتونات في البول باستخدام مجموعة اختبار الكيتونات المتاحة دون وصفة طبية. وفي حالة وجود كميات كبيرة من الكيتونات بالبول، فاستشر الطبيب على الفور أو التمس الرعاية الطارئة. وتحدث هذه الحالة المرضية بشكل أكثر شيوعًا عند الأشخاص الذين يعانون من داء السكري من النوع الأول، ولكن يمكن أن تحدث عند الأشخاص الذين يعانون من داء السكري من النوع الثاني.

ـ انخفاض السكر في الدم (نقص سكر الدم)

قد ينخفض مستوى سكر الدم للعديد من الأسباب، والتي تتضمن عدم تفويت الوجبات أو ممارسة نشاط بدني أكثر من المعتاد. هذا، ومن المرجح أن يحدث انخفاض سكر الدم في حالة تناول الأدوية التي تقلل الجلوكوز وتعزز إفراز الأنسولين أو في حالة تناول الأنسولين. وينبغي فحص مستويات سكر الدم بانتظام، ومراقبة العلامات والأعراض المرتبطة بانخفاض سكر الدم، وهي التعرّق والرجفان والضعف والجوع والدوخة والصداع وضبابية الرؤية وخفقان القلب وتلعثم النطق والنعاس والاختلال والنوبات. وإذا حدث لك نقص في مستوى سكر الدم أثناء الليل، فقد تستيقظ لتجد ملابس النوم غارقة في العرق أو تشعر بصداع. وقد يتسبب نقص سكر الدم أثناء الليل في ارتفاع أول قراءة لسكر الدم عند الاستيقاظ في الصباح بشكل غير طبيعي. وإذا كنت تعاني من علامات أو أعراض انخفاض سكر الدم، فاشرب أو تناول طعامًا يرفع مستوى سكر الدم بسرعة، مثل عصير الفاكهة أو أقراص الجلوكوز أو الحلوى الصلبة أو الصودا العادية (وليست المستخدمة في الريجيم) أو أي مصدر آخر للسكر. وينبغي إعادة الاختبار بعد 15 دقيقة للتأكد من أن مستويات الجلوكوز بالدم أصبحت طبيعية. وإذا لم تعد إلى معدلاتها الطبيعية، فجرّب مرة أخرى وأعد الاختبار بعد 15 دقيقة أخرى. وإذا فقدت الوعي، فقد يحتاج أحد أفراد عائلتك أو أقرب شخص بجوارك إلى إعطائك حقنة طارئة من الهرمون الذي يحفز إطلاق السكر في الدم (الجلوكاجون).

*  الطب البديل

أظهرت بعض الدراسات أن العديد من المواد الطبية البديلة تؤدي إلى تحسين الحساسية للأنسولين، ولكن عجزت دراسات أخرى عن العثور على أي فائدة لها في التحكم في مستوى سكر الدم أو في خفض مستويات الهيموجلوبين السكري. ونتيجة تضارب النتائج في هذا الصدد، لا توجد أي علاجات بديلة يوصي بها الأطباء حاليًا للمساعدة على التحكم في سكر الدم. إذا قررت استخدام أي علاج بديل، فتجنب التوقف عن تناول الأدوية التي وصفها الطبيب. وينبغي التأكد من مناقشة استخدام أي علاج من هذه العلاجات البديلة مع الطبيب لضمان أنها لن تؤدي إلى حدوث تفاعلات عكسية خطيرة ولن تتفاعل مع الأدوية التي تتناولها. ولا توجد علاجات، بديلة أو تقليدية، يمكنها شفاء داء السكري. لذا، فمن المهم بالنسبة للأشخاص الذين يستخدمون العلاج بالأنسولين لداء السكري ألا يتوقفوا عن استخدام الأنسولين ما لم يرشدهم الطبيب المعالج إلى خلاف ذلك.

التعليقات مغلقة.