كلمة السيد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في فعاليات اللقاء الايطالي المغربي الثالث للقانون المقارن

السيدات والسادة الأفاضل بين المغرب وإيطاليا تاريخ من روابط الصداقة والشراكة والتعاون تعكس عراقة البلدين ومكانتهما الجيوستراتيجية في الفضاء المتوسطي والدولي أن علاقات تمتد حسب الحفريات التاريخية إلى 2500 سنة تقريبا ارتكزت على المشترك القديم الذي يعود لفترة الوجود الروماني بالمغرب وتشهد عليها أطلال مدينة وليلي التاريخية وعلى علاقات تجارية ازدهرت خلال العصر الوسيط حين وقع السلطان محمد الثالث على اتفاقية صداقة وتجارة مع البندقية سنة 1765.

علاقة نستحضر خلالها أن أول بعثة دبلوماسية مغربية بعثها السلطان مولاي الحسن الأول لدى جلالة ملك إيطاليا فيكتور إيمانويل الثاني كانت سنة 1878 وأن روما كانت أول عاصمة زارها المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه مباشرة بعد حصول المغرب على استقلاله ومؤشرات تاريخية لها أكثر من دلالة، تعتبر أرضية صلبة لشراكة بين بلدين لهما العديد من القواسم الاجتماعية والطموحات التنموية وتدعونا جميعا إلى بناء مستقبل واعد نثمن فيه هذا الرصيد المشترك المتمثل في الجالية المغربية المقيمة بإيطاليا التي تعد من أكبر الجاليات وأكثرهم اندماجا ومهنية، وكذا في الحجم المتزايد للاستثمارات وللتبادل الاقتصادي بين البلدين.

مما أن مستقبل لا يمكن بناؤه بعيدا عن العمق الإفريقي للمغرب والبعد الأوروبي لإيطاليا وكذا عن التحديات التي تخلقها الجسور المتوسطية وتجعله في الوقت ذاته أكثر غنىً وأشد تعقيدا.

وهي كلها معطيات تجعل من لقاء في هذا المستوى آلية ضرورية من أجل المساهمة في إيجاد حلول للإشكالات القانونية والحقوقية التي تثيرها هذه الحركية الاجتماعية والاقتصادية ذات البعد الدولي الكبير.

مما ان تكريس الوحدة يحتاج إلى بلورة مشاريع عمل مشتركة، ولي اليقين أن هذه المبادرة العلمية الهامة مع أصدقائنا بإيطاليا ستتيح لنا طرح تصورات جادة بهذا الشأن وتخولنا وضع برامج عملية نطور من خلالها علاقاتنا الثنائية والمتعددة الأطراف بشكل يضمن الانسجام والفعالية والأمن القانوني والقضائي في مجالنا الأورومتوسطي.

وهنا لا بد أن نؤكد بإلحاح على ضرورة توثيق أشغال هذه اللقاءات الثلاث وكل مخرجاتها وتوصياتها لتشكل أرضية التفكير بهذه المشاريع المستقبلية، وأبوابنا ستكون دائما مفتوحة أمام كل اقتراحاتكم وبرامجكم الجادة.

وفي الختام اسمحوا لي أن أجدد لكم عبارات الترحيب والثناء متمنياً لأشغال هذا اللقاء الثالث التوفيق والسداد وأن يكون محطة ضمن مسار دائم من التعاون والشراكة الحقيقية النموذجية.

التعليقات مغلقة.