فقدان العضلات العمري

إعداد مبارك أجروض

فقدان العضلات مع التقدم في العمر (فقدان العضلات العمري) هو مصطلح يشير إلى حدوث ضياع تدريجي ومتزايد في الكتلة العضلية جراء التقدم في السن، إذ تصبح العضلات أقل حجماً، وأكثر ضعفاً كلما توغل الشخص في خريف العمر وشتائه. ويمكن للأشخاص غير النشطين جسدياً أن يخسروا حوالى 3 – 5% من كتلتهم العضلية في كل عقد من الزمن بعد سن الثلاثين، وحتى الناس النشطون جسدياً يمكن أن يحصل لديهم القليل من فقدان الكتلة العضلية.

ويشاهد فقدان العضلات العمري في 10% من الكبار بعد سن 50 من العمر، وذلك بدرجات متفاوتة من واحد لآخر، ومن بلد لآخر. ويميل فقدان العضلات العمري إلى الحدوث بوتيرة أسرع اعتباراً من العقد السابع من العمر أو في وقت أبكر بدءاً من منتصف العمر عند توفر بعض العوامل المشجعة له، وتكمن مخاطر فقدان العضلات العمري في نتائجه السلبية المتزايدة على المصابين به مثل الضعف والوهن وحوادث السقوط والكسور والوفاة.

* أسباب فقدان العضلات العمري

إن فقدان العضلات العمري لا يزال ظاهرة يكتنفها الكثير من الغموض خاصة أنه ليس هناك الكثير من المعلومات حوله لأن آلية حصوله ما زالت غير معروفة، ويقول باحثون من جامعة مانشستر البريطانية وزملاء لهم من جامعة واترلو الكندية، إن فقدان العضلات العمري ينتج عن انخفاض في الخلايا العصبية الحركية المسؤولة عن إرسال إشارات من الدماغ إلى العضلات لبدء الحركة، وهناك من يقول إن تراكيز أقل من الهرمونات، مثل هرمون النمو وهرمون التيستوستيرون وعامل النمو الذي يشبه الأنسولين، هي السبب في اندلاع ضمور العضلات الشيخي.

يمكن القول إن العضلات تحافظ على حجمها وقوتها جراء حدوث توازن استراتيجي ما بين عمليات البناء والهدم في العضلات، ولكن مع التقدم في السن تتفوق عمليات الهدم على عمليات البناء ما يؤدي لفقدان العضلات، وهناك أربعة عوامل رئيسية تسرع من فقدان العضلات هي:
ـ حياة الخمول والكسل.
ـ النظام الغذائي الفقير بالسعرات الحرارية والبروتينات.
ـ الالتهاب.
ـ الإجهاد الشديد.

* أعراض فقدان العضلات العمري

ذكرنا أعلاه أن فقدان العضلات يحدث بشكل تدريجي ومتزايد مع التقدم في السن ليؤدي عاجلاً أم آجلاً إلى ضعف العضلات وما له من انعكاسات على جودة الحياة، ويمكن أن تشمل الأعراض الأولية لفقدان العضلات العمري:
ـ تدهور الشهية.
ـ الضعف الجسدي مع مرور الوقت.
ـ الصعوبة في حمل ورفع الأشياء المعتادة.
ـ تباطؤ المشي.
ـ الإرهاق بسهولة أكثر.
ـ فقدان الوزن وصعوبة الحفاظ على الوزن الطبيعي.
ـ ظهور بوادر الهشاشة في العظام.

إن الأعراض سالفة الذكر ليست نوعية، ويمكن أن تشاهد في حالات طبية أخرى، فإذا عانيت من واحد أو أكثر منها من دون مبرر واضح فإنه عليك التحدث مع مقدمي الرعاية الطبية لتوضيح ما يجري في الكواليس.

* مضاعفات فقدان العضلات العمري

قد يؤدي فقدان العضلات العمري لباقة من المضاعفات هي:
ـ اضطراب في التوازن.
ـ كثرة الحوادث المنزلية وحوادث السقوط.
ـ الكسور.
ـ العجز.
ـ تدهور نوعية الحياة.
ـ زيادة مخاطر الإصابة ببعض الأمراض مثل هشاشة العظام، والداء السكري النوع الثاني، والأمراض القلبية الوعائية وغيرها.
ـ الموت.

* تشخيص فقدان العضلات العمري

إن تشخيص فقدان العضلات العمري هو عملية صعبة ومعقدة قد تستغرق ردحاً طويلاً من الزمن، ولا يوجد اختبار معين يسمح بتشخيص فقدان العضلات العمري، ويتم في الوقت الحاضر الاستعانة بالتصوير المقطعي، والتصوير بالرنين المغناطيسي، وامتصاص قوة الأشعة السينية وغيرها من الطرق المختلفة لتحديد قوة ووظائف الجهاز العضلي؛ إضافة إلى تقدير كمية الدهون والكتلة العضلية في كل الجسم، وتنصح بعض الدراسات باستخدام اختبار قوة قبضة اليد للمساعدة في التشخيص.

* علاج فقدان العضلات العمري

1ـ التمارين الرياضية لتنشيط العضلات

تعد هذه أفضل سبيل لمحاربة فقدان العضلات العمري، ولا تفيد التمارين العضلات وحسب بل تنفع العظام والجهاز القلبي الدوراني والجهاز التنفسي. وكل أنواع الرياضات مفيدة إلا أن بعضا منها يعتبر أفضل من غيره:

ـ تدريبات المقاومة

وتعد هذه من أنجع الرياضات التي تسمح بتعزيز الكتلة العضلية، ومنع فقدانها بفعل ثقل السنين، إذ تساهم تلك التدريبات في خلق نوع من الضغط على الألياف العضلية؛ ما يجبرها على إطلاق إشارات هرمونية وعصبية تعزز من نمو الخلايا العضلية، وإصلاح نفسها إما عن طريق تخليق بروتينات جديدة، أو عن طريق تشغيل خلايا جذعية تساند العضلات الموجودة، وينصح بتدريبات المقاومة التي تحرك جميع عضلات الجسم خاصة تلك التي تتعلق بالساقين والوركين والظهر والبطن والصدر والكتفين والذراعين، كما ينصح بالقيام بتلك التمارين 3 مرات في الأسبوع، ولمدة نصف ساعة في كل مرة.

ـ المشي وتدريبات اللياقة البدنية

وهذه لا تفيد العضلات وحسب، بل تفيد القلب والأوعية الدموية، وتمنع زيادة الوزن، وتحسن من استجابة الجسم للأنسولين، وتمنع تراكم الشحوم التي تسبب الالتهابات، وأمراض القلب، والداء السكري النوع الثاني، والسرطان.

2ـ النظام الغذائي

إن الحصول على جرعات أعلى من بعض العناصر الغذائية من شأنه أن يعزز من نمو العضلات، وتضم هذه:

ـ البروتينات

 إن الحصول على ما يكفي من البروتينات كل يوم يعد أمراً هاماً لبناء وتعزيز نمو وقوة العضلات، فمثلاً، وجدت إحدى الدراسات التي طاولت 33 رجلاً فوق 70 عاماً، أن تناول ما لا يقل عن 35 غراماً من البروتينات يومياً زاد من نمو العضلات لديهم، وينصح بتناول اللحوم والألبان والأجبان والأسماك والبيض بنسب أكبر عند التقدم في السن من أجل الحفاظ على قوة العضلات.

ـ فيتامين D

إن العلاقة ما بين فقدان العضلات العمري، وهذا الفيتامين غير واضحة خاصة أن عدداً قليلاً من الدراسات أظهر فوائده على هذا الصعيد، وقد يؤثر نقص فيتامين د سلباً على قدرة الجسم على بناء العضلات، لهذا يوصى بتأمين الاحتياجات الضرورية منه، أما عن أفضل جرعة يجب أخذها من فيتامين D لمنع فقدان العضلات العمري فليست معروفة في الوقت الراهن.

ـ أحماض أوميغا3

كشفت دراسة أن إعطاء زيت السمك بمعدل 2 غرام يومياً بالتزامن مع تدريبات المقاومة أدى إلى زيادة قوة العضلات أكثر مما لو اقتصر الأمر على التدريبات فقط من دون زيت السمك، وليس معروفاً بعد آلية تأثير الأحماض أوميغا3 على العضلات إلا أن البعض يعزوها إلى خصائصها المضادة للالتهاب.

ـ الكرياتين

هو بروتين يتم صنعه في الكبد، ويستطيع الجسم تأمين ما يكفي منه، ولكن تبين أن التماس الكرياتين من خلال النظام الغذائي أو من خلال المكملات الغذائية قد يفيد في نمو العضلات، وفي دراسات شملت 375 شخصاً من البالغين في عمر 64 سنة جاءت نتائجها لتوضح أنه لدى الأفراد الذين تناولوا 5 غرامات من الكرياتين إلى جانب ممارسة تدريبات المقاومة أدى إلى المزيد من الفوائد؛ مقارنة بالأشخاص الذين طبقوا تمارين المقاومة وحدها من دون الكرياتين، وهذا يشير إلى أن الكرياتين ليس مفيداً لوحده، يجدر التنويه هنا إلى أن فائدة الكرياتين لا تظهر بين ليلة وضحاها بل تحتاج إلى فترة لا تقل عن 4 أشهر.

* الخلاصة

إن فقدان العضلات العمري يعني الضياع التدريجي والمتزايد في الكتلة العضلية، فكلما تقدم عمر الإنسان فقد شيئا من عضلاته. ووفقاً للخبراء الطبيين، فإن الملامح الأولية لفقدان العضلات العمري تلاحظ عند مشارف الثلاثينات من العمر ليزداد تدريجياً مع التقدم في مشوار العمر، وليبلغ أوجه في سنوات ما بعد السبعين، ويؤثر فقدان العضلات العمري على جودة الحياة، ومن هنا تأتي أهمية القيام بالخطوات اللازمة ليصبح تشخيصه وعلاجه والوقاية منه جزءاً من الممارسة السريرية الطبية الروتينية. ولعل العبرة الأهم التي يمكن استخلاصها من هذا المقال هي أن نضع في أذهاننا أن هناك عاملين أساسيين يساهمان جنباً إلى جنب في الحد من الإصابة بفقدان العضلات العمري هما:

ـ زيادة النشاط البدني.
ـ تناول نظام غذائي متوازن قليل الكربوهيدات والدهون، ويؤمن الحد الأقصى من البروتينات بمعدل لا يقل عن 1.2 غرام لكل كيلوغرام من الوزن يومياً.

التعليقات مغلقة.