التمويل المقاولاتي  بالمغرب أية أفاق؟

أسماء أبحكان  : دكتورة في القانون العام
مما لاشك فيه أن ما يعرفه المجتمع من أزمات ومشاكل اجتماعية واقتصادية وارتفاع معدل البطالة وانتشار الفقر وتراجع مستوى الإنتاج والتعثر في إيجاد نمودج تنموي فعال لكسب رهان التحديات واعادة النظر في أساليب تدبير الاقتصاد والتنمية الاجتماعية ،مما جعل الدولة تنفتح على الجمعيات والمنظمات الغير الحكومية كشريك أساسي في خلق فرص التنمية ومساعدة الشعب بواسطة الشعب انطلاقا من مقاربات جديدة يلعب فيها القطاع الخاص دورا محوريا ،مما أدى الى بروز قطاع اقتصادي تنموي يعتبر نسبيا مناسبا للحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل عام هو قطاع الاقتصاد التضامني والاجتماعي والذي شهد تطورا ملموسا خلال السنوات الاخيرة كخيار استراتيجي لقيادة البلاد من أجل خلق فرص العمل ونشر التنمية الاقتصادية فأهمية قطاع الاقتصاد الاجتماعي التضامني أنه يتيح خلق دينامية اقتصادية في البلاد وضمان حياة “كريمة” للمواطنين.
وهو ما أكده جلالة الملك في خطاب افتتاح الدورة الاولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية العاشرة حيث جاء فيه:”.. إن المرحلة الجديدة تبدأ من الآن، وتتطلب انخراط الجميع، بالمزيد من الثقة والتعاون ، والوحدة والتعبئة واليقظة، بعيدا عن الصراعات الفارغة، وتضييع الوقت والطاقات .
ويأتي في صدارة أولوياتها، تنزيل الإصلاحات، ومتابعة القرارات، وتنفيذ المشاريع.وهي من اختصاص الجهازين التنفيذي والتشريعي، بالدرجة الأولى.ولكنها أيضا مسؤولية القطاع الخاص، لاسيما في ما يتعلق بالتمويل، فضلا عن الدور الهام لهيآت المجتمع المدني الجادة . …….و من المعروف أن جهود الدولة وحدها لا تكفي في هذا المجال. و هو ما يقتضي انخراط القطاع الخاص في عملية التنمية.وأخص بالذكر هنا القطاع البنكي والمالي، الذي نعتبره حجر الزاوية، في كل عمل تنموي…… لذا، نحث القطاع البنكي الوطني على المزيد من الالتزام ، والانخراط الإيجابي في دينامية التنمية، التي تعيشها بلادنا، لاسيما تمويل الاستثمار، ودعم الأنشطة المنتجة والمدرة للشغل و الدخل.وفي هذا الإطار، ندعو الأبناك، إضافة إلى الدعم والتمويل الذي توفره للمقاولات الكبرى، لتعزيز دورها التنموي، وخاصة من خلال تبسيط وتسهيل عملية الولوج للقروض، والانفتاح أكثر على أصحاب المقاولات الذاتية، وتمويل الشركات الصغرى والمتوسطة..”
فمن خلال هده المقتطفات من الخطاب الملكي  يتضح بالملموس التوجه العام للدولة التي ستنهجه بحيث ستتجه لدعم المقاولات الصغرى والمتوسطة عن طريق منح القروض ،ويعد المغرب من بين الدول الاوائل في افريقيا والشرق الاوسط الدي بادر الى وضع اطار قانوني يؤطر هده الآلية. وهو قانون التمويل التعاوني ،هدا التمويل الدي تشير الاحصائيات الدولية الى تطور سريع لهده الالية حيث فاق حجم التمويلات 35 مليار دولار ووفق تقديرات الخبراء من المحتمل أن يصل حجم سوق التمويل التعاوني العالمي إلى  140مليار دولار قبل متم سنة 2022،وتسجل أعلى نسب نمو أنشطة التمويل التعاوني في الدول الاسيوية ،بمعدلات نمو سنوية تتعدى 200 في المائة خصوصا في الصين.
و بالنسبة للحكومة المغربية فقد بادرت الى اطلاق البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات.والذي يستهدف تمويل ودعم مشاريع الشباب من خلال خلق صندوق دعم تمويل المبادرات المقاولاتية  ،هدا الصندوق وحسب تصريح وزير المالية أمام جلالة الملك يوم 27 يناير 2020 ستضخ فيه 6 ملايير درهم على مدى ثلاثة سنوات ،في إطار شراكة بين الدولة والقطاع البنكي على أساس مساهمة من الدولة بثلاثة ملايير درهم  ونفس المبلغ من القطاع البنكي، هذا الصندوق، الذي خصصت له موارد مهمة، سيعمل على دعم الخريجين الشباب حاملي المشاريع والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتمكينهم من الولوج للتمويل، وكذا دعم المقاولات العاملة في مجال التصدير، وتمكين العاملين في القطاع غير المنظم من الاندماج المهني والاقتصادي. كما أن هدا البرنامج يتضمن تنسيق عمليات الدعم والمواكبة المقاولاتية على مستوى الجهات، ولم ينسى أيضا الإدماج المالي للساكنة القروية.
فحسب تصريح المسؤولين الحكوميين انه ستنتهج سياسة تحفيزية جديدة ومندمجة من أجل ضمان تمويل ودعم تقني لفائدة المقاولات والشباب حاملي مشاريع والمقاولات  .
هنا قد نطرح جملة من الأسئلة كيف سيتم تحديد المستفيدين ؟ وهل ستقف المبادرة عند عدد معين من حاملي المشاريع؟ أم الاستفادة غير محدودة؟هل الشريك الأساسي الابناك واعي بالأهداف الاجتماعية للمبادرة؟ نسبة فائدة القروض لم تحدد بصريح العبارة ؟ في حالة فشل المقاولة مادا سيكون مصير المقاول؟
فلا اختلاف على أن البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات هو مشروع مجتمعي مهم سيقلص نسبة البطالة والفقر بشكل كبير في حالة تم تنزيله كما دعا إلى دالك جلالة الملك وأن تستفيد منه الفئة التي تستحقه.
لهدا وجب الاخد بعين الاعتبار مجموعة من الإجراءات عند تنزيل هدا البرنامج فشباب خريجي الجامعات والمعاهد ليس بالضرورة يتقنو جميعهم  صياغة مشاريع مقاولة بالطريقة التقنية ما قد يضيع الفرصة على مجموعة من الشباب ،لدا وجب إما خلق مكاتب مختصة فقط في التوجيه أو وضع منصة الكترونية  تشرح الخطوات بالتفصيل  كما ينبغي على الحكومة  إتباع السياسات التالية التي نعتبرها قادرة على المساهمة في تنزيل البرنامج : بأن تسعى لكسر العوائق الإدارية،وتقليل عدد المتدخلين الذي ينتج لنا هدر الزمن الإداري، بهدف تبسيط الإجراءات وتسهيل المسار البيروقراطي لإنشاء المشاريع.
مع ضرورة الانفتاح على الجامعات كشريك أساسي في عملية  ابتكار مشاريع  وتأطير الشباب من خلال المختبرات العلمية  المتواجدة داخل الكليات وأيضا  تمكين الباحثين من تجميع طاقاتهم وتطوير مشاريع ذات مردودية.
وأخيرا و لتحقيق أي برنامج مجتمعي يجب توفر إرادة حقيقية للمتدخلين في تنزيله مع ضرورة تجاوز الحسابات السياسية والانتخابية ومراعاة أولا وأخيرا وكما دعا جلالته في أكثر من خطاب مصلحة المواطن.

التعليقات مغلقة.