نكسات ترامب المتوالية خلال النتائج الأولية للإنتخابات الأمريكية

بقلم :  صبرينة مسعودان
 العالم ينتظر النتائج النهائية للإنتخابات الأمريكية 2020 ليتم الإعلان عن الرئيس ال 46 لأمريكا٬ إما عهدة جديدة للجمهوري دونالد ترامب٬ وإما ترشيح الديمقراطي جو بايدن الذي يتصدر السباق الرئاسي حسب الاحصائيات الاولية الحالية.
  بينما يتم فرز الأصوات في الولايات الحاسمة بالولايات المتحدة الامريكية٬ حيث يحتل الصدارة الرئيس الحالي ترامب٬ في كارولاينا الشمالية  والاسكا٬ في حين أن بايدن متفوقا في نيفادا٬  وسرعان ما تصدر بنسلفانيا و جورجيا متخطيا ترامب. في سابقة من نوعها أن تُصوت محافظة جورجيا للديمقراطيين٬ لأن عام 1992 كانت آخر مرة فاز فيها مرشح ديمقراطي رئاسي بالولاية. حيث تفوق بيل كلينتون على جورج بوش بستة أعشار نقطة مئوية فقط. و منذ ذلك الحين إتجهت جورجيا بشكل كبير إلى الجمهوريين. ففي عام 2002 أصبح سوني بيرديو أول حاكم للحزب الجمهوري في الولاية منذ إعادة الإعمار٬ و في نفس الدورة الانتخابية سيطر الجمهوريون على الأغلبية في مجلس شيوخ الولاية٬ وبعد ذلك بعامين على مجلس النواب. وبالتالي ستكون هزيمة كبرى للجمهوريين إذا فاز جو بايدن بالولاية. إلا أنها لن تكون مفاجئة إذا ما فاز بايدن بولاية بنسلفانيا لأن الولاية منذ عام 2000 وهي تصوت دائما للمرشح الديمقراطي لأربع فترات إنتخابية٬ ليَقلب ترامب الطاولة ويحصل على الولاية في إنتخابات 2016 ضد الديمقراطية هيلاري كلينتون مُخَلِفا صدمة كبرى للديمقراطيين .وبالتالي شاءت الأقدار أن يقلب بايدن الموازين لصالحه هذه السنة٬ حيث عَمل على إستهداف الولاية في حملته الإنتخابية ٬ بالقيام بزيارات عديدة للمحافظة في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات الرئاسية٬ و وَضَع العديد من الإعلانات الدعائية المروجة لترشيح بايدن. 
تعاقبت المفاجآت و خيبات الأمل لترامب في إنتخابات الرئاسة 2020. من نزوح رهيب للولايات المحالفة له ٬ ففي اليومين الماضيين تلقى الرئيس  ضربة قاسية من ولاية أريزونا التي لطالما كانت جمهورية لكنها سرعان ما كسرت التوقعات بفوز بايدن  الديمقراطي ب 50.1% لحد الساعة. لتلتحق ولاية فريجينيا هي الاخرى بالديمقراطيين مع أنها دعمت ترامب في سنة 2016 في حربه ضد كلينتون. 
على السياق الدولي كل دول العالم تنتظر الإعلان عن الرئيس القادم للو.م.أ٬ خاصة الدول التي لديها مشاكل سياسية مع الرئيس الحالي. على سبيل المثال ايران٬ التي يرى الخبراء أن فوز بايدن سيشكل نقطة فارق كبير بين الدولتين على حساب ترامب٬ الذي يعتمد سياسة الضغط إتجاه الصين و إيران. لكن بفوز بايدن من المرجح العودة الى الاتفاق النووي لأن الديمقراطي بايدن لا ينظر بعدوانية الى وثيقة السلاح النووي . من جهة اخرى فإن الحرب مع الصين ستتواصل في حالة فوز بايدن بل ستكون منظمة  أكثر تحمل العديد من المفاجآت٬ وهذا نٍسبة لتصريحات سابقة للمرشح بايدن. شدد فيها على الحاجة لضرورة التنسيق مع حلفاء واشنطن في مواجهة الممارسات التجارية الصينية. يُذكر أيضا أن بايدن قد بارك الصعود التجاري للصين عندما كان نائبا للرئيس السابق لباراك اوباما .
 أما بخصوص الملف الروسي وبالرجوع إلى ما فعلته الحكومة الروسية في إنتخابات امريكا الرئاسية عام 2016. عندما تدخل الجهاز الروسي  بالانتخابات الأمريكية٬ قصد الإضرار بحملة هيلاري كلينتون وتعزيز ترشيح دونالد ترامب وزيادة الخلاف السياسي والاجتماعي في الولايات المتحدة. بعد أن تمت العملية بأمر مباشر من الرئيس فلاديمير بوتين.  الا ان ترامب استبعد مرارا ان تكون روسيا تدخلت لمساعدته بالفوز في الانتخابات 2016. لكن التحقيقات تنظر في إحتمال وجود تواطؤ بين حملة ترامب وروسيا، أو أن يكون الرئيس تعمد عرقلة التحقيق من خلال طرد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي “FBI” السابق جيمس كومي في مايو 2017. يُرجٍح العديد من المحللين السياسين أن تُواصل روسيا في دعمها لدونالد ترامب. لكن السيناريو الذي لن تتوقعه حملة دونالد و الجمهوريين أجمع٬  أن تنقلب الأوضاع لصالح بايدن و يستفيد من تدخل روسيا في الإنتخابات٬ خاصة بعدما صَرح  مُحَذِرا٬ بأن روسيا ستدفع ثمنا غاليا إذا إستمرت بالتدخل في الشأن الأمريكي واصفاً إياها بخصم الولايات المتحدة .
في المقابل يرى جهاز المخابرات الأمريكي أن الصين هي المشكل الأساسي لإنتخابات هذا العام وليس روسيا. نتيجة أن الصين تقوم بتوسيع جهود نفوذها٬ لتشكيل بيئة سياسية في الولايات المتحدة٬ يترتب عنها الضغط على الشخصيات السياسية المعارضة للصين .
 خلال كل هذا الإضطراب الذي يشهده ميدان الحرب السياسية بين ترامب وبايدن٬ و هرج قادة العالم بين إستمرارية المنهجية المتذبذبة لعلاقتهم مع ترامب٬ أو نهضتها من جديد في حالة فوز المرشح بايدن٬ 
لا زال وضع ترامب مهتز خاصة بعدما تخلى عنه حلفاؤه. من بينهم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو٬ الذي يلتزم الصمت التام وعدم التدخل في إنتخابات أمريكا الحالية٬ بالرغم من أن نتنياهو يتربع على عرش الحلفاء لترامب خلال فترة حكمه٬ ويُعتبر الصديق المقرب للرئيس الذي يُعد قفزة حظ تاريخية لنتنياهو٬ حيث عَمل على تمهيد طريق نتنياهو في الساحة الدولية من إبراز خدماته لدى اوروبا إلى تسوية علاقاته السياسية مع دول الشرق الأوسط. لكن الطبق الذهبي الذي قدمه له ترامب لن يبقى على حاله إذا ما وصل بايدن لمقعد الرئاسة٬ لأن سياسة بايدن ستكون الإدارة الديمقراطية الجديدة المُلتزمة بإستعادة التحالفات الأمريكية التقليدية٬ الأكثر مَيلا للعمل يالإجماع الدولي. وبالتالي يؤدي إلى عودة منهج مدروس يعمل على تفاهم أكبر لِوجهات النظر الفلسطينية٬ ودفع متجدد للتسوية مع إيران.
في الأخير٬ خسارة ترامب وفوز بايدن لن تكون له إنعكاسات كبيرة على دول المغرب العربي. لكن في المقابل ستشهد تغيرات في علاقة الو.م.ا مع الشرق الأوسط لأن ترامب كان يدعم دول الشرق الأوسط في قضايا حقوق الإنسان لكنه لم يبدٍ أية إهتمام لحركات التغيير و الديمقراطية في المنطقة وهذا ما سيعمل عليه المرشح بايدن .

التعليقات مغلقة.