آفاق الواقع السياسي بالمغرب ورهانات التجديد.

فنيدو محمد

بعد ثورات الربيع العربي، عرفت الساحة السياسية حلة جديدة تمثلت في صعود حزب العدالة والتنمية الذي ترأس الحكومة لولايتين، لكن تطرح تساؤلات حول اختيار الشريحة المحدودة التي توجهت لصناديق الاقتراع و اختيارها لهذا الحزب، لتكون الإجابة بسيطة وهي أن فكرة الفساد والسرقة للميزانيات المخصصة للمجالس الانتخابية ستتوقف باختيار هذا الحزب !!

لكن الأهم هو من توجه إلى الصناديق؟ ومن هي الشريحة التي عزفت عن الاقتراع؟ وأين يكمن الخلل؟

تساؤلات بديهية لم يكلف احد بوضع استطلاع حولها، لكن تبقى الإجابة عنها ذات أهمية قصوى لتغيير المشاركة السياسية للمواطن المغربي في صنع القرار السياسي وتوجهاته.

من خلال تجربتي و درايتي المتواضعة أقول أن عامل الوعي السياسي والتأطير الحزبي لم يكن في المستوى المطلوب لدى المواطن بصفة عامة، خاصة وأن فكرة الحكومة لا تحكم والنواب والمستشارين مجرد استرزاقيين جعلوا الناخبين يتجاهلون الممارسة السياسية ويتركون الأحزاب تغرد خارج السياق التوعوي الوطني، لتبقى نسبة قليلة اختارت حزب العدالة والتنمية رغبة في قلب الموازين و وقف الفساد  كقناعة غير مجدية.

و يعود الخلل أساسا إلى كون الأحزاب أصبحت تجمعات زبونية كرست الفشل الذريع في تأطير الشبيبات الحزبية وضم منخرطين جدد واستعمال لغة الخشب في الإقناع و كذا عدم قدرة الإعلام الوطني على تجسيد الصورة الحقيقية للأوضاع بحلوها ومرها، بل تناول الأمور بمجاملات و محسوبية جعلت المواطن لا يكترث للعمل السياسي.

لو وضعنا استطلاع رأي حول أسباب العزوف الانتخابي سنجد ببساطة أن الأحزاب بعيدة عن المواطن بل همها كيف تصل إلى الغنيمة، لوجدنا أن الفساد والتحكم حجر عثرة أمام الممارسة الديموقراطية، لوجدنا أن الأمية والجهل و شراء الذمم جعل الممارسة الانتخابية فسيفساء يندمج فيها الفساد والغش والجهل أكثر من الوعي المسؤول بالعمل السياسي أو الاقتراب من المواطن وهمومه.

بعد حوالي ثمان سنوات لم يتغير الكثير بل أصبح المواطن يتمنى الأحزاب التقليدية دون حزب العدالة والتنمية لسبب بسيط تحكمه إرهاصات المديونية والاقتطاعات في الأجور والتراجع عن صندوق المقاصة والإصلاح الضريبي وغيرها…، كل هذه الخيارات أعطت  طابعا سلبيا عن توجهات حزب العدالة والتنمية ومما زاد الطين بلة فشله في تدبير الشأن الوطني مما عجل بتدخل الملك لإصلاح الحكومة و إعفاء وزراء كانوا عالة على التوجه الإصلاحي للبلاد.

ومن منظوري الخاص لابد من امتلاك الجرأة السياسية لتسمية الأمور بمسمياتها وجعل وعي المواطن فوق كل اعتبار وإصلاح للإعلام الوطني ليكون في خدمة المواطن بمعناها الايجابي وليس مجرد اسطوانة فارغة بدون إضافة.

و كذا خلق دينامية جديدة لتواصل الأحزاب مع الشعب بعيدا عن الطريقة الكلاسيكية المتمثلة في المؤتمرات و اللغة الكرتونية التي تتكرر باستمرار وكذا توقيت تحرك معظم الأحزاب قبيل الانتخابات، بل وجب المزج بين التجارب الحزبية للدول أكثر ديمقراطية  وطريقة تواصلها مع المواطن .

وفي الختام أرى أنه من المستبعد خلق تغيير  في ظل إطار عقيم  لا يهدف إلى الإبداع و إعطاء العمل السياسي مناخ قابل للنجاح ما دامت الطرق المتبعة متخلفة والمواطن جاهل والأحزاب استرزاقية والكوادر دون المستوى وإعلام غير هادف.

التعليقات مغلقة.