العثماني بين منطقي السلطة والسلطة (بضم وفتح السين)

محمد حميمداني

 يبدو أن المغرب سيكون على موعد مع مشهد سياسي ساخن تفاعلا مع التصريحات الصادرة حتى عن رأس الحكومة المغربية ، سعد الدين العثماني ، الذي طالب من قلب شفشاون ، و في إطار مهرجان نظمته الكتابة الإقليمية لحزب العدالة و التنمية بالمدينة ، السلطات المحلية بما أسماه “التزام الحياد الإيجابي تجاه جميع المنافسين” ، متحدثا على ضرورة ضمان ، ما أسماه ، نزاهة و مصداقية العمليات الانتخابية بالإقليم ، فيما اعتبره خطوة لتعزيز المسلسل الديمقراطي بالمغرب ، داعيا إلى “التجنذ لمواجهة كافة أشكال الفساد الانتخابي و فضح الأساليب البائدة للتأثير على إرادة الناخبين و المس بنزاهة الانتخابات ، و رفض شراء الذمم و المتاجرة في كرامة المواطنين” .

 إعلان رئيس الحكومة هذا يفتح ألف تساؤل، ويعيد إلى الأذهان مسلسل التشكيك في نتائج الانتخابات التشريعية السابقة التي فاز بها الحزب المشكك في النتائج، وتكليف العثماني برآسة الحكومة بدل “بنكيران”.

 كما أن هذا التشكيك القبلي يأتي في ظل موجة الانسحابات من الحزب، وأفول نجمه تنظيميا وجماهيريا بعد القرارات الصادمة للمغاربة التي مررها، وإغراقه البلاد في سلسلة القروض التي رهنت المغرب بين يدي المؤسسات المالية القارضة العالمية، فضلا عن تطبيعه مع الكيان الصهيوني وتصالحه مع الفساد الذي يتحدث عنه بعدما تراجع عن محاسبة الفساد والمفسدين، مع فتوى زعيمه الأكبر بأن الوطن غفور رحيم.

 الأكيد أن الحزب أحس بوجع الارتدادات والانتكاسات التي حصلت حتى داخل دواليبه، ومن هنا أشهر النقد لكل شيء، في ظل عزلة شاملة أصبح يعيشها مما جعله يدخل في مغازلة أعداء الأمس الألداء.

 فبعد أن بكى “العثماني” من تمرير “القاسم الانتخابي” معتبرا إياه يستهدف حظوظ حزبه في الانتخابات المقبلة، معتبرا أن التعديل يتضمن ما أسماه “تراجعات ديمقراطية تضعف المؤسسات المنتخبة وله تداعيات على المسارين الديمقراطي والتنموي للبلاد”، معبرا وبصريح العبارة أن ذلك كله “له تفسير واحد وهو أن هاته التعديلات تستهدف حظوظ العدالة والتنمية في الانتخابات المقبلة”.

 و مع اقتراب الموعد الانتخابي المقرر إجراؤه في شهر أكتوبر القادم و سقوط حزب “المصباح” عبر مجموعة من الصدمات الكهربائية في التطبيع و القنب الهندي و التعريب و إفراغ جيوب المغاربة نتيجة السياسات الاقتصادية المنتهجة ، و ارتفاع نسبة البطالة ، و تراجع منسوب الحريات العامة ، و رهن اقتصاد البلاد بدين خارجي لا يحقق التنمية وفق ما صرح به ، بل عزز و يعزز ربط البلاد بمسلسل التبعية ، و هو ما يؤكده الركود الاقتصادي الذي يعيشه الاقتصاد المغربي ، مما يجعل مجمل المخططات الاقتصادية المنتهجة تستهدف في مجملها أداء نسبة الدين المسجل ليس إلا.

 و لعل قمة التلخبط التي يعيشها “العثماني” تكمن في تناقضات تصريحاته حتى في ترشحه للاستحقاقات المقبلة، التي لم يتأكد منها إلا أنه لن يخوضها في المحمدية التي فقد فيها بريقه “الإخواني” نتيجة عدم استفادة الإقليم من مشاريع تنموية تخفف من الأعباء العامة التي يعيشها المواطنون، خاصة و أن نشطاء بالمدينة قد قرروا خوض “معركة” ضد سعد الدين العثماني، بهاته المدينة التي فاز بمقعدها النيابي لولايتين متتاليتين.

 كما أن هذا التشكيك في حصول “تزوير” ضد الحزب الحاكم، سبقه تهليل من العثماني نفسه ووثوقه بتصدر حزبه لهاته الاستحقاقات الانتخابية، وتطبيل بإنجازات حكومته في مجال ما أسماه محاربة الفساد، والذي قدم له نموذجا بإصلاح منظومة العدالة التي لا تشكل إنجازا لأنها ضمن المخططات المؤسساتية للدولة مع تعاقب الحكومات وهي فضلا عن ذلك إحدى أهم الثقوب التي وجهتها المؤسسات المانحة للدولة المغربية، والتي تحول دون تحقيق التنمية نتيجة عزوف المستثمرين على المغامرة بالاستثمار في بلدان لا يثقون في حيادية عدالتها.

 

التعليقات مغلقة.