بقلم د. مبارك أجروض
ورم الدماغ بالنسبة للكثيرين يعني النهاية حتى أن التفاصيل لا تهم، والحديث عن أورام خبيثة وأورام حميدة وأورام كاذبة لا يعني شيئا، فهو في النهاية ورم. ومن المعروف أن الأورام ارتبطت في أذهان الناس بالمرض المستعصي الذي لا علاج له ولا شفاء منه، وعندما يتعلق الأمر بالدماغ، فهي النهاية حتما.
ويفسر الأطباء ما يحدث بأن الورم الحقيقي يضغط على مناطق معينة في الدماغ، مع ارتفاع ضغط الدماغ التلقائي، وحدوث ضغط كذلك فيها، وتشمل أعراض الورم الحقيقي الشكوى من صداع شديد وغثيان واضطراب القدرات البصرية. ويمكن أن يشكو المصاب بالورم الدماغي الكاذب pseudotumeur cérébrale من صداع تتراوح شدته من المتوسط وحتى الشديد، وربما ينشأ وراء العينين، ويزداد سوءاً مع حركة العين، كما يعاني أيضاً من رنين في الأذنين، والذي ينبض بالتوازي مع دقات القلب، وغثيان أو قيء أو دوخة، ويشكو المصاب ألماً في الرقبة، أو الكتفين أو الظهر، ويسمى كاذب لأن أعراضه تشبه تلك التي تسببها أورام الدماغ، ولكن بدون وجود ورم. ويُعرف أيضًا باسم ارتفاع ضغط الدم داخل الجمجمة مجهول السبب. وهذه الحالة قابلة للعلاج، ولكن يمكن أن تعود في بعض الحالات.
* علامات الورم الدماغي الكاذب
يمكن أن يصيب الورم الدماغي الكاذب الأطفال والبالغين، لكنه أكثر شيوعًا لدى النساء البدينات في سن الإنجاب. وقد تتضمن علاماته صداع معتدل إلى شديد قد ينشأ خلف العينين ويزداد سوءًا مع حركتها، طنين في الأذن ينبض بالتزامن مع ضربات القلب، غثيان أو قيء أو دوخة، تشوش الرؤية أو تغيمها، نوبات وجيزة من العمى، تستغرق بضع ثوانٍ فقط، تصيب إحدى العينين أو كلاهما، صعوبة في الرؤية الجانبية، ازدواجية الرؤية، رؤية أضواء وامضة وألم في الرقبة أو الأكتاف أو الظهر.
* سبب الورم الدماغي الكاذب
السبب الدقيق للورم الدماغي الكاذب لدى معظم الأشخاص مجهول، ولكنه قد يرتبط بزيادة مقدار السائل الدماغي النخاعي داخل الحدود العظمية للجمجمة. ويحيط السائل الدماغي النخاعي بكل من الدماغ والحبل الشوكي، وهو سائل يعمل بمثابة وسادة لحماية هذه الأنسجة الحيوية من الإصابة. ويتم إنتاج هذا السائل في الدماغ، ثم امتصاصه بنهاية المطاف في مجرى الدم. ولعل زيادة الضغط داخل القحف المصاحبة للورم الدماغي الكاذب قد تكون نتيجة لمشكلة في عملية الامتصاص هذه.
وبشكل عام، يزداد الضغط داخل القحف عندما تتجاوز محتويات الجمجمة سعتها. فعلى سبيل المثال، يزيد الورم الدماغي عمومًا من الضغط داخل القحف لعدم وجود حيز لاستيعاب الورم. يحدث الشيء ذاته إذا تورم الدماغ أو في حال وجود كمية زائدة من السائل الدماغي النخاعي، وترتبط العوامل التالية بالورم الدماغي الكاذب:
ـ السمنة، فالنساء البدينات الأقل من 44 عامًا هن أكثر عرضة للإصابة بهذا الاضطراب.
ـ الأدوية، مثل: هرمون النمو، تتراسيكلين وزيادة الفيتامين A.
ـ مشكلات صحية مثل: مرض أديسون، فقر الدم، متلازمة بهجت، اضطرابات تجلط الدم، الذئبة، متلازمة المبيض متعدد التكيسات، انقطاع النفس في أثناء النوم، قصور الغدد الجار درقية وارتفاع نسبة البولينا في الدم.
* تشخيص الورم الدماغي الكاذب
سيعاين الطبيب الأعراض والسجل الطبي، وسيُجري فحصًا جسديًا وسيطلب إجراء عدة اختبارات، مثل:
ـ فحوصات العين، للكشف عن نوع تورم مميز يصيب العصب البصري، يسمى وذمة حليمة العصب البصري، في الجزء الخلفي من العين. كما ستخضع أيضًا إلى اختبار مجال الرؤية لمعرفة ما إذا كانت توجد أي نقاط عمياء في الرؤية إلى جانب ما يسمى بنقطة العمى الطبيعية في كل عين في مكان دخول العصب البصري لشبكية العين.
ـ تصوير الدماغ، لاستبعاد المشكلات الأخرى التي يمكن أن تسبب أعراضا مشابهة، مثل أورام الدماغ وجلطات الدم.
ـ البزل القطني، لقياس الضغط داخل الجمجمة وكذلك مستويات الغلوكوز والبروتين.
* علاج الورم الدماغي الكاذب
الهدف من علاج الورم الدماغي الكاذب هو تحسين الأعراض والحفاظ على نظرك من التدهور. وقد يصف الطبيب أدوية للسيطرة على الأعراض. أما إذا كنت بدينًا، فسيوصي الطبيب بإنقاص الوزن.
ـ الأدوية
ـ أدوية glaucome، مثل acétazolamide (Diamox)، وهذا الدواء قد يقلل من إنتاج السائل الدماغي النخاعي. وقد تبين أيضًا تحسّن الأعراض لدى نسبة 47 إلى 67% من الأشخاص. وتشمل الآثار الجانبية المحتملة اضطراب المعدة والتعب ووخز بأصابع اليدين والقدمين والفم وحصى الكلى.
ـ إذا لم يحقق تناول acétazolamide وحده الفعالية المطلوبة، فقد يدمج أحيانًا مع acétazolamide (Diamox)، وهو مدر للبول قوي يقلل من احتباس السوائل عن طريق زيادة النتاج البولي.
ـ أدوية migraine يمكن أن تخفف أحيانًا من الصداع الشديد المصاحب للورم الدماغي الكاذب غالبًا.
ـ الجراحة
ـ فتح نافذة في gaine du nerf optique، ما يسمح بمرور السائل الدماغي النخاعي الفائض. ويستقر الإبصار أو يتحسن في معظم الحالات. ويلاحظ معظم الأشخاص الذين يقومون بهذا الإجراء في عين واحدة فائدة في كلا العينين. وعلى الرغم من ذلك، فهذه الجراحة ليست ناجحة دائمًا، بل ربما تزيد من مشكلات الرؤية.
ـ تحويلة liquide cérébro-spinal، للمساعدة على تصريف السائل الدماغي النخاعي الزائد. وقد تتحسن الأعراض بالنسبة لبعض الأشخاص الذين خضعوا لهذا الإجراء. لكن، يمكن أن يحدث انسداد في التحويلة الجانبية وغالبًا ما تتطلب عمليات جراحية إضافية للحفاظ على عملها بشكل ملائم. ويمكن أن تشمل المضاعفات، العدوى والصداع الناتج عن انخفاض الضغط.
التعليقات مغلقة.