هل أسقطت حيل”بوتين” الغرب في أوكرانيا؟؟؟

السعيد الزوزي

ظل الغرب يركز لاكثر من شهرين على الاستعدادات الروسية لشن غزو بري جديد لاوكرانيا،باستثناء انه لم يحدث،وليس من المحتمل ان يحدث،على الأقل بالشكل الأكثر شيوعا في التخيل.لقد استخدمت روسيا الشيء اللامع لتركز القوات الواضح لإثارة الذعر من الغرب ودفعه الى التفكير بجدية في مطالبه بدحر الناتو،لكن بالتركيز على المشكلة الخاطئة،والانظمام إلى المفاوضات بشروط روسيا.

 

وقعت الولايات المتحدة الأمريكية وحلف شمال الأطلسي،في عملية خداع إستراتيجية واسعة النطاق بكل المقاييس “استعدادات روسيا للصراع حقيقية”. ولكن بعد ذلك،يجب ان يكونوا كذلك.عندما أجرت عملية تجريبية لعمليات النشر الحالية العام الماضي،رأت روسيا كيف قام المحللون الأجانب بسرعة بتخفيض احتمال وقوع هجوم كبير،لانهم رأوا ان القوات لم تصل بالمواد الأساسية،مثل الامدادات الطبية، أو الذخيرة،او عناصر الدعم اللازمة لذلك.

 

شن واستدامة العمليات القتالية،هذه المرة تأكدت روسيا من وجودهم هناك وظهورهم، وتواصل روسيا تحريك قوتها غربا من أجل مواصلة الضغط على صناع القرار الغربيين،ادى ذلك إلى وجهة نظر مفادها أن النشر لايمكن ان يكون للعرض فقط،لانه ” كبير جداً بحيث لايمكن استخدامه”،لكن هذا يخطئ النقطة التي تم استخدامها بالفعل،انه على وجه التحديد هذا التركيز للقوات الروسية الذي دفع الولايات المتحدة إلى طاولة الحوار للحديث عما تريده روسيا.

 

وبعيدا عن المطالب الفورية و الصريحة المرتبطة بزيادة القوات،حققت روسيا أهدافا ثانوية أخرى.القضايا التي كانت في مقدمة الأذهان الغربية سابق،مثل احتلال روسيا لشبه جزيرة “القرم”واستمرار انتهاكات وقف إطلاق النار في شرق أوكرانيا،تم تنحيتها جانبا بسبب المخاوف الأكثر الحاحا بشأن التصعيد الوشيك،هذه ليست المرة الأولى التي تفعل فيها روسيا ذلك.

 

بعد الاستيلاء على شبه جزيرة” القرم”في عام 2014،تفاجأت روسيا بالسرعة والفعالية التي نقلت بها اعدادا كبيرة من قوتها البرية إلى الحدود مع اوكرانيا.لكن الدور الرئيسي لتلك القوات طوال معظم عام 2015 كان الجلوس على الحدود، والزيادة والاستنفاد كما هو مطلوب،من أجل تركيز انتباه الغرب وتوفير التهديد لتعزيز مطالب روسيا بوقف” إطلاق النار”المعيب وغير العملي.

 

صحيح ان هناك عددا من السيناريوهات المقنعة جيدا والمعقولة للغاية ،للعمليات البرية ضد اوكرانيا،لكن كل واحد منهم يمثل روسيا امام تحديات كبيرة ،لا تجلب عملية محدودة النطاق أي فوائد لاتملكها روسيا بالفعل،في حين أن الهجوم الشامل المصمم للاستلاء على الاراضي الأوكرانية،والسيطرة عليها يعتبر بعيدا عن متناول القوة المجمعة حاليا.

 

في أحدث التصريحات الصادرة عن الولايات المتحدة الأمريكية ، وعدت الردود الحازمة على روسيا في شكل عقوبات اقتصادية صارمة وتعزيز عسكري لاوروبا ،ولكن فقط اذا ،شنت روسيا غزوا بريا لاوكرانيا،هذا حافز قوي اخر لروسيا للقيام بشيء مختلف بدلا من ذلك.

 

في الواقع،يبدو ان النهج الذي تبعته الولايات المتحدة يتجاهل تماما مجموعة الخيارات الواسعة للعمل العدائي من قبل روسيا التي لا تنطوي في الواقع على غزو أي مكان، يظل خيار الضربات عبر الحدود باستخدام القوة الجوية أو الصاروخية او السيبرانية مطروحا على الطاولة.

 

التخريب والتخريب والعمليات التي يمكن انكارها لتعطيل وزعزعة استقرار البلد المستهدف،هي وسائل مغرية أخرى لروسيا للتعبير عن استيائها،وربما لا تكون أوكرانيا حتى الهدف اذا صدقت روسيا أيا من دعايتها الخاصة،فان الرئيس “بوتين” يعتقد أن ما يواجهه في أوكرانيا ليس الاوكرانيين بل الغرب.

 

وتستهدف مطالب روسيا حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية وليس أوكرانيا نفسها،ما يعنيه ذلك هو أن أي إجراء روسي يهدف إلى تصعيد الضغط قد يتم توجيهه إلى مكان آخر، وقد تكون الدول الأوروبية غير الأعضاء في الناتو البعيدة معرضة لخطر الضرر أو الاضطراب الذي يمكن انكاره.

 

” فنلندا” هدف صعب، لقد ابدت السويد استعدادها، وتتوقع ايرلندا،التي كانت مؤخرا هدفا لاهتمام روسي غير مرحب به،مناورات بحرية روسية في منطقتها في بداية فبراير.

 

اشار”EEZ” الاقتصادية الخالصة،البرلمانيون الايرلنديون إلى الموقع الحساس للتدريبات بالذخيرة الحية،قائلين إن روسيا اختارتها عمدا،لقربها من ممرات الشحن ومسارات الطيران والكابلات البحرية.

 

وهناك دائما مجال لحرب شاملة بعد خطأ فادح في التقدير من قبل روسيا،على الرغم من الرسوم الكاريكاتورية ” لفلاديمير بوتين”،باعتباره استراتيجيا ذكيا يتوقع كل خطوة يقوم بها خصومه من خلال لعب الجودو والشطرنج في وقت واحد،فان النخبة الحاكمة في موسكو ليست محصنة ضد سوء التقدير و الإصابات الذاتية اكثر من الأخرين في جميع أنحاء العالم.

 

لكن في الوقت الحالي،يشير المسؤولون في” كييف” إلى أن الرد على التهديدات الروسية ب “الذعر” يخدم مصالح موسكو فقط.لم يتم إثبات المخاوف المبكرة من قيام روسيا بمظاهرة معادية من أجل اجبار وثيرة المفاوضات.وبدلا من أن يفي” بوتين” ب “الرد العسكري التقني” الموعود ، فقد تطورت العملية ،مع تصاعد تكلفتها الاقتصادية بشكل مطرد.

 

قد تشعر روسيا قريباً أنها بحاجة إلى التحرك ، لكن لا ينبغي أن نتوقع أن تكون هذه الخطوة هي الخطوة التي ينتظرها الجميع.

التعليقات مغلقة.