العالم يجلي رعاياه من أوكرانيا، والروس لا يفاوضون في أمنهم القومي، فهل اقتربت الحرب؟

مع ارتفاع وثيرة سخونة المشهد الأوكراني الغربي الروسي وتوسع التحذيرات بقرب انطلاق الرصاصة الأولى، بدأت العديد من الدول إجلاء دبلوماسييها ودعوة رعاياها لمغادرة أوكرانيا في أقرب وقت، وتحذير الراغبين في زيارة “كييف” من هاته الخطوة في هاته الآونة.

 

على وقع تحركات عسكرية كبرى، ودرجة جهوزية عالية من الجانبين، وهو ما يقوي فرضية قرب انطلاق شرارة الحرب، بعد فشل كل المساعي الدبلوماسية، وتشدد مواقف الغرب اتجاه مطالب روسيا بعدم توسع الحلف شرقا، واستبعاد أوكرانيا من أي فكرة لانضمامها للناتو.

 

المساعي الدبلوماسية وصلت إلى الطريق المسدود، إن لم نقل فشلت، في تقريب تعارض المصالح، وروسيا تعتبر التمدد شرقا تهديدا مباشرا لسلامة أراضيها، وبوتين المستمد قوته من الجبهة الداخلية الرافضة للتمدد الغربي، والداعمة للقيادة الروسية في معركتها الوطنية المقدسة، كما يرى القوميون الروس.

العديد من اللقاءات عقدت لكنها لم تستطع أن تزحزح الراكد من مكانه، وفشلت في إطفاء لهيب الحرب، الروس جادون ولا يفاوضون في أمنهم القومي، هكذا يطرح بوتين وخلفه القيادة مواقفهم، والشروط الروسية يجب أن تؤحد بعين الاعتبار كتابة وليس وعودا، لأن روسيا لم تعد تثق في الوعود الغربية، هكذا يتحدث الروس، والغرب ومعهم الناتو يرفضون تقديم تنازلات، و العالم على شفير الحرب التي إن اندلعت ستكون الثالثة عالميا لأن أطرافا أخرى، وعلى رأسها أمريكا، لن تبقى مكتوفة الأيدي، وهو ما عبر عنه “بايدن” وفريقه الدبلوماسي والعسكري.

 

تعجيل بترحيل البعثات الدبلوماسية ومطالبة الرعايا بالرحيل

 

الغرب يصف الوضع بالأخطر منذ نهاية الحرب الباردة، الكيان الصهيوني أعلن النفير وطالب رعاياه بالرحيل عن “كييف” أو السفر إلى أوكرانيا، وبدأ عمليا في إجلاء عائلات الدبلوماسيين وأعضاء البعثة، متبعا خطوات الإنجليز والأمريكيين والهولنديون حتى الآن. 

هل ستشتعل لهيب الحرب؟

الثانية فشل كل المساعي الدبلوماسية و السياسية التي قامت بها العديد من الدول، وتصلب مواقف جميع الأطراف، وموسكو لن تقبل بالمطلق تهديد أمنها الاستراتيجي، و إقامة قواعد عسكرية غربية على أراضي أوكرانيا، ولا تمدد الحلف الأطلسي شرقا، ولا موسكو ستثق بالوعود الغربية الكاذبة التي طمأنت موسكو سابقا بعدم التوسع شرقا، لكن الحلف توسع شرقا، وموسكو لن تقبل خنقها وإحاطتها بجدار من الأعداء.
الثالثة هو دعوة العديد من الدول رعاياها بعدم السفر إلى أوكرانيا والمقيمين هناك بالمغادرة في أسرع وقت ممكن بسبب الوضع الأمني في البلاد، فهولاندا وفق ما أوردته هيئة البث الهولندية (بي.إن.آر)، الجمعة، نقلت عن السفير الهولندي قوله، إن “هولندا ستنقل بعثتها الدبلوماسية من العاصمة كييف إلى لوفيو في غرب أوكرانيا”، بريطانيا من جهتها طلبت، اليوم الجمعة، من مواطنيها مغادرة أوكرانيا فورا لدواع أمنية، حيث قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، إن “أمن وسلامة البريطانيين هما أولويتنا، لذا قمنا بتحديث نصائحنا للمسافرين، نحضّ البريطانيين الموجودين في أوكرانيا على المغادرة فورا عبر وسائل تجارية ما دامت لا تزال متوفرة”، نفس الخطوة أطلقها الرئيس الأمريكي “جو بايدن” الذي وجه تحذيرا لجميع الأمريكيين الموجودين في أوكرانيا، مطالبا إياهم بسرعة المغادرة، حيث قال في لقاء بثته شبكة  “إن بي سي” الأمريكية، ليلة أمس الخميس “يتعين على المواطنين الأمريكيين المغادرة الآن، الأمر ليس مثل التعامل مع منظمة إرهابية، نتعامل مع أحد أكبر الجيوش في العالم، الموقف مختلف للغاية، والأمور يمكن أن تخرج عن السيطرة”.

الحرب قادمة لا محالة والحلول الدبلوماسية منعدم، و العالم يعيش وضعا جنونيا فإلى أين؟

 

كلا الدلائل تشير إلى أن لغة المدافع هي المتحركة في هاته الآونة بعد فشل كل الوساطات التي طارت لموسكو، لكنها عادت خاوية الوفاض، لأن الروس يعتبرون الوضع تهديدا لأمنهم القومي، وأن أوكرانيا خط أحمر، وأن لا تنازل من خارج الموقف الروسي، والغرب وحلف الناتو يرفضون هم أيضا تقديم تعهدات بعدم التوسع، و الابتعاد عن أوكرانيا.

 

وزير الخارجية الأمريكي، “أنتوني بلينكن”، يتوقع حدوث “الغزو” في أية لحظة بما في ذلك خلال أولمبياد بكين المقامة حاليا في الصين، حيث قال خلال مؤتمر صحفي عقده في “ملبورن” الأسترالية، عقب اجتماع لمجموعة الحوار الأمني الرباعي التي تضم الولايات المتحدة وأستراليا والهند واليابان، اليوم الجمعة، إن “قوات روسية جديدة تواصل التدفق على الحدود الأوكرانية، وإن غزو أوكرانيا قد يبدأ في أي وقت بما في ذلك خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي تجري حاليا في بكين”.

 

الكرملين من جهته قال، اليوم الجمعة، إن المناقشات التي جمعت روسيا وأوكرانيا وألمانيا وفرنسا في برلين، يوم الخميس، لم تفض إلى “أي نتيجة”، وتعيد تأكيد نفي نيتها اجتياح أوكرانيا، وتشترط لخفض التصعيد ضمان عدم قبول عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي، وهو ما يرفضه الغرب.

 

على الأرض تجري روسيا مناورات عسكرية جديدة على الحدود الأوكرانية، حيث قالت وزارة الدفاع الروسية إن 400 جندي سيشاركون الجمعة في “تدريب تكتيكي” في منطقة “روستوف” جنوب الحدود مع أوكرانيا، وكان  عشرات آلاف الجنود الروس قد بدأوا، الخميس، مناورات عسكرية هي الأضخم في بيلاروسيا المجاورة لأوكرانيا والتي ستستمر إلى غاية 20 فبراير/شباط.

التعليقات مغلقة.