السويسي .. مستشفى يزيد آلام المرضى بسبب سوء التسيير والتدبير العشوائي

عزيز منوشي

معاناة المرضى القاصدين لمستشفى ابن سينا بالرباط تبدأ من لحظة دخولهم إلى مكتب المواعيد، داخل هذا المكتب المُكتظّ على الدوام تسود فوضى كبيرة، يؤجّهها صراخُ الحراس الذين ينظمون الناس، ويلعبون دور الوسيط بينهم وبين الموظفين العاملين في المكتب.

 

مُستشفى ابن سينا بالرباط هو أكبر مستشفى عمومي في المغرب، وإليْه نُقِل الملك الراحل الحسن الثاني قُبيْل وفاته بساعات، لكنَّه لا يختلف كثيرا عن باقي المستشفيات العمومية في المملكة فيما يتعلّق بجودة الرعاية الصحية المُقدمة داخل مختلَف أجنحته للمرتفقين.

 

يجلس بعض المرضى المنتظرين داخل مكتب المواعيد على كراس ، ويقف آخرون أمام دَكّة ينتظر كلُّ واحد منهم دوره وسط مشهد فوضوي. يرشق أحد الحراس سيّدة متقدمة في السن بنظرات حادّة، بعد أن اشتكتْ من تأخّر دورها، قبل أن ينطلق لسانُه في نهْرها بعبارات قاسية.. “بالعربية تاعرابت سِيري فحالك”، يقول لها بفظاظة.

 

الحصول على ورقةِ موعدِ إجراء فحْص بـ”الراديو”، في مستشفى ابن سينا بالرباط، لا يعني سوى بدْء مشوار طويل جدا من المعاناة، الجسدية والنفسية؛ ففضلا عن الآلام الجسدية التي يكتوي بها المريض، يعاني أيضا آلاما نفسية بسبب تأخر مواعيد الفحص لمدّة قد تصل إلى سنة كاملة.

 

يحْكي كهْل جاء إلى مستشفى ابن سينا من سيدي علال تازي، أنّه ظلَّ ينتظر موعد إجراء الفحص بالأشعة IRM منذ سنة كاملة، وحينَ وصَل التاريخ المحدّد للفحص.. “قالو لي الراديو خاسْر”، فعاد إلى بيْته بعد أن أعطاه الطبيب وصفةَ أدوية، وأخبره بأنه سيتصل به حين يتمّ إصلاح “الراديو”.

 

مَضتْ أربعة أشهر، أتمَّ خلالها المريض الأدوية التي وصفها له الطبيب، دونَ أن يتّصل به أحد، فعادَ مجدّدا إلى مستشفى ابن سينا، يستفسر عن السبب، فأعطي موعدا جديدا مُمتدّا في الزمان لمدّة سبعة أشهر كاملة.. ويقول بيأس: “الراديو خاسْر غي عْلى اللي ما عندوش الفلوس، أمّا اللي عندو فلوس را خْدّام”.المحسوبية والزبونية والوساطة “باك صاحبي”.

 

الاكتظاظ سبَبُ تأخّر المواعيد

في مقابل شكاوى المرضى القاصدين لمستشفى ابن سينا بالرباط من التأخّر الكبير للمواعيد، الاكتظاظ الكبير الذي يعرفه المرفق؛ وهو السبب الأول في تأخّر مواعيد الفحص و سوء التسيير والتدبير العشوائي.

 

على مسؤولي وزارة الصحة أن يبحثوا عن حلٍّ جذري لمشكل الاكتظاظ الذي يعاني منه مستشفى ابن سينا، والذي يُعزى إلى تحويلِ المرضى إليه من مختلف مستشفيات جهة الرباط-سلا-القنيطرة؛ فضلا عن المرضى الذين يقصدونه من الجهات الأخرى للمملكة.

 

واعتبر المتحدث ذاته أنه “من الطبيعي أن يكون هناك تأخر في المواعيد، لأنَّ المستشفى يشهد اكتظاظا كبيرا”، مضيفا: “هناك حالات مرضية كثيرة تَفِد على مستشفى ابن سينا من سَلا وتمارة ومدن أخرى، وهذا يَطرح مشكلا؛ لأنّ هناك حالات مَرضية بسيطة يُمكن أن تُعالج في المستشفيات الإقليمية”.

الاكتظاظ الذي يعرفه مستشفى ابن سينا تتجلى مظاهره لعيْن الزائر في كلّ جَنباته. أمام مصلحة التحليلات عند مَدْخل قسم المستعجلات يتجمْهر العشرات من المرضى، وسط صراخ أحد الحرّاس. تفتح طبيبة الباب فيتجمهر حولها المرضى، فتطلب منهم إفساح الطريق لمريض نادتْ عليه من أجل الدخول، ثمّ تُغلق الباب والغضب بادٍ على مُحيّاها.

تجهزيات متواضعة

تجهيزات المركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا، وإنْ كان أكبرَ مركز استشفائي في المغرب، إلا أنها متواضعة. في قاعة الانتظار بمستشفى الولادة ثمّة مقاعدُ اقتُلعت من مكانها كأنّها مقاعد ملعب لكرة القدم اجتاحتْه أعمال شغب، مخلّفة في مكانها أعمدة حديدية كانتْ منتصبة عليها على الكراسي الموجودة أمام المرحاضين نامَ رجل تبدو على مُحّياه علامات التعب. علامات ترتسم على وجود أغلب مرتفقي مستشفى ابن سينا.. يقول أحدهم “فهاد السبيطار ما كاين غي جرّي عليا نجري عليك”، مضيفا: “لا كنتي مريض خاص يجي معاك شي واحد صحيح، أما لا جيتي تجري على راسك غادي غي تْكْوانسا بالغدايد”.

 

 بسبب الاكتظاظ الذي يشهده مستشفى ابن سينا كل يوم، وقلّة الموارد البشرية، وهو ما يؤدّي إلى وقوع اعتداءات عليهم، أحيانا، من طرف بعض المرضى أو ذويهم. “المرتفق  : “يجب على وزارة الصحة أن تتحمّل مسؤوليتها بإيجاد حلّ لمشكل الاكتظاظ الذي نعاني منه”.

التعليقات مغلقة.