الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل يعلن عن اضراب عام في القطاع العمومي يوم الإثنين القادم

مداخلة الأستاذ علي لطفي الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل في الندوة الصحافية يشرح دواعي وأسباب الدخول في إضراب احتجاجي انذاري يوم 20 يونيو 2022 وجاء في المداخلة:
بداية نتوجه بالتحية والتقدير والشكر  لكل المنابر الإعلامية الوطنية سواء الحاضرة معنا  في هذه الندوة  او تلك التي تتابع نضالاتنا النقابية والاجتماعية، وتعمل جاهدة على تنوير الرأي العام الوطني في اطار رسالتها النبيلة حول  مطالب  الشغيلة المغربية ونضالاتها الاجتماعية من اجل حقها في العيش الكريم.
ايتها الاخوات أيها الاخوة:
مما لاشك  فيه  ان  الأسباب التي دفعتنا الى الانتقال الى هذا الشكل  النضال الاحتجاجي أي الاضراب العام ، كحق  مكفول  دستوريا،  هو توجيه رسالة  غضب عمالي للحكومة اتجاه سياستها  الرامية الى تدمير القدرة الشرائية للطبقة العاملة ولعموم الجماهير الشعبية  والفئات الفقيرة في المجتمع وليس  أصحاب السيارات الخاصة كما يحلو لبعض المسؤولين الحكوميين الترويج له، لان  الارتفاع المتواصل  لأسعار المحروقات له تأثير  مباشر على  أسعار مجموعة كبيرة  من المواد الغذائية  الأساسية والواسعة الاستهلاك كزيت المائدة والحليب  و الدقيق والسكر  والخضر والفواكه  …. وعلى مواد  وتجهيزات مختلفة وخدمات.
اخترنا  الدعوة الى الاضراب بعد ان استنفدنا كل المحاولات لتني الحكومة على مواصلة انتهاكها لحق المواطنين في العيش  ولمواجهة  القرارات الحكومية المجحفة والمضرة بالقدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم الجماهير الشعبية والمتمثلة في مواصلتها  رفع أسعار المحروقات وأسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك.
فخلافا للمبررات الحكومية نقول لها كفى من تقديم مبررات مردود عليها علميا واقتصاديا وبالأرقام والحجج انه لا يمكن  ان  نحمل مسؤولية الازمة الحالية  أي ازمة  ارتفاع  أسعار المحروقات وأسعار  غذاء  الفقراء  الى العوامل  الدولية والخارجية  وحدها، بل ان  ارتفاع أسعار المحروقات بالمغرب واثارها على المستهلك له أسباب داخلية ناتجة أساسا على السياسات الاقتصادية والاجتماعية  المتبعة بالمغرب.
فعلى سبيل المثال لا الحصر  في ظل جائحة كوفيد-19  انخفض سعر برميل النفط  الى مستويات قياسية  حيث  وقع  انهيار كبير لاسعار النفط على  المستوى الدولي  نتيجة انخفاض الطلب على المحروقات بسبب الحجر الصحي سنة 2020،  أنذاك لم تقم الحكومة ولا الشركات بتخفيض أسعار المحروقات؟ 
ثانيا : الإشكالية الجبائية
في الوقت الذي  تسمح فيه الحكومة بإعفاءات ضريبية سخية للمحظوظين في قطاعات متعددة تحت غطاء  الضرورة الاقتصادية  
يتم فيه تضريب المحروقات بشكل كبير من خلال  اخضاع المحروقات لضرائب متعددة:
1. الضريبة الداخلية 
2. الضريبة على الاستهلاك 
3. الضريبة على القيمة المضافة 
4. رسوم الاستيراد
والمستفيد الأكبر هي الدولة عبر الضرائب المختلفة ثم الشركات الكبرى المحتكرة لسوق المحروقات من اخلا هوامش الأرباح الكبيرة، ثالثا رفض تأميم شركة مصفاة تكرير النفط “سمير” التي تعتبر المنفذ الوحيد  والقادر تحقيق وضمان وتامين المخزون الاستراتيجي  للمغرب  في الوقود او على الأقل  فتحها على الرأسمال الوطني حتى لا نضع سيادتنا الطاقية من جديد بين ايدي اباطرة الرأسمال  الأجنبي الذين  يستنزفون خيرات الوطن دون احترامهم حتى الحد الأدنى من بنود دفتر التحملات  كما يقع اليوم مع شركات التدبير المفوض الأجنبية. هذا في الوقت الذي لجأت فيه عدة دول كبرى الى تأميم عدة قطاعات استراتيجية او الحمائية لمنتوجاتهم  لضمان الاكتفاء الذاتي.
لقد  صدر حكم قضائي نهائي من المحكمة العليا يقضي بتصفيتها  القضائية في شتنبر 2018 ولازالت الحكومة تتهرب من تأميمها او بيعها لرأسمال وطني خاص.
خامسا طالب البرلمان من رئيس الحكومة تسقيف  أسعار المحروقات فرفض دون تقديم مبررات مقنعة  لتظل 3 شركات ” افريقيا غاز  المغربية”  و “طوطال الفرنسية” و “شال الهولندية البريطانية”  تستنزف جيوب المستهلكين نتيجة تقلبات أسعار المحروقات دون حدود وهو ما يعاني منه المواطنون اليوم وربما  ستستمر في الارتفاع لتتجاوز سقف 25 درهم؟
في ظل جريمة قانون تحرير الأسعار والمنافسة الذي فرضته حكومة عبد الاله بنكيران في دجنبر 2015 وكان وبلا على الطبقة المتوسطة والفئات المستضعفة في المجتمع فتحت الأبواب على مصراعيها  لفوضى الأسعار كما اغتنمتها شركات المحروقات لتغيير الأسعار كل 15 يوم  في اطار تواطئات مع  الحكومة  نفسها   باعتماد  مناورة   الشراء المشترك   groupement des achats  للمحروقات من اجل تخفيض التكلفة وبيعها  بأسعار مرتفعة بعيدا عن تدخلات مجلس المنافسة  لضبط حركية السوق واحترام المعايير  
وهنا نستحضر دور مجلس المنافسة الغائب الحاضر في هده المعادلة الصعبة وهو الذي تحمل مسؤولية كبرى كمؤسسة دستورية مستقلة مؤطر بقانون  13-21  ليلعب دورا رئيسيا  في  المنافسة الشريفة وفي ضبط المنافسة الشريفة والتأكد من وجود  ممارسة  تتنافى والقوانين الجاري بها العمل  خاصة في مواد البناء والطاقة والمواد الغذائية ويسعى المجلس  التحقق  مما اذا كانت الاسعار المسجلة بالمغرب  ناتجة عن عوامل خارجية  مرتبطة باسعار المواد الاولية المستوردة ام تعزى الى عناصر غير مشروعة  مرتبطة بممارسات محظورة مثل الغش والاتفاقات والاستغلال التعسفي الهجين لوضع معين او ازمة مثل الازمة الصحية  جائحة كوفيد 19 وهي  ممارسات  يجرمها القانون رقم 104_ 12.
لكن دور المجلس يعرف تعثرات اما لفراغ قانوني او  لاعتبارات مجهولة  وهو مؤسسة دستورية مستقلة، علما ان الحكومة تفتقد الى  نظام  مؤسساتي لتتبع تطور  اسعار المحروقات على المستوى الدولي  وفي نظام لمراقبة وتتبع نفقات صندوق المقاصة بشفافية كاملة.
وخاصة ان  ما صرح به رئيس الحكومة السابق  صاحب جربمة تحرير الاسعار عبد لاله بنكيران حول وضعية الفساد  والنهب التي عرفها صندوق المقاصة  ليس بجديد بل كان هناك تقرير صدر عن الوزير الحكامة أنداك لحسن  الداودي،  حول مجموعة من الاختلالات والتلاعبات والتزوير في الفواتير التي تقدم لصندوق المقاصة حسب ما جاء في تقرير المسؤولة السابقة عن صندوق المقاصة سنة 2012 أمام  غياب  مراقبة إدارية ومالية صارمة  وغياب الشفافية في تدبير  اموال الصندوق الى  درجة انه  اصبح  كالصناديق الأخرى المفلسة او ما يسمى بالصناديق السوداء،… فالدولة تخصص سنويا في اطار القانون المالي  من  المداخل الضريبية التي يؤديها المواطنون  من جيوبهم  ملايير الدراهم  لدعم  المحروقات  وبعض المواد الغذائية  الاساسية  لكن تم اقبار التقرير  من خلال شعار ‘ عفا الله عما سلف”.
 وبدل اصلاح صندوق المقاصة وإعادة هيكلته ومراقبة نفقاته تحسين مردوديته في دعم القدرة الشرائية  للطبقة المتوسطة وفقراء المجتمع المغربي  اقدمت جكومة عبد لاله  بنكيران، بارتكاب  جريمة  تدمير الصندوق وأهدافه الإنسانية والاجتماعية   وتحرير الاسعار  خاصة اسعار المحروقات، ولم تكلف نفسها عناء تسقيف هذه الأسعار ولا بتحديد ومراقبة هوامش الربح   بل  انخرطت  في  تواطئات  مع  شركات المحروقات المحتكرة والمهيمنة  للسوق الوطنية.
وفتحت الأبواب على مصراعيها  لفوضى الاسعار ولجشع الشركات  وتجار الازمات  الذين  راكموا أرباحا خيالية  على حساب قوت الشعب  المغربي  وفئاته الهشة .
اجل لقد  استفادت  الدولة ايضا بتوفير ملايير الدراهم  بعد التحرير  من  نفقات المقاصة،   حيث  كان  صندوق المقاصة يكلف خزينة الدولة  ما بين 30 و 50 مليار درهم سنويا  وفي عز أزمات ارتفاع أسعار المحروقات على المستوى الدولي ، وبعد التحرير تراجعت نفقات صندوق المقاصة الى 17 مليار درهم  كحد اقصى  وفق  تقارير  وزارة  الاقتصاد  والمالية. 
    
ولم تتراجع لا حكومة سعد الدين العثماني  ولا حكومة عزيز  اخنوش عن هذا القانون المدمر للقدرة الشرائية للطبقة العاملة ولعموم الجماهير الشعبية.
صندوق المقاصة لازال يدبر بنفس الغموض و الضبابية و بطريقة الصناديق السوداء . قانون المالية لسنة 2022 حدد الميزانية المرصودة  للدعم  ما تبقى من  المواد الدقيق المدعم وغاز البوتان… في 15 مليار درهم، وقالت الحكومة انها وصلت 23 مليار درهم    ونتسأل عن مصدر  هذا الدعم الجديد ؟  هل من الزيادة التي  تعرفها  الضريبة على القيمة المضافة  على المحروقات  ام مصادر اخرى؟  و  لماذا  ترفض الحكومة  اللجوء الى تقديم  قانون مالي تعديلي لتحديد الأولويات الاجتماعية ؟ و تأجيل بعض المشاريع التي يمكن  تأجيلها في ظل الازمة الحالية  لدعم اسعار المحروقات والمواد الغذائية الاساسية والمواد والتجهيزات الضرورية والحفاظ على القدرة الشرائية للطبقات الشعبية ؟
 اننا أمام حكومة ترفع شعار التحدي في مواجهة الغضب الشعبي والاحتجاجات العمالية  وتروج لمغالطات بشان العوامل الخارجية  متناسية مسؤولياتها  السياسية والأخلاقية اتجاه الشعب المغربي  في تحقيق  اهداف الدولة الاجتماعية، حكومة الرفض المطلق للحلول الاجتماعية. 
 ترفض  مراجعة قانون حرية الأسعار والمنافسة 
 ترفض تسقيف اسعار المحروقات 
 ترفض تحديد هامش الربح 
 ترفض مراجعة قيمة الضرائب والرسوم  المختلفة التي تخضع لها المحروقات 
 ترفض  تخفيض نسب ضريبية على المحروقات لتوقيف نزيف الزيادات في اسعار المواد الغذائية الاساسية والخضر والفواكه  واللحوم والاسماك والبضائع والسلع والخدمات
ترفض تاميم مصفاة “سامير” لاعتبارات غير مفهومة في الوقت الذي قامت فيها عدة دول كبرى  ليبرالية  بإعادة  تاميم قطاعات استراتيجية وطنية  حفاظا على الامن  القومي والاستراتيجي للدولة  وفرضت الحمائية على منتجاتها.
المطلوب اليوم  قبل فوات الاوان توقيف ارتفاع اسعار المحروقات  والتدخل لدعمها عبر صندوق المقاصة  او تخفيض نسبة من الضرائب  وهامش الارباح الشركات.
زيادة الاجور  ومعاشات التقاعد 
قانون مالي تعديلي  لالغاء كل المشاريع  التي يمكن تاجيلها  سوى  المشاريع المتعلقة بالحماية الاجتماعية. 
مراجعة عميقة للنظام الضريبي على الدخل لتحقيق العدالة الضريبية وتوسيع قاعدة الاعفاء الضريبي على الدخل  الى  50 الف درهم في السنة.
توسيع الوعاء الضريبي  ليشمل جماعة المستفيدين  من اقتصاد الريع.
الاسراع بمعالجة الملفات الاجتماعية المزمنة  بتوظيف حاملي الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل.
الادماج الفعلي للأساتذة المفروض عليهم نظام التعاقد لضمان  الاستقرار الوظيفي والنفسي  وتحسبن جودة العملية التعليمية
الحوار الاجتماعي المؤسساتي في اطار مجلس اعلى للحوار الاجتماعي والشغل يضم كل اطراف الشغل  وتنزيل قانون النقابات بعد مشاورة الجميع حول مضامنه.
     
الاهتمام بالصحة والتعليم يقتضي ايضا الاهتمام  والعناية  بأجور  العمال والموظفين  ومعاشات المتقاعدين   فصحتهم  في تغديتهم  وما يمكن ان ينفقوه لفائدة ابنائهم في ولوج المدرسة والتعليم والسكن اللائق.
تحسين الوضع المعيشي للفقراء  عبر دعم مادي مباشر  والتسارع بتقديم  دعم  خاص  للفلاحين الصغار والمتوسطين الذين يعانون  من تداعيات الجفاف وتداعيات كورونا فيروس.
لكل هذه الاعتبارات قررنا خوض  اضراب انذاري  وسنواصل  المعركة الاجتماعية مادامت الحكومة عاجزة  عن الانصات لغضب الشعب وانين الأمهات الفقيرات اللواتي هن في حاجة الى لتر حليب لتغدية مولودهن.
 حكومة اختارت مع الأسف ان تخفي رؤوسها في الرمال امام الازمة  و الى ان   تمر العاصفة تملصت من التزاماتها امام  الناخبين   وامام مسؤولياتها  في تنزيل  اوراش  الدولة الاجتماعية  وفق التوجيهات والرؤية الملكية  في تحقيق العدالة الاجتماعية والسيادة الوطنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئة وضمن الامن الاستراتيجي الغذائي والدوائي والمائي والبيئي والطاقي.
اننا امام حكومة، بعض وزرائها  فاشلون يجتهدون فقط في  الخطاب الشعبوي والعجرفة  كانهم  “حماة هذا الوطن “
ان المغرب في حاجة ماسة الى  حكومة وطنية قادرة  على مواجهة التحديات والرهانات  وتدبير الازمات ومخاطرها بشكل افضل  يحمي حقوق المواطنين في العيش الكريم والسلم والاستقرار الاجتماعيين.  
حكومة مسؤولة  وزراء  من ذوي الكفاءات  وليس الى “حلايقية “.
حكومة  تجتهد  في تحقيق  الدولة  الاجتماعية، حكومة الحوار والتشارك، حكومة ارادة سياسية  في  محاربة  الفساد والمرتشين والسماسرة والمضاربين
وليس  حكومة تختبئ وراء  شعارات :  
 لا يمكننا “الجري وراء الساحرات”  la recherche des sorcières 
 او  ” عفا الله عما سلف”
او اقتراض اموال من البنك الدولي لتمويل برنامج محاربة الفساد
علي لطفي 
الكاتب العـــــــــــــــام للمنظمة الديمقراطية للشغل

التعليقات مغلقة.