وزيرة السياحة تستبلد المغاربة: قراءة أولية في بلاغ الوزير بخصوص الانتعاشة السياحية

الزوبير بوحوت

بعدد عودتها من عطلتها الميمونة من “بلاد الزانجيبار” عممت وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني بلاغا صحافيا عنونته ب “انتعاشة القطاع السياحي تتجسَّد خلال صيف2022”.

  

و حيث أن هذا البلاغ حاول إخفاء تراجع النشاط السياحي برسم شهر يوليوز 2022 مقارنة مع نفس الشهر لسنة 2019، فقد تفتقت عبقرية السيدة الوزيرة ومستشاريها إلى حيلة “غبية” عبر دمج نشاط شهري يونيو ويوليوز  من سنة 2022 في البلاغ السالف الذكر، مع العلم أنه جرت العادة أن تتواصل الوزارة بخصوص نشاط أي شهر على حدة، بالإضافة إلى الرقم التراكمي الذي يبتدئ من بداية السنة إلى حدود الشهر التي يتم التواصل بشأنه.

 

ما حاول بلاغ وزارة السياحة إخفاءه هو أن عدد الوافدين تراجع من 2 مليون و145 ألف وافدا خلال شهر يوليوز 2019 إلى حوالي 2  مليون و80 ألف سائحا في نفس الشهر من سنة 2022 (أي حوالي ناقص 4%)، وهو الرقم الذي حصلنا عليه بعد احتساب 65% من مجموع الوافدين برسم  شهري يونيو ويوليوز من سنة 2022، والبالغ 3,2 مليون، كما أخبرنا البلاغ بذلك، إذ أخبرنا البلاغ أن “الانتعاشة تأكدت خلال الموسم الصيفي 2022، انسجاما مع البشائر الأولى التي لاحت في الأفق منذ شهر يونيو الماضي”، مضيفا سجل “تحسن الأداء السياحي بشكل واضح وملموس، وهو ما ينعكس إيجابا عبر شتى المؤشرات”.

 

كما أضاف البلاغ أن إجمالي السياح الذين توافدوا على المغرب، بلغ خلال شهري يونيو ويوليوز من العام الجاري، 3,2 مليون سائحة وسائح، على أن 65 في المائة منهم حلوا بالمملكة شهر يوليوز 2022 بواقع يفوق 2 مليون سائح؛ ويتعلق الأمر بأداء سياحي استثنائي أسفر عن استعادة 100 في المائة من السياح الوافدين على المغرب خلال فترة يونيو ويوليوز من العام 2019.

ما لم يحاول ذكره البلاغ هو أن عدد مغاربة العالم عرف انخفاضا من مليون و412 ألف إلى 1,4 مليون بين يوليوز 2019 ويوليوز 2022، كما أن السياحة الدولية تراجعت من 733 ألف سائح خلال شهر يوليوز 2019 إلى حوالي 680 ألف سائح في نفس الشهر من سنة 2022. فهل نجح بلاغ الوزارة في إخفاء هاته الحقيقة؟ 

ويستمر بلاغ الوزارة في التعتيم حين يخبرنا أن الانتعاشة التي شهدها القطاع تشمل عدد ليالي المبيت، والتي بلغت ما مجموعه 3,8 مليون ليلة مبيت خلال شهري يونيو ويوليوز من عام 2022 دون أن يذكرنا بحجم هاته الليالي برسم سنة 2019، والتي بلغت بالمناسبة أكثر من 4 ملايين و509 ألف ليلة سياحية (وهو ما يعني تراجعا بحوالي 16%).

وهنا لابد من التذكير أن المغرب عرف انتعاشة في القطاع السياحي ابتداء من شهر ماي 2022 حيث تجاوز عدد الوافدين ب 11% مقارنة مع نفس الشهر من 2019، لكن نسبة النمو تراجعت إلى +5% في شهر يونيو 2022 لنسجل بعد ذلك تراجعا ( ناقص 4 % في شهر يوليوز)، والخوف هو ان نسجل تراجعا كذلك في شهر غشت 2022 مقارنة مع نفس الشهر من 2019.

اما بخصوص استرجاع ليالي المبيت فهو المؤشر الذي يظل سلبيا نوعا ما إلى نهاية يوليوز، حيث ان نسبة الاسترجاع لن تتجاوز 55% في هاته الفترة، وهو الشيء الذي يتطلب التدقيق والانكباب الجدي لمعالجته.

لقد سبق أن نبهنا قبل شهر من الآن إلى ضرورة تقوية خطوط الرحلات الجوية من الخارج للرفع من عدد السياح الدوليين لما لهم من دور أكيد في عدد ليالي المبيت، وكذا استقطاب العملة الصعبة، كما أكدنا على ضرورة الإفصاح عن خارطة طريق جديدة تعطي للسياحة الداخلية المكانة التي تستحق باقتراح عرض سياحي في متناول السائح المغربي مع مراعاة دخله المحدود ودون التفريط في  الجودة. 

وهنا سنذكر مرة أخرى على 4 محاور لابد من معالجتها تتعلق أساسا باستقطاب الاستثمارات الأجنبية والوطنية لتقوية وتنويع العرض السياحي من خلال الرفع من الطاقة الإيوائية ومضاعفة الجهود في ميدان التكوين ومواكبة ورش الرقمنة، وقبل هذا وذاك العمل على الرفع من الرحلات الجوية الدولية لاستقطاب مزيد من السياح الأجانب، والخطوط الداخلية لضمان عدالة مجالية في القطاع.

إنها الأولويات التي يجب الانكباب عليها وفق مقاربة تشاركية مع ممثلي القطاع الخاص قصد وضع خارطة طريق جديدة في أفق زمني محدد (2030) مع وضع الأهداف المتوخاة والآليات والإجراءات الواجب توفيرها من أجل بلوغها.

أظن أن أولويات المسؤول عن القطاع هو وضع التصورات الاستراتيجية الكبرى لتنمية القطاع والتواصل الفعال، وبحسن نية، مع مؤشرات القطاع دون اللجوء إلى ممارسات “مقيتة” بغية التعتيم عن المؤشرات السلبية وذلك للعمل على معالجتها. 

التعليقات مغلقة.