تطورات متسارعة تعرفها العلاقات المغربية الفرنسية، نتيجة انتهاج باريس مواقف معادية لوحدة المغرب الترابية، فبعد أن سحبت باريس سفيرتها في الرباط، بطريقة غير مباشرة، وعينتها مديرة الدائرة الأوربية في بروكسيل، يسحب المغرب هو الآخر سفيره من فرنسا بنفس الطريقة ليعينه مديرا لصندوق “محمد السادس” للاستثمار، في إدارة سياسة ذكية لقواعد التعامل بالمثل كمبدأ في العلاقات الدبلوماسية بين الدول.
موقف يعكس تحولا جذريا في علاقات المغرب مع كافة الدول، بناء على قاعدة مصالحه الوطنية، كما عكسها الخطاب الملكي السامي الذي أكد أن الموقف من الصحراء المغربية هو الذي يحدد مستوى بناء علاقات المغرب المختلفة مع كافة الدول.
واقع يعكس مستوى الفتور الذي عرفته العلاقات بين البلدين والتي وصلت إلى حدود جد متدنية، نتيجة اصطفاف فرنسا لصالح الجزائر وطروحاتها الانفصالية، بعد الزيارات التي قام بها كل من الرئيس الفرنسي ورئيسة الحكومة الفرنسية للجزائر.
وكانت فرنسا قد قررت سابقا تشديد القيود على المغاربة الراغبين في دخول التراب الفرنسي، منذ سبتمبر 2021، ليعلو منسوب التوثر بين البلدين، وهو القرار الذي وصفه وزير الخارجية “ناصر بوريطة” حينها بغير المبرر و“غير مناسب لأن البلاد تعاملت بشكل عملي وصارم مع المهاجرين غير القانونيين”.
وكانت فرنسا في وقت سابق قد سحبت سفيرتها بالرباط، هيلين لو غال، لتكلف ب “مهمة دبلوماسية جديدة من قبل (قصر الإليزيه)، كمسؤولة عن (الدائرة الأوروبية للشؤون الخارجية) في الاتحاد الأوروبي”.
وكان منسوب حدة الفتور قد بلغ أوجه بعدما استقبل البرلمان الفرنسي ممثل الجبهة الانفصالية، حمد سيداتي، والناشطة سلطانة خيا، دون طرح أي أجندة رسمية لهاته الزيارة، واستقبالهما داخل مقر البرلمان الفرنسي.
وضع نقل العلاقات المغربية الفرنسية إلى فترة فثور قصوى خاصة وأن استقبال وفد الانفصاليين لم يأت من أحزاب يسارية بل من “جون بول لوكوك” المحسوب على “التجمع من أجل الجمهورية” اليميني، وهو ما اعتبره غالبية المحللين السياسيين استفزازا فرنسيا رسميا للمغرب، في مقابل موقف المغرب الصارم والصريح بأنه لن يقبل الضبابية في علاقاته، خاصة فيما يتعلق بملف الصحراء.
وسبق للمغرب أن طالب باريس بـ”موقف دولة صريح وواضح يتحلى بالبراغماتية الدولية، على غرار الموقف الأمريكي، بعيدا عن بعض الكلمات المركبة التي لم تعد ذات وزن سياسي ودبلوماسي في العلاقات الدولية”.
التعليقات مغلقة.