الأسعار من الجنون إلى الجنون فما هي مسببات جنونية هاته الارتفاعات؟

يحس كل مواطن بجنونية ارتفاع الأسعار كل يوم مع ذهابه للتبضع وقضاء أغراض ولوازم ضرورية، ليس الامر حكرا على بلد دون آخر، فجنون البشر والجشع ألهب الأسواق، وترك البسطاء من الناس بين مخالب الرأسمال المتوحش، وتدمير البيئة والإنسان.

هكذا لا تقف المعاناة عند حدود معينة، ولا دول متقدمة ولا فقيرة، الجنون واحد، واليوم خرجت تظاهرة في ألمانيا مطالبة بفرض الضرائب على الأثرياء ودعم السلع الأساسية والأكرية لتحقيق التوازن المجتمعي.

الأسعار والتوازن المجتمعي المختل

أحدث سعار وجنون الأسعار توازنا مجتمعيا مختلا بين رأسمال قوي يستفيد من فوائد الارتفاع، ويراكم من إيرادت هذا الجنون الرساميل، في مقابل جيش محطم من هذا الجشع والتوحش الرأسمالي، الدولة الاجتماعية مطلب!!! لكنها تبقى بعيدة المنال، كل شيء يرتفع، يوميا، بشكل جنوني، من أسعار السكر والزيت والفواكه والخضروات… ؛ والمواد البترولية وصلت إلى درجات قياسية، وحديث عن مزيد من رفع الدعم عن المواد الأساسية في المغرب، مما سيعمق المأساة، والحلول لغوية تحمل الوهم للشعب الجائع المحروم من كل شيء، ومشاريع الترقيع المجتمعي عرجاء لا تجيب إلا عن أسئلة التراكم والتركيم، والأثرياء في مأمن من أن تنازع الدولة، التي هي في الأصل حامية هاته المصالح سنتيما واحدا من الأرباح المتراكة بجشع وتوحش.

 

لا وجود لدولة نجت من هذا الجنون، وهو ما يعني أن المجتمع الكوني غزاه التوحش، وارتقى نحو المزيد من التوحش والظلم والقهر،لا فرق في ذلك بين الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي إلى الدول الفقيرة في آسيا وإفريقيا.

في الولايات المتحدة، شهدت البلاد مستوى لا يطاق، ولأول مرة في تاريخها منذ عام 1982، حيث ارتفع سعر كل شيء، وجنون الرأسمال المتوحش والصراع من أجل المصالح بما يحمله من حروب وتذمير للبيئة لا يتوقف، زيادات طالت حتى حفاظات الأطفال، والتضخم أصبح هو العلامة الكاملة لنتائج كل الدول مع تفاوت الحدة طبعا.

 

في الدول النامية والفقيرة وضمنها المغرب يزداد الوضع قثامة وألما للشعوب الفقيرة المقهورة المغلوبة على أمرها بقتل القهر الاقتصادي والقمع والمنع من التعبير عن الرفض، تقرير صادر عن البنك الدولي خلال العام الفارط تحدث عن أن أزيد من 100 مليون شخص يعانون من الفقر المدقع في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، وما زاد الأمر سوءا هو توقف إمدادات القمح مما عمق الأزمة وحمل إلى الواجهة صورة المجاعة القاتلة بسبب الحرب الروسية الأوكرانية.

ما أسباب هاته الأوضاع يا ترى؟

الكاتبان “بيث تيمينز” و”دانيال توماس” من شبكة “بي بي سي” (BBC) عرضا سبعة أسباب اعتبراها وراء هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، وذلك عبر تقرير أنجزاه في الموضوع مؤخرا.

 

حصر الصحافيان هاته الأزمة في عناصر مرتبطة بالتقلبات الدولية، من ارتفاع أسعار الطاقة، التي وصلت إلى مستوياتها خلال السبع سنوات الأخيرة، إذ بلغت تكلفة البنزين في الولايات المتحدة حاليا 5 دولارات للغالون في المتوسط، مسجلة ارتفاعا بنسبة 2.39 دولار للغالون قبل عام، وتتكرر القصة في دول الاتحاد الأوروبي وباقي دول العالم.

نفس الوضع عاشته أسعار الغاز وشتاء بارد ينظر أوروبا هذا العام، وجنون الأسعار لن يتوقف، نقص حاد في البضائع والسلع، المستهلكون تاهوا في فناء جنون آدمي، ما رصده الصحافيان هام، لكنه استبعد الجشع والتوحش الرأسمالي، لا يمكن أن نسقط الأزمة على تقلبات أحوال الجو دون أن نتساءل من أحدث الخلل المناخي؟، إنه الجشع الرأسمالي والجنون البشري المهووس بالربح وسلطة التركيم في براغماتية قاتلة لكل جمالية الحياة.

ارتفاع الأجور أصابها عمى الألوان ووقعت في قعر الأزمة، كورونا متهمة، لكن الواقع الفعلي للأزمة نابع من أنا الرأسمال المتوحش، وهو من فجر حرب أوكرانيا لتستمر كورونا، ولكت بمنطق الحروب، فالعديد من الموظفين والعمال تمت إقالتهم بسبب الإغلاقات الطويلة، أو تحولوا لمهن أخرى ليعمقوا العشوائيات والبطالة المقنعة التي غزت المكان، حيث أشارت دراسة استقصائية شملت 50 من كبار تجار التجزئة في الولايات المتحدة أن 94% منهم يواجهون مشكلة في ملء الوظائف الفارغة التي يحتاجونها.

الرواتب والأجور جامدة وقتل السوق قضى على الطبقة المتوسطة، وأشعل لهيب المعاناة المتنقلة والأوضاع الاجتماعية على صفيح ساخن.

الحواجز الجمركية، وانتهاء الدعم المادي بعد الجائحة، عرت الحكومات، وكشفت سقوط العالم الحر لأن توحشه وصل إلى حد لا يوصف، قتل كل قيم الجمال وأنشأ جيلا من الحقد على واقع ذمر كل شيء، حتى قيم الفرحة والابتسامة المجمدة بقوة القهر والتوحش.

صرخة برلين الأقوى لحل الأزمة

أكيد أن الألمان وفقوا خلال تظاهرة اليوم، حينما رفعوا شعار فرض الضرائب على الأثرياء، وتخفيض الأسعار والتي صدحت في شوارع برلين، وتلقفتها نيويورك وباريس ولندن وجوهانسبوغ والرباط والجزائر وطوكيو وبكين…، حفاظا على الإنسان كقيمة تم محوها بالتوحش القاتل للجمال والاستقرار الذي يراه التوحش سياسيا، ويراه الفقراء استقرارا اقتصاديا واجتماعيا. 

التعليقات مغلقة.