جلالة الملك يشيد بالعلاقات العربية الصينية خلال “القمة العربية الصينية الأولى” بالسعودية

جريدة أصوات من الرباط

وجه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، اليوم الجمعة 9 دجنبر الجاري، خطابا ساميا، إلى القمة العربية الصينية الأولى، التي تستضيفها المملكة العربية السعودية، ألقاها رئيس الحكومة عزيز أخنوش.

وفي مستهل خطابه عبر جلالة الملك، عن شكره لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمـان بن عبـد العزيـز آل سعـود، “على استضافة هذه القمة العربية الصينية الأولى، وعلى ما بذلته السلطات السعودية من جهود لتهيئ الظروف الملائمة لتنظيمها وإنجاحها”.

وتقدم جلالته بالشكر أيضا لفخامة الرئيس الصيني شي جين بينغ “على رئاسته المشتركة لهذه القمة”، وتهنئته بمناسبة “نجاح المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني”، كما قدم جلالته تهانيه الحارة ل جين بينغ “على تجديد انتخابه على رأس الحزب، للمرة الثالثة”.

وعبر جلالته أيضا، للأمين العام لجامعة الدول العربية عن تقديره “للعمل القيم الذي قامت به الجامعة، من أجل التحضير الجيد لأعمال هذه القمة”، وكذا العلاقات والروابط التي تجمع بين المغرب والعالم العربي من خلال المؤتمر.

ووصف جلالة الملك القمة العربية الأولى ب”الحدث التاريخي”، باعتبارها منعطفا مهما في العلاقات بين الجانبين، و”فرصة سانحة لإضافة لبنة جديدة إلى صرح العلاقات التقليدية القوية القائمة بين العالم العربي والصين”.

واعتبر جلالته القمة “مناسبة لاستشراف الآفاق المستقبلية للتأسيس لشراكة متميزة” مع مختلف الدول والتجمعات والمنظمات الإقليمية والقارية”.

مؤكدا أن هذه القمة التي “تنعقد في سياق دولي مشحون بالأزمات، التي خلفتها آثار جائحة كورونا، و التطورات الجيوستراتيجية الدقيقة التي يشهدها العالم وما صاحبها من اضطرابات وبؤر وتوتر ونزاعات مسلحة، لها أثر مباشر على منطقتنا العربية، وعلى شريكنا الصين وعلى كل دول العالم”.

واعتبر جلالته التعاون بين الصين والدول العربية على كافة المستويات الصحية خصوصا في فترة الجائحة “خير مثال على أهمية وجدوى التعاون الوثيق” بين جمهورية الصين والمملكة المغربية.

وأشاد جلالته بالمجهودات الجبارة للصين وحرصها “على دعم الأمن والاستقرار بالمنطقة العربية، ومساندتها لتجاوز الأزمات التي تشهدها، والحد من تداعياتها” لتجاوز “واقع الاضطراب وعدم الاستقرار الذي تعاني منه بعض الدول العربية الشقيقة”.

وأشار جلالته إلى أن مسؤولية ما تواجهه بعض دول المنطقة العربية من تحديات تهدد أمنها واستقرارها راجع “في بعض الحالات، مع الأسف، إلى سياسات وسلوكيات بعض الدول العربية تجاه البعض الآخر”، داعيا للالتزام ب “حسن الجوار، واحترام السيادة الوطنية للدول ووحدتها الترابية، والامتناع عن التدخل في شؤونها الداخلية”.

وبصفته رئيسا للجنة القدس اعتبر جلالته أن “دعم الصين الراسخ للقضية الفلسطينية العادلة، مكسبا دوليا ثمينا، من أجل إيجاد حل عادل ودائم لهذه القضية، في إطار قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وفي مقدمتها تلك المتعلقة بالقدس الشريف”.

وأشاد جلالته ب”دعم الصين الثابت للحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي للمدينة المقدسة، ورفضها لاتخاذ أي قرارات أحادية الجانب، من شأنها أن تقوض جهود إحياء عملية السلام، وإبعاد ملف القدس عن طاولة المفاوضات، وعزله عن ملفات الوضع النهائي”، في ظل عمل المغرب ل”توفير الظروف الملائمة، لتغليب خيار السلام، وعودة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي لطاولة المفاوضات”.

وكذا روابط وأواصر القرابة التي “تجمع العلاقات العربية الصينية على الصعيد السياسي والاقتصادي والتجاري والثقافي والإنساني”، مؤكدا على وجوب استثمار هذه العلاقات “بالشكل الأمثل للمساهمة في تحقيق ما يصبو له العالم العربي من نهضة اقتصادية حقيقية وتطور علمي وتكنولوجي…ودعم البنيات التحتية واللوجستيكية، والتنمية البشرية ونقل للتكنولوجيا”.

وأوضح جلالته أنه بالرغم “من أن الصين هي الشريك الاقتصادي الأول للدول العربية، إلا أن التبادل التجاري بين الجانبين، وإن سجل مستويات جيدة من حيث الحجم والتنوع والكثافة، حيث ناهز 240 مليار دولار سنة 2020، فهو لم يرق بعد إلى مستوى المؤهلات المتاحة”، في حين يعرف “عجزا كبيرا في الصادرات العربية نحو الصين، باستثناء الصادرات من النفط والغاز، مما يستدعي العمل المشترك من أجل تشجيع هذه الصادرات وتنويعها، لتكون قاطرة للنهوض بالاقتصاد العربي الصناعي والفلاحي والخدماتي”.

واستشهد الملك ب”عدد السياح الصينيين الذين يزورون الدول العربية، أقل من عدد نظرائهم العرب الذين يتوجهون إلى جمهورية الصين الصديقة” داعيا لرفع “عدد السياح في الاتجاهين، لتحقيق ما نصبو إليه جميعا من مزيد التقارب والتواصل بين الشعوب العربية والشعب الصيني الصديق”.

وأكد جلالته أنه “من بين ركائز السياسة الخارجية للمملكة المغربية تطوير التعاون جنوب –جنوب وتنويع الشركاء والانفتاح على المجموعات الإقليمية”.

كما أن مستوى التعاون الوثيق بين البلدين الصديقين يتجلى في دعم الصين للمبادرات التي قدمتها “كمجموعة أصدقاء المبادرة الدولية للتنمية”.

وأكد جلالته حرص “المغرب على المضي قدما في ترسيخ الشراكة الاستراتيجية المبرمة بين البلدين في ماي 2016، ومذكرة التفاهم حول مبادرة الحزام والطريق” قصد “توسيع آفاق التعاون الثنائي ليشمل قطاعات جديدة وواعدة وذات قيمة مضافة، للارتقاء بالعلاقات بين المملكة المغربية وجمهورية الصين الصديقة إلى مستويات أعلى”.

وأكد جلالته التزام المملكة المغربية بمشاركتها الدائمة بروح مسؤولة وبناءة، في كل الاجتماعات والأنشطة الغنية والمتعددة المنظمة، خصوصا تلك التي تجمع المنطقة العربية ودول أخرى، في إطار منتدى التعاون العربي الصيني.

وأضاف الملك أن “المملكة المغربية تشيد بالمبادرات العربية الصينية التي سيتم تبنيها في إطار هذه القمة”، مؤكدة “استعدادها للإسهام بكل جدية وتفاعلية فيما سيتضمنه “إعلان الرياض” من توصيات، بغية الرقي بالشراكة الاستراتيجية العربية الصينية، ووضع أسس قوية لبناء مستقبل مشترك يضمن سبل التعاون البيني، وتشجيع الاستثمار وتأهيل الاقتصاد وتحسين أدائه، والنهوض بواقع الإنسان العربي، والانخراط في مجتمع المعرفة والاتصال”.

وفيما يخص العلاقات المغربية السعودية أعرب جلالة الملك عن فائق اعتزازه “بعمق الروابط القائمة بين المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية، وبمتانة علاقاتهما الثنائية، مشيدا بما يجمع البلدين الشقيقين من شراكة نموذجية، قوامها التشاور البناء والتضامن الفعال، والتعاون المثمر في مختلف المجالات الاستراتيجية”، وكذا “ما يربط الأسرتين الملكيتين من أواصر الأخوة الصادقة والتقدير المتبادل، وما يتقاسمه الشعبان الشقيقان من مودة وصداقة”.

 وفي ختام كلامه جدد جلالته عن شكره الخالص “للمملكة العربية السعودية، قيادة وحكومة وشعبا، على حسن الاستقبال، وعلى ما بذلته من جهود لتنظيم وإنجاح هذه القمة، لتحقيق ما نصبو إليه جميعا من ترسيخ أسس شراكة حقيقية، تخدم السلام والاستقرار، وتنتج التقدم والرخاء المشترك”.

التعليقات مغلقة.