أسرار أحسن تعايش في حياة الزوجين عنوان أمسية الندوة العلمية الشهرية للنادي الشعبي بيت العائلات بستراسبورغ 

ستراسبورغ/فرنسا: الأستاذ الحاج نور الدين أحمد بامون   

بناء أسرة سعيدة من أساسيات ضرورة الحياة الزوجية في المجتمع منذ نشأتها، ويبقى على الطرفين المحافظة عليها استمرارية علاقتها بكل ما تحمله الكلمة من معنى ظاهري وباطني.

كانت في السابق العلاقة بين الزوجين، علاقة حميمية، ودية محمية من الطرفين، مصونة، مقدسة برباطها الوثيق، لا تشوبها شائبة، كلها احترام ووقار، وخصوصية كل طرف وقداسة حريته الشخصية وعدم تجاوز الحدود لكل منهما.  

ولكن في الوقت الحاضر، وقت الحرية الشخصية والفردية والحياة المنفصلة عن كيان الأسرة السابقة، بات يخشى فيه العديد من الأزواج العيش معا بقوانين العشرة الزوجية المتعارف عليها والمتعامل بها منذ قرون خلت، لأنهم يعلمون أنه سيتعين عليهم في وقت من الأوقات التخلي عن بعض مساحة حريتهم الشخصية والتنازل عنها، سواء بإرادتهم الفردية أو المشتركة باتفاق مسبق من جهة، أو بالإكراه والإجبار من جهة أخرى، لكن ليس كل التعايش في رؤية البعض يجب أن يكون معقدا كما تعتقد وتراه هاته الفئة في العصر الحالي. 

افتتحت الأمسية بكلمة ترحيبية للأستاذ “محمد طاهري” ليستهل الحفل بإلقاء محاضرة من تقديم الأستاذة “ديابو دياتا” مدربة مكونة في المجال الاجتماعي بستراسبورغ، تطرفت خلالها إلى عناصر المحاضرة بعناوينها لتمكين جميع الحضور من المتابعة بكل أرحية عن بعد، أعقبها الأستاذ “لكرانبي فؤاد” المختص في العلاج بالتنويم المغناطيسي بستراسبورغ، الذي تحدث عن أهمية العلاقة الأسرية والزواج، متطرقا لأهم العناصر والنقاط المتعلقة بموضوع الأمسية. 

من أجل تعايش أحسن:  

للوصول إلى هاته الخلاصة يجب على الطرف الأخر أن يمنح نفسه الإرادة من أجل حسن سير العمل للأفضل أو للأسوأ في العلاقة الزوجية حسب مفهوم كل فئة وجيل بين المجتمع المسلم من وجهة نظر شرعية أوالغربي من وجهة نظرة شخصية بحرية بما تحمل الكلمة. 

ينص التعايش في سياق الزواج على حقوق وواجبات الطرفين من الأزواج: 

الحقوق:  

من الحقوق لضمان أحسن تعايش ومعاشرة، يجب ألا يكون العيش بين الأزواج تحت سقف واحد بإكراه أو مرتب، لكن ليعايش بين الطرفين جميعا في هدوء وطمأنينة وسكينة معا ليسهل لهم أحسن تعايش، مع اختيار مكان الاتصال والحديث للتخاطب بموضوعية، ضمن مراعاة حجم رفع الصوت والصراحة عند المحادثة والتخاطب في النقاش.  

الواجبات تكون شخصية، فردية، مشتركة ومتبادلة:  

الواجبات الشخصية: احترام رأي الطرف الأخر وعدم منعه ورفضه، تمتين الرابطة بالعواطف الجياشة لإحساس الطرف الأخر بمكانته وتواجده في كل الأوقات سواء الجيدة لإسعاده أو السيئة للأخذ بيده ومواساته ساعتها وقت الحاجة. والحرص على المودة لبعضهم البعض والمساعدة على الولاء والوفاء لتقوية الرابطة الزوجية. 

الواجبات الفردية  

يجب الحرص في الحضور ومراعاة التباعد بين مساحة الطرف الآخر عند اللقاء ولفت الانتباه عند الحديث إليه والإصغاء بتعاطف واحترام متبادل. 

الواجبات المشتركة: 

الحرص والأخذ بإدراك في رعاية الأطفال وضمان تربيتهم جميعا معا، وتحضير مستقبلهم، والمشاركة في أنشطتهم، ودعم التعبير عن المشاعر، والوعي بالعوامل الخارجية للتصدي للعنف الآتي من الخارج. 

ومنع الحواجز النفسية الاجتماعية الناجمة عن المشاكل المالية المتراكمة والمؤثرة على الحياة الزوجية والعلاقة الأسرية، الديون والقروض كالائتمان وحالات الفقر والعوز وما شابه ذلك؛ وعدم مقارنة المواقف ذات التأثير على حياة الزوجين كالتقاليد والعادات، الثقافة، الدين والأخلاق، سواء الحميدة منها أو السيئة المسيئة. 

الواجبات المتبادلة: 

التعرف على مدى التوافق الزوجي من الواجبات المتبادلة بين الزوجين نحو أبعاد الحياة الأسرية، المستوى العلمي، الثقافي، الاجتماعي والاقتصادي، سلوكيات الطرف الأخر من نوع الأسرة العائلية، مشاعر وأحاسيس الشريك والتعرف على طبيعة حياته وتأثيرها على الآخر كشريك للحياة. 

 

ولضمان تعايش سليم ومعاشرة مثينة بين الزوجين يجب الأخذ في الحسبان أن الحياة الزوجية في كلتا حالاتها مساحة محترمة ومقدسة، حيث يجب أن يشعر فيها كلا الطرفين بالحرية التامة سواء الشخصية أو المشتركة، وأن يعبر كل عن آرائه، وعلى الطرف الأخر احترامها، وعدم نقدها و رفضها و الاستهزاء بها، مع السماح بالتعبير عن مشاعره بكل حرية وبأسلوب حياته خاصة رغباته وميولاته واحترام استقلاليتها لعدم تقبل مزاج الطرف الأخر عند الرغبة الملحة والجامحة. 

تفادي المعيقات المؤثرة في الحياة المشتركة بين الطرفين  

يجب التخلص منها وذلك بالسماح برحيل كل العوائق المسيطرة على كل طرف على أن يتم بقناعة شخصية وشجاعة تامة، ورغبة ملحة، بآلية بسيطة وفعالة يمكن من خلالها التخلص من معوقات التنوير لحماية العلاقة بين الطرفين، وذلك بالتحرر من السلبية المعيقة ومن أجل إمدادها بالمناعة، حيث أن الهدف من خلال الممارسة النفسية السريرية هو إيجاد الوسائل الأكثر فعالية في تخفيف معاناة البشر بجميع أشكالها، وقد وجدت الآلية الداخلية لتكون ذات منفعة عامة على حالات الوعي المتقدمة والتنوير، ومن خلالها يمكن إزالة هاته المعوقات للسعادة الزوجية والمعاشراتية بالفرح والحب والنجاح والتنوير المفيد المؤدي لحماية العلاقة وحياة الطرفين. 

كبح الجماح ومنع الرغبات المحرمة والغير مرغوب فيها: 

كثيرا ما يتعرض الطرف، بل جسده، ورغبته، إلى أشياء غير محببة وغير مرغوب فيها من الطرف الأخر، مما يسبب إزعاج وعدم رضى وعدم السماح بالإتيان بها أو تطبيقها مما يولد عند الطرف الأخر كبثا وشعورا بالحرمان من حق مشروع من وجهة نظره، وهذا ما يؤدي إلى النفور والاستفزاز والدخول في مرحلة خصام و نشوز الخ… 

الفرق بين الزوجين رسميا بعقد والمتعاشرين بكل حرية بدون عقد رسيمي

من خلال التخلص من العوائق والسماح برحيلها من حياة الطرفين وإزالتها كلية وحذفها نهائيا من جذورها، فقد بينت الدراسات أن مقارنة التعايش والمعاشرة بين الأزواج، المتزوجين رسميا بعقد موثق وميثاق غليظ، وبين الأزواج العاديين بما يعرف بالتعايش بلا زواج أنهم أكثر سعادة وطمأنينة وراحة بال ولديهم ثقة بالنفس كبيرة وفي الذات. 

الفرق بين العقد الشرعي الديني والمدني الرسمي: 

ببيح المجتمع الغربي العلاقة الرسمية للزوجين أو للطرفين حسب مفهوم العلاقة، بما يعرف بالمعاشرة والتعايش، يفرق بين الحالتين، فالأولى علاقة شرعية دينيا وإداريا مدنية، والثانية علاقة محرمة شرعا من حيث وجهة الشريعة الإسلامية وباقي الديانات ومباحة حسب مفهوم الحرية الشخصية ومفهوم العصرنة والتطور والحرية المطلقة، أو من باب ما بات يعرف جسدي ملكي وأنا حر وحرة فيه، أفعل به ما أشاء وما أريد، حفظ الله شبابنا من الجيل الصاعد وجميع بناتنا من كل مخاطر وهلاك ما هو محرم وممنوع. 

عرض نماذج وعينات: 

قدمت الأستاذة “ديابو دياتا” مدربة مكونة في المجال الاجتماعي بعرض نماذج وعينات من عديد الحالات للأزواج والتي يستخلص منها عبر مفيدة للزواج حديثي العهد بالارتياط سواء بالزواج الشرعي أو بالارتباط الحر. 

كما قدم الأستاذ “فواد لكرانبي” خلال المناقشات بعض النماذج الحية والشهادات من خلال ممارسته لحالات زيجات ناجحة من كلتا الطرفين، الإسلامية والغربية، بكل المعايير والمقاييس المبنية من وجهة نظر الطرف الأخر وعدم معارضته ولا منعه. وحالات فاشلة موضحا أسباب فشلها بالتحليل والتعليل لكل منها على حدا. 

رأي بخبرة وعشرة عمر: 

صادف تواجد أشخاص مسنين بالأمسية، ومن لهم خبرة في الحياة الزوجية بكل مفهومها ومقاييسها على خطى سلفنا رحمهم الله والذين كانت تجاربهم مكللة بالنجاح ما عدا واحدة بآءت بالفشل وتركت أثارها السلبية. 

قالت السيدة ن: تربينا على تعاليم ديننا الحنيف وعرف والدينا على خطى نهج آبائهم محافظين متمسكين بكل مقايس الحياة الزوجية من عرف وعادات وتقاليد راسخة لا تتبدل ولا تتغير ومن كلمة عيب حشومة إلخ…، مما يعطي إحساسا بالمسؤولية وبعدم تجاوز خطوطها الحمراء، ووضع حد لأي تجاوز ومحاولة الخروج عن المألوف مما أعطى عمرا طويلا لحياتنا الزوجية بنجاح مثمر والحمد لله. 

وقال ن.ا.: الحمد لله بحكم الخبرة والتجربة المكتسبة من سلفنا وأهالينا أحتفل اليوم بأربعينية زواجي بكل ما تحمل سنين العقود الأربعة من حلوها ومروها (صدفة تواجد العينة والحالة الفريدة ساعتها)، مصرحا بكل شموخ وافتحار بحمد الله على نجاح زيجتتا، لقد تم تجاوز كل العقبات والسعي إلى التمسك بمبادئ أخلاقنا وتربيتنا الإسلامية الصحيحة والتي كللت بالنجاح والتوافق بالعشرة الطيبة والتعايش السلمي، حماية وحفاظا على الروابط المقدسة وأوصرها وثوابت مقوماتها بكل حذافرها ورمتها.  

قالوا عن المحاضرة: 

الأستاذ محمد طاهري رئيس النادي: 

قامة من قامات المجتمع الإسلامي العربي، رجل استخدمه الله في خدمة وإعانة الأسر والعائلات، حتى يسعدوا بنجاح أبنائهم في مجتمع تملؤه التحديات والصعوبات وتحفه المخاطر، إطار جمعوي بعشق وبغرام يلازمه ليل نهار، لا يهدأ له بال إلا وهو يبرمج نشاطا ما، أسبوعيا أو شهريا لفائدة الأسر والأهالي عامة لاسيما كبار السن من العجزة والشيوخ دون استثناء، موفرا لهم كل سبل الراحة؛ خاصة للأطفال والشباب، متخصص في علم الاجتماع التربوي وفي هندسة التكوين المستمر والوسائل البيداغوجيا بستراسبورغ. 

قال محاضرتنا العلمية الشهرية تهدف بالأساس لتوعية وإرشاد الآباء في القيام بدورهم التربوي علي أحسن وجه ممكن، بتطعيم معلوماتهم وتغذيتيها بوسائل تربوية علمية بأسس وقواعد صحيحة، للحفاظ على هوية أبنائهم وحمايتها، وهي مفتوحة أمام كل أب أو أم يشعرون بثقل المسؤولية الاجتماعية والتربوية المناطة بهم لمساعدتهم. 

الأخت س: 

محاضرة علمية جد قيمة بينت عديد المفاهيم في حياة الأزواج من عدة جوانب، والتي غدت معلوماتي وشحنت رصيدي المعرفي بما قدم لنا من خلال العرض والشرح لفقرات و آليات الندوة.  

وقالت الأنسة ع: 

صراحة أول مرة في حياتي أحضر ندوة علمية بهذا الشكل في هاته الأمسية الرائعة، انبهرت بكمية المعلومات التي لم أكون على علم مسبق بها بحكم قلة خبرتي بالحياة الزوجية ومعلوماتي المحدودة نظرا لصغر سني، وبحكم أني من مجتمع محافظ، لم أكن متخيلة أن هاته المعلومات تحدث في حياة الأزواج وما ينجم عن التعايش والمعاشرة بين الطرفين؛ صراحة محاضرة جد قيمة بكم المعلومات المفيدة والتي تخدم المصلحة الأسرية بالدرجة الأولى والأزواج الجدد خاصة.  

وقال ص.س: 

شاب في مقتبل العمر في عقده الثالث، لم أتزوج بعد ولم أرتبط ولا افكر في الزواج حاليا لكوني شاب غير مهيأ وغير مستعد، إنه الخوف غير المنطقي من الزواج في سن مبكرة، من وجهة نظري الشخصية أتزوج بين 40 و 50 سنة.   

النادي الشعبي في ومضة:  

النادي الشعبي، أو دار الأسر والعائلات كما يعرف، جمعية تأسست من طرف مجموعة من الآباء وعيا منهم بالتحديات والصعوبات التي يواجهها الآباء والأمهات سواء في تربية أولادهم في ديار الغربة بأرض المهجر، تاريخ تأسيسها كان يوم 20 مارس 2000 بستراسبورغ. 

التعليقات مغلقة.