لجنة القدس داخل الوطن العربي ـ دراسة تحليلية

بقلم: هاجر سارية / طلبة باحثة

انبثقت عن منظمة المؤتمر الإسلامي عام 1975، منظمة عربية إسلامية، يترأسها ملك المغرب، مهمتها حماية القدس الشريف، من خلال التصدي للمحاولات الإسرائيلية الرامية إلى طمس الطابع العربي الإسلامي للقدس.

 

وقد أنشئت لجنة القدس بتوصية من المؤتمر السادس لوزراء خارجية البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي الذي عقد بمدينة “جدة” في “السعودية” خلال الفترة الممتدة من 12 إلى غاية 15 يوليو/تموز 1975.

 

فقد قرر الوزراء تكوين لجنة دائمة من تسع دول تسمى “لجنة القدس”، مهمتها متابعة تنفيذ القرارات التي تتخذها مؤتمرات المنظمة، واقترح ما تراه مناسباً على الدول الأعضاء لتحقيق أهدافها.

 

وفي عام 1998، استحدثت وكالة تابعة للجنة القدس تسمى “وكالة بيت مال القدس الشريف”، التي ينصب جهدها على مجالات الصحة والتربية والإسكان وصون التراث الديني، وذلك بمبادرة من ملك المغرب خلال الاجتماع الخامس عشر للجنة المنعقد في إفران بالمغرب.

 

تحديد المقر الرئيسي للجنة القدس:

 


يوجد مقر لجنة القدس في العاصمة المغربية 
الرباط.

 

الأهداف العامة للجنة القدس:

 

تسعى لجنة القدس منذ تأسيسها إلى تحقيق مجموعة من الأهداف المتعلقة بمدينة القدس المحتلة، والتي تتمثل  في متابعة تنفيذ القرارات التي اتخذها ويتخذها المؤتمر الإسلامي، ومتابعة القرارات المصادق عليها حول القدس من مختلف الهيئات والمحافل الدولية.

 

كما تهدف اللجنة إلى الاتصال بالمنظمات الدولية الأخرى التي قد تساعد على حماية القدس، وتقديم مقترحات للبلدان الأعضاء، ولكل المنظمات المعنية بالأمر، والتي تتعلق بالخطوات المناسبة التي يجب اتخاذها لضمان تنفيذ القرارات لمجابهة التطورات الجديدة.

 

وحددت لجنة القدس لنفسها أيضا مهمة تنفيذ جميع قرارات المؤتمر الإسلامي المتعلقة بمواضيع الصراع العربي “الإسرائيلي”، نظرا للترابط الجذري بين قضية القدس وفلسطين وهذا الصراع. واللجنة مطالبة أيضا بتقديم تقرير سنوي لمؤتمر وزراء الخارجية.

 

وعن آلية عمل لجنة القدس، يؤكد مدير الشؤون العامة والإعلام بالوكالة، محمد سالم الشرقاوي، أنها تتحرك على مستويين: الأول سياسي ودبلوماسي، والثاني ميداني.

 

وفي هذا السياق قال “الشرقاوي” في حوار مع “الجزيرة نت”، نشر في فبراير/شباط 2017، إن وكالة “بيت مال القدس الشريف” تقوم بالتدخلات المُفيدة لحماية المدينة المقدسة، ودعم صمود أهلها، ويتجلى ذلك من خلال مشاريع مُهمة تنفذها في المدينة في مجالات الصحة والتعليم والإسكان وشؤون المرأة والشباب والطفولة وبرامج خاصة بالفئات الضعيفة.

 

هيكلة لجنة القدس

 

ينتخب مجلس وزراء خارجية منظمة المؤتمر الإسلامي أعضاء لجنة القدس لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد.

 

وتعقد اللجنة اجتماعاتها بناء على دعوة من رئيسها أو من غالبية أعضائها، ويكون اجتماعها نظاميا إذا حضرته الأغلبية، وتقدم تقاريرها إلى مؤتمر وزراء الخارجية الإسلامي، وتقوم الأمانة العامة بتقديم جميع التسهيلات لقيام هذه اللجنة بمهامها.

 

اجتماعات لجنة القدس

 

عقدت لجنة القدس 20 دورة جرت جميعها في المغرب، باستثناء دورة واحدة عقدت في “نيويورك” الأميركية على هامش الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة.

 

وكانت أول دورة قد عقدت يومي 2 و3 يوليو/تموز 1979 في مدينة فاس المغربية، وأوصت خصوصا بدعوة مجلس الأمن الدولي إلى اتخاذ إجراءات عملية تكفل تحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وتوقف العدوان المستمر على مدينة القدس المحتلة والأراضي الفلسطينية والعربية الأخرى المحتلة.

 

وعقدت لجنة القدس بدعوة من الملك المغرب الراحل الحسن الثاني دورة استثنائية يومي 19 و20 أبريل/نيسان 1984، ناقشت خلالها المخططات الصهيونية الرامية إلى تهويد مدينة القدس، وإخلاء أهلها العرب من مسلمين ومسيحيين، ومحاولات إسرائيل الضغط على بعض الدول لنقل سفاراتها من تل أبيب إلى القدس.

 

كما خصصت اللجنة، تاريخ 18 مايو/أيار 1984، في جميع الدول الأعضاء بمنظمة المؤتمر الإسلامي، ليكون يوما للقدس؛ تخصص خطب الجمعة فيه للتنديد بالأعمال العدوانية التي تمارسها “إسرائيل” ضد القدس الشريف.

 

واجتمعت لجنة القدس بمراكش في يناير/كانون الثاني 1986 بعد محاولات التدنيس التي تعرض لها المسجد الأقصى من قبل أعضاء من “الكنيست الإسرائيلي”.

 

وبعدما عقدت لجنة القدس دورتها التاسعة عشرة، يوم 25 يناير/كانون الثاني 2002، جمد نشاط اللجنة حتى يناير/كانون الثاني 2014، حيث عقدت دورتها العشرين في مدينة مراكش بالمغرب.

 

ودعت الدورة العشرون في مراكش المجتمع الدولي إلى “تحمل مسؤولياته في إنقاذ القدس” من خلال الضغط على “إسرائيل” لوقف جميع عملياتها الاستيطانية الهادفة إلى تهويد المدينة وتغيير وضعها القانوني، وأوصت جميع الدول الأعضاء ومؤسساتها المالية بتقديم الدعم المادي اللازم لمقاومة تهويد المدينة.

 

ودعا ملك المغرب محمد السادس إلى تحقيق “مصالحة وطنية صادقة” برئاسة رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، محمود عباس، مع “تعبئة قوية” للوسائل والإمكانات الذاتية وتسخيرها للدفاع عن مدينة القدس المحتلة في ظل الجهود الأميركية لإنجاح مفاوضات السلام.

 

وأبز الدبلوماسي المغربي، خلال جلسة النقاش الفصلي لمجلس الأمن بشأن القضية الفلسطينية، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بصفته رئيسا للجنة القدس، ما فتئ يحرص على بذل جهود حثيثة على المستوى السياسي والدبلوماسي والميداني من أجل الحفاظ على الوضع الخاص لهذه المدينة المقدسة.

 

كما تطرق الدبلوماسي المغربي إلى العمل الميداني الذي تقوم به “وكالة بيت مال القدس الشريف”، الذراع التنفيذي للجنة القدس، تحت الإشراف الشخصي والفعلي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي يتحمل فيها المغرب حوالي 86 في المائة من ميزانيتها السنوية.

 

وأكد أن هذه الوكالة عملت، منذ إنشائها سنة 1995، على حماية الحقوق العربية والإسلامية في المدينة المقدسة، من خلال دعم وتمويل عدة مشاريع حيوية في الميادين الاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية والمعمارية، وكان لها الأثر المباشر والملموس على حياة السكان المقدسيين ودعم صمودهم.

 

كما سلط الضوء على الدعم الذي تحظى به لجنة القدس لدى المنتظم الدولي بما في ذلك الدول العربية والإسلامية، كما عبر عن ذلك المجلس التنفيذي لمنظمة التعاون الإسلامي الذي انعقد اليوم الاثنين بالرياض.

 

ولدى تطرقه للاستفزازات الأخيرة التي شهدتها القدس، أكد السيد “القادري” أن المغرب أدان هاته الاعتداءات على الشعب الفلسطيني ومقدساته ورموزه الدينية، داعيا إلى ضرورة وقفها ووضع حد لها بشكل فوري.

 

وأبرز أن المملكة المغربية التي يرأس عاهلها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، تناشد بإلحاح الامتناع عن أي عمل من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم الوضع والتسبب في مزيد من التوثرات في المنطقة.

 

وانطلاقا من حرص جلالة الملك على دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن الوضع الخاص للقدس الشريف، أجرى جلالته يوم الاثنين الماضي، مكالمة هاتفية مع أخيه صاحب الجلالة الهاشمية، الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية.

 

وقد شملت محادثات العاهلين التطورات والأحداث التي تعرفها القدس والمسجد الأقصى في ضوء ما شهده من اقتحامات للأماكن المقدسة واعتداءات على المصلين، وذلك من منطلق رئاسة صاحب الجلالة الملك، محمد السادس، للجنة القدس، وتولي جلالة الملك “عبد الله الثاني” للوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية بالقدس الشريف.

 

إضافة إلا أن العاهلين اعتبرا أن من شأن هذا التصعيد أن يزيد من مشاعر الحقد والكراهية والتطرف، وأن يقضي على فرص إحياء عملية السلام بالمنطقة.

 

وبقيادة صاحب الجلالة الملك، محمد السادس، يجدد تضامنه الكامل مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق، المبنية على الشرعية الدولية المستندة إلى حل الدولتين المتوافق عليه من طرف المجتمع الدولي، والمفضي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية قابلة للحياة، وتعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في جو من الأمن والطمأنينة والسلام.

 

كما أكد أن المملكة المغربية تظل على قناعة بمركزية القضية الفلسطينية لكونها قضية جوهرية في الشرق الأوسط، كما تظل في سلم أولويات المنتظم الدولي.

 

وفي هذا الصدد، إلى مقتطف من رسالة التضامن التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى رئيس لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، شيخ نيانغ، في نونبر 2021 بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني.

 

وأكد جلالته في هذه المقتطف “ أن هذا الموقف المغربي الراسخ ليس ظرفيا أو مناسباتيا، ولا يندرج في إطار سجالات أو مزايدات سياسية عقيمة، وإنما ينبع من قناعة وإيمان راسخين في وجدان المغاربة، مسنودين بجهد دبلوماسي جاد وهادف، وعمل ميداني ملموس لفائدة القضية الفلسطينية العادلة وقضية القدس الشريف”.

 

و نخلص بكل تأكيد إلى أن المملكة المغربية ستواصل العمل على استثمار دورها التاريخي والوازن في القضية الفلسطينية، والعلاقات المتميزة التي تجمعها بكل الأطراف والقوى الدولية الفاعلة، من أجل توفير الظروف الملائمة، لإعادة إحياء المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، باعتبارها السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.

التعليقات مغلقة.