جريمة ولد الفشوش تقتضي الزجر القاسي ضمانا لاستقرار المجتمع وتسييدا للعدالة التي يجب أن تعلو على سلطتي المال والنفوذ

محمد حميمداني

أصبح ولد الفشوش قاتل “بدر” حديث الساعة في المغرب، والجريمة تفتح ملفات علاقة الجريمة بسلطتي المال والنفوذ، وأثر ذلك على ضبط التوازن المجتمعي الذي بوابته العدالة باعتبارها أساس تحقيق هذا التوازن وتقويم كل الاعوجاجات بالزجر المطلوب وعدم التساهل في التصدي بقوة للخرق مهما علت أو دنت مستويات مرتكبيه، فلا سيادة إلا للدستور والقانون والمؤسسات التي يجب أن تكون مواطنة عادلة، وهو ما يصحح الاعوجاجات ويحقق الثقة المفقودة ويسيد الإحساس بالأمان الفردي والجماعي.

 

فبعد أن تسبب ولد الفشوش في إنهاء حياة شاب في مقتبل العمر مليء بالحياة، الطالب الباحث المجد، “بدر”، بعد أن دهسه بسيارة رباعية الدفع والإعداد الوحشي المقصود للجريمة، وليس مجرد خلافات بين شباب.

ووفق وقائع الأحداث فولد الفشوش رصد ضحيته وانتظر خروجها من مطعم الوجبات السريعة إلى مرآب السيارات، ونزع أرقام سيارته، وهو ما يبرز القصد الجنائي والتعمد.

 

الوقائع غير قابلة للدحض وهي موثقة والمناوشات التي جرت انتهت بعملية دهس بشعة في مرآب أحد المطاعم بالدار البيضاء، وهو ما أثار الرأي العام المغربي وفجر موجة استنكار واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.

 

الجريمة واضحة ولا لبس فيها، وفيديو كاميرا مراقبة مرآب أحد مطاعم الوجبات السريعة، بمنطقة عين دياب في مدينة الدار البيضاء، أظهر تلقي الشاب بدر بولجواهل ضربة قوية على الرأس، سقط على إثرها على الأرض.

ولم يكتف ولد الفشوش بهذه الضربة للمعتدي، بل توجه إلى سيارته وأزال لوحتها لإخفاء هويته، ودهس بولجواهل مرتين ثم هرب مسرعا.

 

فما ذنب المرحوم بدر بولجواهل، الشاب المغربي ذا 23 عاما من العمر، والذي كان يدرس في مرحلة الدكتوراه قبل أن يُقتل في هذه الحادثة البشعة، لا لشيء إلا لدفاعه عن فتاة اعتدى عليها ولد الفشوش الذي يعقتد من موقع سلطتي المال والنفوذ أن كل شيء ملكه حتى أعراض الفتيات والأرواح البشرية، وهو ما يقتضي عدم التهاون في الزجر.

وللإشارة فقد سبق لولد الفشوش أن أقدم على مثل هذه الجريمة وبنفس الطريقة حيث دهس شابين عام 2018، والغريب في الأمر أنه لم يتم اعتقاله حينها!، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام، ويجعلنا نطرح سؤالا عريضا، هل يا ترى أصبح دم الإنسان رخيصا لهذا الحد أمام سلط أخرى؟

لكن فصول الجريمة البشعة الأخيرة استفزت الشعب المغربي، فأصبحت قضية رأي عام، حيث تدخل ناشطون عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وعبر نشر مقاطع الفيديو، ورفع الهاشتغات مطالبين باعتقال الجاني وتطبيق أقصى العقوبات في حقه.

المسلسلات الذرامية التي يذهب ضحيتها أبرياء يجب أن تتوقف، وان يطال العقاب القاسي المذنبين وبالصرامة المطلوبة لحضور عنصر القصد الجنائي والتربص، كما حدث في واقعة الطالب “بدر” الأليمة، وقبله “التهامي بناني”، وبنفس السيناريو والصورة الذرامية ضحاياها أبرياء وأبطالها من سلطتي المال والنفوذ.

 

الإحساس بالانتماء للوطن ينبع من الإحساس بالحماية والأمان في دولة الحقوق والمؤسسات

 

يجب تسييد دولة الحق والقانون على الجميع، فلا إفلات من العقاب والجزاء، وإلا اصبحنا نعيش في ظل سلطة الغاب وحينها سيكون الأمر مرا من كل النواحي، لأن العدالة هي الضامنة لتوازن المجتمع والمؤسسات، ولأن الإحساس بالانتماء للوطن ينبع من الإحساس بالحماية والأمان في دولة الحقوق والمؤسسات.

 

إن الخلل الفردي يمكن تقويمه بالزجر لكن الخلل المؤسساتي صعب لأنه يهدم أسس الدولة واستقرارها وسموها ورقيها، فالفساد إن تحول من سلوك فردي إلى سلوك تدبيري مؤسساتي فهذا معناه فتح الباب على مصراعيه لقيم الفوضى التي لن تستطيع السجون احتواءها، ولا جهود المؤسسات الأمنية ردعها.

إن المطلوب تسييد القانون على الجميع والضرب بيد من زجر لكل المخالفات التي تسيء لمؤسسات الدولة، وتسقط أبرياء ضحايا لسلطتي المال والنفوذ، فلا يمكن أن يستقيم حال أمة إلا باستقامة ميزان العدل فيها، لأنه هو الضامن للبناء ولجلب الاستثمار وحماية الحقوق والممتلكات، والأخطر أن فعل ولد لفشوش وأمثاله يضرب في العمق أهم حق دستوري وكوني وهو الحق في الحياة، وهو ما لا يجب التهاون في ردعه.

التعليقات مغلقة.