هل نحن أمام تدبير مفوض أم تفويض لممارسة التعسف وتركيم الأرباح لشركة مكومار؟ السؤال موجه لعمدة سلا وعامل العمالة

وضعية مأساوية يعيش تحت وقعها عمال النظافة التابعين لشركة “مكومار”، فلا احترام للقانون ولا لدفتر التحملات، ولا حقوق ولا كرامة، وسلطة مطلقة للإدارة في اتخاد كافة القرارات الأحادية والتعسف على العمال والطرد والتسريح من العمل وتشكيل جمعية المصالح الاجتماعية من الإدارة وإلى الإدارة خدمة لمصالح الإدارة بدل تمثيلية العمال المغيبين منها بسطوة الإدارة وتواطؤ السلطات، وسلطات الجماعة والسلطات الإقليمية في مرمى الاتهام لدورهما الرقابي والتدبيري من موقع التفويض الممنوح للشركة على قاعدة احترام المتفق عليه في دفتر التحملات وضمان حقوق العمال والقيام بالمهام وفق المطلوب، أوضاع عدة دفعت عمال النظافة بسلا إلى الشجب والاستنكار وطلب الإنصاف وإعمال القانون.

 

 

  هل نحن أمام تدبير مفوض أم تفويض لممارسة التعسف وتركيم الأرباح

 

 

السؤال هنا مشروع وموجه ليس لشركة “ميكومار” باعتبارها مسؤولة عن الخروقات المسجلة، بل للسلطات الرقابية باعتبار ما فوض لها النص من إمكانيات رقابية وإنزال الجزاءات في حالة ضبط هاته المخالفات التدبيرية ذات الصلة بالعقد.

التدبير المفوض وفق النص عقد إداري تعهد السلطة المفوضة للمفوض له داخل المجال الترابي المحدد في مدار التفويض باستقلال وتدبير المرفق العام الصناعي والتجاري المحلي لمدة معينة تنتهي بانقضاء مدة العقد.

وهو طريقة جديدة من بين الطرق المعتمدة لتسيير المرافق العمومية أملتها ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية، تتمثل في الخيارات، أو التوجهات الجديدة التي أصبحت الدولة تطبقها من أجل بلوغ حد أقصى من الفعالية وتحقيق أفضل النتائج وتلبية الحاجيات. 

ونقف هنا عند الفعالية في تحقيق أفضل النتائج وتلبية الحاجيات، فأين نحن من ذلك في تفويض شركة “مكومار” لقطاع النظافة في سلا؟، السؤال موجه لجماعة سلا كطرف أول منح التفويض وأخل بالتزامات المراقبة على تنزيل بنود العقد وعمالة سلا باعتبار مسؤوليتها على كافة المرافق المرتبطة بالتدبير الإداري والمالي داخل الدائرة الترابية الخاضعة لنفوذها.

أهل مكة الذين هم أدرى بشعابها عروا الوضع المغلف بمساحيق معارض تقديم آليات وحاويات وبروتوكولات لاعلاقة لها بالتدبير الفعلي المفترض على اعتبار أن المشرع جعله تدبيرا منزلا على أرض الواقع وليس استعراض للآليات والحاويات وإقامة الولائم الفلكلورية التي لا تعني سوى المشاركة من خلال التستر على الواقع غير الصحي القائم، وهو ما عكسه عمال النظافة بمقاطعتي احصين وبطانة عبر مكتبهم النقابي المنضوي تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب.

والتدبير المفوض كعقد إداري بقوة القانون يهدف بالأساس إلى إدارة مرفق عام اقتصادي تلجأ إليه الجماعات الترابية كما حدده القانون “05.54”، وكذلك المرسوم رقم 362-06-2 الصادر بتاريخ 9 غشت 2006 المتعلق بتطبيق المادتين “5 و12” مقرون بالقانون 00.69 المتعلق بالرقابة المالية للدولة على المؤسسات العمومية والمنظمات المستفيدة من دعم المال العام، وكذا الشركات صاحبة الامتياز.

 

 

خروقات بالجملة في تدبير قطاع النظافة من طرف مكومار باحصين وبطانة

 

 

النص المذكور أعلاه لا صلة له بالواقع الممارس من قبل شركة “مكومار” بمنطقة احصين بطانة وبغيره من المناطق بسلا، وهو ما حملته شكاية موجهة لعامل سلا مطالبة بفتح تحقيق في خروقات مسجلة حملت عناوين متعددة.

 

تسجيل اختلالات وعدم تطبيق “مكومار” لدفتر التحملات الموقعة عليه

 

 

كشفت شكاية وجهها المكتب النقابي لشركة “مكومار” ببطانة احصين المنضوي تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب عن مجموعة من الاختلالات التذبيرية في خرق لمنطوق ما تم بموجبه تفويض التدبير لهاته الشركة.

فالشركة لا تلتزم بدفتر التحملات، فيما السلطات الرقابية الجماعية والإقليمية غائبة عن ممارسة دورها، إذ أن العمال يعملون في ظروف غياب شروط الصحة والسلامة منذ بداية العقدة وإلى الآن، وفي ظل عدم وجود مرآب ومرافق صحية لمدة تزيد عن ثلاث سنوات، والشركة لا تستجيب للمطلب لوعيها بعدم وجود من يلزمها باحترام مقتضيات العقد الموقع، وهو الوضع الذي استنكره العمال.

خرق القانون المنظم وعدم احترام دفتر التحملات لا يقف عند هذا الحد بل يتجاوزه لمستوى تقديم ألبسة وأحذية لا تحترم معايير الجودة المطلوبة، تحقيقا للمزيد من الأرباح على حساب العمال والمالية العامة التي تلزم الشركة بهاته المهام، كل هذا “على عينك أبنعدي” دون حراك من الأجهزة الرقابية الجماعية والإقليمية، إضافة إلى الحرمان من الحقنة السنوية التي تحمي العمال من الأضرار الناتجة عن طبيعة المهنة الممارسة، وضعف العنصر البشري العامل لدى الشركة وهو ما يضع على العمال أعباء ثقيلة، ويمنع الشركة من تقديم خدماتها على صعيدي تدبير المساحة الجغرافية الكبيرة المفوض لها تدبيرها أو على مستوى جودة الخدمات، وهو ما نلمسه من انتشار الأزبال بشكل كبير في بعض النقاط التي لا يتم تغطية النظافة فيها، والاقتصار فقط على الواجهة الأساسية التي يمكن أن يمر منها المسؤولون، وهو وضع يتطلب من عامل عمالة سلا التدخل لإلزام الشركة باحترام المنصوص عليه في دفتر التحملات، وإلزام الجماعة بالقيام بدورها الرقابي المفترض في هذا الباب.

 

شركة خارج القانون وأجهزة رقابية مسؤولة أيضا عن الوضع بالصمت وإغماض العينين وعدم تفعيل المساطر

 

 

من وقع المعاناة مع التهميش والدوس على القانون الذي يعيشه العمال مع الشركة الخضراء، رفع العمال الصوت عاليا مستنكرين التهميش الذي يعيشونه والإقصاء الممنهج لهم في الاستفادة من الحقوق المنصوص عليها والتي بلغت حد تصفية الحسابات والتعرض للمضايقات والتنقيلات التعسفية بل وصل حد الطرد من خارج القانون المنظم والذي كان ضحاياه طرد عاملين بذات الشركة من العمل بدون موجب ولا سندد قانوني، إضافة إلى الاقصاء من الترقية بالنسبة للعمال القدامى.  

 

 

الخروقات لا تتوقف بل تتسع لتشمل عدم التصريح بحوادث الشغل الملزمة الشركة بالامتثال لحيثياته، إذ يوجب المشرع على المشغل أو أحد مأموريه أن يصرح للمقاولة المؤمنة بكل حادثة أخبر بها أو علم بها، ولو استمر المصاب بالحادثة في العمل، خلال الخمسة أيام الموالية لتاريخ وقوعها على أبعد تقدير، ما عدا في حالة القوة القاهرة أو الاستحالة المطلقة أو لأسباب مشروعة، وذلك طبقا لأحكام المادة 20 من القانون رقم 99-17 المتعلق بمدونة الشغل، فأين نحن من النص القانوني على وضوحه، وأين أجهزة إعمال القانون الإقليمية والجماعية ومفتشية الشغل من هاته الأوضاع الريعية الممارسة من قبل مكومار؟، ولم يتم التستر على هاته الخروقات؟، وما دور مسؤولي الجماعة والعمالة فيما يجري؟؟؟ أسئلة عديدة تبقى مفتوحة على تفعيل القانون بناء للدولة القوية القادرة كما ارتآها عاهل البلاد المفدى في خطبه العديدة.

 

مكومار خارج سياق النص لا تأمين ولا هم يحزنون فأين الأجهزة من الوضع

 

 

المشرع نظم أشكال وأساليب العلاقة التي يجب أن تتوفر بين المشغل والمشغل في إطار علاقة تحميه أثناء ممارسته لمهامه داخل أو خارج المؤسسة، عبر نظام التأمين ضد حوادث الشغل والأخطار التي يمكن أن تصيب الأجراء في إطار عملهم، والذي يهدف إلى التعويض عن الأضرار الناجمة عن الحوادث التي قد تطرأ أثناء ممارسة أنشطتهم المهنية سواء داخل مقر العمل أو خارجه، في حالة مهمة مرتبطة بالعمل أو في المسار الاعتيادي عند الذهاب أو العودة من العمل، كما يمكن أن يمتد هذا التأمين إلى الأمراض المهنية.

فطبقا للمادة 3 من القانون رقم 18-12  ”تعتبر حادثة شغل كل حادثة، كيفما كان سببها يترتب عنها ضرر للمستفيد من أحكام القانون، سواء كان أجيرا أو يعمل بأية صفة تبعية كانت وفي أي محل كان إما لحساب مشغل واحد أو عدة مشغلين، وذلك بمناسبة أو بسبب الشغل أو عند القيام به”.

ويقصد بالضرر في مفهوم هذا القانون “كل إصابة جسدية أو نفسية تسببت فيها حادثة الشغل وأسفرت عن عجز جزئي أو كلي، مؤقت أو دائم، للمستفيد من أحكامه”.

ويدخل في هذا الباب أيضا كل حادث يقع للأجير أثناء الرحلة، ذهابًا وإيابًا، بين مكان العمل ومحل إقامته الرئيسي أو محل إقامة ثانوي ذي طابع ثابت أو أي مكان آخر يذهب إليه عادة، أو مكان العمل والمكان الذي عادة ما يتناول فيه وجباته وبين هذا المكان الأخير ومكان إقامته. 

هذا على مستوى النص، أما على عند مكومار فلا معنى له، فيما السلطات الجماعية والإقليمية ومفتشية الشغل غائبة عن تفاصيل التطبيق والممارسة والانتهاك الخطير لهذا الحق من قبل الشركة، ووفق المكتب النقابي لعمال مكومار ببطانة وحصين، فإنه حين مطالبة الشركة بنسخة من عقد التأمين المفترض وجوده، فإن هاته الأخيرة لا تبدي اهتماما وتماطل في إمدادهم بنسخة من عقد التأمين، وهو ما يعني وفق عمال الشركة أن هاته الأخيرة غير مؤمنة على مستخدميها .

 

 

حينما يتم إنتاج جمعية على المقاس لخدمة الإدارة فمن رخص بذلك؟

 

 

السؤال هنا موجه للسلطات المحلية والإقليمية، وتحديدا لعامل سلا، حول الطريقة التي تم بها انتخاب جمعية الأعمال الاجتماعية لشركة مكومار، والتي تمت من خارج السياق القانوني، إذ لم يتم الإعلان عن عقد الجمع العام، ولا عن تاريخه، ليعقد سرا كما هو حال التنظيمات الإرهابية وليفرز مكتب جمعية على المقاس الإداري.

وهنا نتساءل أين دور السلطات الإقليمية والمحلية؟ وهل رخصت لعقد هذا الجمع العام؟ وهل توفرت الضمانات القانونية المفترضة في انعقاد الجموع العامة؟ وأين السلطات الإقليمية من إقصاء العمال من الحضور في الجمع العام فيما حضر أعضاء الادارة فقط؟ وهل نحن أمام جمعية الأعمال الاجتماعية أم جمعية أعمال الإدارة والباطرونا.

أسئلة عدة تبقى مطروحة على عهدة السلطات الإقليمية ممثلة في السيد عامل سلا والسلطات الجماعية ممثلة برئيس جماعة سلا ومفتشية الشغل، إنصافا لهؤلاء العمال الذين يلتمسون ذلك تحقيقا لدولة الحق والقانون ودولة المؤسسات كما يشدد على ذلك عاهل البلاد المفدى في مجمل خطبة السامية، وترسيخا لسلطة القانون والالتزام بالعقد المفوض للشركة حق تدبير قطاع النفايات والتدوير، وأيضا حفاظا على المالية العامة، وتأسيسا لمجتمع العدالة الاجتماعية والشفافية في التدبير المقرونة بالمحاسبة، وفق ما نص عليه الدستور المغربي، أم أن دار لقمان غياب المسؤولية ستبقى على حالها إلى إشعار لإشعال احتجاجات وإضرابات لتتحرك عجلة الداخلية لإطفاء ما يمكن إطفاؤه من بحر الخروقات المسجلة.

ولنا عودة لواقع النظافة مع صور ومشاهد للتسيب الذي يعرفه التسيير المفوض لقطاع النظافة الممنوح لشركة تسمى “مكومار”. 

التعليقات مغلقة.