الحقيقة المعلقة في زلزال الحوز

محمد عيدني

وأنا أطالع سيناريو أحداث الإنقاد اليومي لضحايا زلزال الحوز المذمر بما تركه من ضحايا بشرية كبيرة وخسائر مادية هامة، ومن موقع الوطنية الصادقة استحضرتني صورة لكلب سويدي حاضر يجاهد الزمن للعثور على ناجين من تحت ركام الأنقاض، الأكيد أن الزمن يضيق وآمال العثور على ناجين تتبعثر، لكنني ساءلت نفسي هناك أموال كبيرة تصرف على الكلاب المدربة في بلادي، وساءلت نفسي أيضا على ما هي مدربة عليه هاته الكلاب إن لم تكن على خوض حرب البحث، لكنني ما وجدتها في الميدان، فحز في نفسي الأمر، فخضت في سؤال العارفين بمجال الكلاب المدربة علني ألقى الجواب.

 

 

العصفورة حملت لي أن المغرب يتوفر على جيش من الكلاب المدربة ومن المستوى العالي، فسألتها لم لا تجهز للقيام بهاته العمليات الإنسانية والوطنية، وفيما يتم توظيفها إذن.

 

 

فأجابتني العصفورة أن هناك أموالا باهضة تصرف على هاته الكلاب قد تصل إلى ميزانية بعض الدول، وأنها مجهزة للمشاركة في المعارض الدولية الكبرى، فتهت.   

 

نقلتني الصورة صوب الحوز ومأساته وقبله الحسيمة ومأساتها، فما وجدت ذاك الرأسمال الكبير يتحرك ليكشف قبل أن ننتظر وصول كلاب الغرب والإمارات وغيرهما في التنقيب عن نسمة أمل حياة، خاصة وأن العصفورة أخبرتني بوجودها الذي كنت جاهله ومن المستوى الكبير والعالي التدريب، وهي متوفرة لدى الأمن والدرك والجمارك وهلم جرا.

 

وقفت أتأمل الزلزال والألم وغضب الأرض وقهر الحال والأفق المغلق تحت الأرض والذي لا يحمل أفقا في فناء بيت الوطن فيما الجهد البشري يتواصل لكشف الجثت المدفونة تحت الركام.

 

الكلب السويدي كيليان في رحلة البحث عن ناجين من زلزال الحوز فأين كلاب بلادي المدربة التي ينفق عليها المال الكثير؟ (1)
الكلب السويدي كيليان في رحلة البحث عن ناجين من زلزال الحوز فأين كلاب بلادي المدربة التي ينفق عليها المال الكثير؟ (1)

 

وإلى جانب هذا الجهد البشري تقف الكلاب البوليسية، التي جاءت خصيصا من أوروبا للمساعدة في اكتشاف أي علامات حياة تحت الأنقاض، وعلى رأس هاته الكلاب المدربة على مهمات البحث عن ناجين بين ركام الزلازل، الكلب السويدي كيليان، الذي تعود على مثل هاته المهمات وهو يجاهد الوقت بحثا عن ناجين.

 

كيليان، الكلب الذي هو من فصيلة “غولدن ريتريفر”، والذي يعيش في السويد لكنه يسافر كثيرا حول العالم لأداء مهماته، يعلم أن هناك كلابا من وطني موجودة وينفق عليها الشيء الكثير من الأموال لكنها مجمدة ومركونة في زاوية في انتظار ماذا؟ لا أعلم، لأن الحقائق حين تتفجر تكون صادمة لأنها تعكس العورة المخفية من تضاريس الوطن المقتول زلزالا والمركونة كلابه في انتظار عودة “غودو” على حد عنوان المسرحية. 

 

في بلادي الكل يتابع “كيليان” باهتمام وترقب خاصة من طرف أقارب وعائلات الضحايا في انتظار نباحه الذي يعني أن هناك أملا في ركن من أركان الأقدار التي هدت البيوت على الرؤوس فأسمنت الفواجع والآلام، لكن كلابي بلادي المدربة هانئة مطمئتة تنتظر الوجبات الدسمة التي تكلف الميزانية الشيء الكثير لكنها معطلة عن أداء الواجب بقرار، فتهت في لغة التأمل في الخيبات.

 

موقع الإذاعة الأميركية العامة “أن بي آر” نقل عن مرافقي “كيليان” إنه تمكن من العثور على نحو 18 شخصا حيا تحت الأنقاض خلال الزلزال الذي ضرب تركيا مؤخرا.

 

 

في إحدى القرى المنكوبة بمنطقة الحوز، تتوقف الحركة وتطل الأعناق في انتظار ما سيكشفه كيليان الذي يرتدي حذاء خاصا يقيه من الأذى ليحاول شم أي رائحة حياة، ليتسلق الحطام، لكنه لا ينذر بأي شيء إلا عندما يشعر بوجود أحد الأحياء.

 

حينما أتابع المشاهد وصورة “شيماء” الطفلة التي حام حولها “كيليان” لتكتشف بعد ذلك الفرقة الإسبانية جثتها الصغيرة، وليعلم المشرئبون بأعناقهم أيضا لماذا كيليان لم ينبح قرب ركام المنزل، لأنها تنبه عن وجود أحياء فقط.

 

مشاهد تعكس صورا إنسانية كبرى لقيم تقدس الحياة وتجاهد من أجل كسر كل الممكنات للظفر بابتسامة أمل، في مقابل جهد يكنز ويحنط في أماكن يستنزف أموالا كان بالإمكان أن تحول إلى موارد لشق الطرق وإقامة المراكز الصحية والمدارس الخ ….، بدل أن تركن بلا أمل في الحياة، وهو السؤال الذي بقي معلقا في ذاكرتي منذ زلزال الحسيمة واليوم الحوز، تتعدد المآسي ويتوقف الزمن ليعيد إنتاج قيم الإهمال وتضييع الموارد في أشياء لا تنفع الناس، وتوجه للمعارض للمفاخرة والمفاضلة مع كلاب تدك الصخور بحثا عن أمل حي تحت الأنقاض، فيما كلاب بلادي تعط في نوم عميق في انتظار عودة “غودو” وكل زلزال وكلاب بلادي بألف خير.

التعليقات مغلقة.