الأسر المغربية بين مطرقة الإضربات المتواصلة للأساتدة وسندان ضياع الزمن المدرسي للتلاميد

جريدة أصوات

بقلم  رشيد مومني

 

إن القوة تبني الإمبراطوريات ولكنها ليست هي من يمنحها الإستمرار والدوام ، إن الرؤوس تنحني أمام المدافع ، ولكن القلوب تغدي نار الحقد والإنتقام ، يجب إخضاع النفوس بعد إخضاع الأبدان ، هكذا تحدث جورج هاردي المسؤول الإستعماري عن السياسة التعليمية .

 

لهذا الغرض وجهت السياسة التعليمية في الإستعمار من أجل إخضاع المغاربة ، وانتاج جيل خاضع ومستسلم تماما ، وانطلاقا من هذا الفهم تم إعتماد طبقية التعليم ونخبويته ، وفق هاردي دائما حيث من وجهة نظره أن إبن الفلاح يجب تعليمه تعليما فلاحيا وإبن الحرفي يجب تعليمه كيفية خياطة الملابس وأبناء الأعيان يجب أن يدرسوا التدبير والإقتصاد للتحكم في زمام الأمور .

هكذا كرست نخبوية التعليم وطبقيته في مرحلة الإستعمار المباشر ، دون أن ننسى إحتياطهم  من إنتاج نخبة مثقفة قادرة على تغيير الأوضاع ، حيث حدر هاردي من إنتاج ما أسماهم “العارفين المزيفين ، العاجزين على القيام بعمل جيد ، والمطالبين بكل شيء ، الذين يحولون المدرسة الى فضاء للإضراب الإجتماعي ” لقد فعلوا ما بوسعهم لكي لا ينتجوا المتعلمين .

 

 

ان التعليم في المغرب هو تعليم يخدم مصلحة الإقتصاد الفرنسي عن طريق توفير يد عاملة متعلمة رخيصة لتخدم داخل الشركات الأجنبية ، وعدم إنتاج فئة متعلمة قادرة على زرع الوعي النقدي في صفوف الشعب ، يعملون من أجل إنتاج الخنوع والخضوع …، هذه هي أهدافهم من داخل القطاع ، ولكن سيبقى قطاع التعليم ، قطاع حيوي ، منتج للمعرفة وللوعي الإجتماعي الحقيقي القادر على بناء دولة الحق والقانون والمساهمة في التقدم والتطور في باقي المجالات ومنافسة باقي الدول والأمم .

 

سيبقى الأستاذ هو اللبنة الاساس لأية عملية إصلاح ممكنة ، دون الاعتماد عليه سيكون مصير أي مخطط إصلاح او أي برنامج او أية رؤية مصيرها الفشل مثلما فشلت مخططات باعتراف المؤسسات الرسمية نفسها ، وسيتم هدر ملايير الدراهم مرات ومرات .

 

ما نشاهده اليوم من احتقان من داخل القطاع يرجع بالاساس الى تهميش الصوت الأول والرقم الصعب في معادلة التعليم ، إقصاء رأي الأستاد و عدم الأخد بعين الإعتبار بوجهات النظر الخاصة بهم هو ما أدى إلى رفض النظام الأساسي الجديد .

 

 

إن الإضرابات المتواصلة و مقاطعة أقسام الدراسة من طرف الاساتدة ، كشكل احتجاجي مشروع بحكم الإجحاف والشروط التي يشتغلون فيها ، له ثأتير مباشر على  التلميذ ، لأن الوزارة في آخر المطاف لا يهمها هل التلميذ حصل على زمنه المدرسي كاملا ، وهل المقرر الدراسي استوفاه بشروط تعليمية ام يتم شحنه مثلما نفعل مع بطارية الهاتف ….وهنا مربط الفرس .

الإشكالية الكبيرة ان الأسر المغربية وجدت نفسها في مفترق الطرق ، بين الأستاد الذي يطالب بحقوق مشروعة ويناضل عليها بإضرابات عن العمل ، وبين ضياع الزمن المدرسي ، وبين الوزارة التي تصرح على أن النظام الأساسي الجديد هو إصلاح لمنظومة التربية الوطنية ككل ، و انها حسمت ملف التعاقد ، وأسمت العاملين في القطاع بالموارد البشرية وهدا ما آثار حفيظة الأساتدة .

 

أسر لا يهمها هذا الجدل ككل ، ما يهمها هو ان ترى أبنائها في حجرات الدراسة يتلقون دروسهم ، لقد وجدت نفسها  حائرة بين مساندة الوزارة و الضغط على الاساتدة وبين نصرتهم والتضامن معهم على حساب الوزارة الوصية على القطاع .

 

جدلية معقدة وسط الرأي العام الوطني ، الحكومة تصرح أنها مستعدة للحوار ، الاساتدة يقولون ان الحوار لا جدوى منه بحكم التجارب السابقة ، وان مطالبهم واضحة وما على الحكومة والوزارة الا تحقيقها بسحب النظام الأساسي الجديد وإعادته لطاولة الحوار كشرط أساسي للرجوع لحجرات الدراسة . 

التعليقات مغلقة.