قانون المسطرة المدنية يثير جدلا في صفوف نشطاء الأمازيغية، وسط مطالب بـ”استئصال كل أشكال التمييز”

طالب نشطاء أمازيغ بـ”استئصال كل أشكال التّمييز ضد الأمازيغية بمشروع قانون المسطرة المدنية”، حيث وجهوا مذكرة ترافعية في الموضوع لرؤساء الفرق البرلمانية بالغرفة الأولى للبرلمان المغربي.

وأوضحت المذكرة الترافعية، التي تندرج في إطار المبادرة المدنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، أن “الأمازيغية اليوم في حاجة إلى مزيد من الحماية التشريعية، وإلى آليات مؤسساتية وإجراءات عملية ترد الاعتبار إليها، وتنهي عقود التهميش والإقصاء، بمنطق المصالحة الذي يعيد تشكيل الهوية واللغة والثقافة الوطنية”.

وأكدت المذكرة التي حملت توقيع لجنة المتابعة التي تضم كلا من المحامي والحقوقي الأمازيغي أحمد أرحموش، والناشط الأمازيغي أحمد عصيد، والباحث الأمازيغي الحسين أيت باحسين، أنه “تم رصد ما يعتمل ببعض مشاريع التشريعات الآنية، حيث يبدو أنه لم يتم استسعاب التحولات الجارية في موضوع الأمازيغية، وهو ما تم رصده عند تصفحنا لمشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بالمسطرة المدنية”.

وأشارت المذكرة إلى أن “ترسيم الأمازيغية بكل مرافق الحياة العامة، بما فيها القضاء، كان أول مطالب الحراك الشعبي لسنة 2011، حيث توج باعتماد الدولة لمرجعيات قانونية جديدة تروم الحماية والنهوض بالأمازيغية”.

وشدد ذات المصدر على أن “الحركة الأمازيغية بالمغرب (…) تلعب دور الرافعة من أجل التغيير والتنمية الديمقراطية بشكل عام، وتسعى إلى بناء الإطار القانوني والمؤسساتي بشكل خاص، بالشكل الذي سيفضي إلى جبر كل الانتهاكات التي كانت ولا زالت الهوية والحضارة الأمازيغية عرضة لها طيلة العقود الماضية”.

مطالب بإقرار تعديلات على قانون المسطرة المدنية

طالبت المبادرة المدنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مذكرتها الترافعية بنسخ القانون رقم 3.64 المتعلق بتوحيد المحاكم لكونه “لم يعد له أي أساس دستوري، استنادا إلى المرجعيات القانونية الوطنية والحقوقية”، علاوة على تعديل 18 مادة من مواد مشروع القانون رقم 02.23 المتعلق بقانون المسطرة المدنية.

وبخصوص المادة 76، دعت الهيأة المدنية إلى التنصيص على أن “تقدم الدعوى أمام محاكم الدرجة الأولى، بإحدى اللغات الرسمية للدولة، ما ينص القانون على خلاف ذلك، بمقال مكتوب يودع بكتابة ضبط المحكمة، ويكون مؤرخا وموقعا من قبل المدعي أو وكيله أو محاميه”.

وإلى جانب ذلك، تمت المطالبة بإضافة عبارة “يوجه الاستدعاء وشهادة التسليم وجوبا باللغتين الرسميتين للدولة” إلى المادة 81، التي تحدد شروط استدعاء الأطراف للجلسة المدرجة فيها القضية، مع التنصيص في المادة 85 على أنه “يتعين على المكلف بالتبليغ أن يكون متمكنا من اللغتين الرسميتين للدولة”.

وبخصوص الفصول المنظمة لجلسات المحاكم، طالبت المبادرة بتعديل المادة 90 من مشروع قانون المسطرة المدنية، لتنص على “تهييئ جدول كل جلسة وتبليغه إلى النيابة العامة وتعليقه بباب قاعة الجلسات أو تشهيره داخل المحكمة بجميع الوسائل المعدة لهذا الغرض وباللغتين الرسميتين للدولة”.

وإضافة إليه، طالب النشطاء الأمازيغ بتعديل المادة 91 لتنص على “إجراء إجراءات التحقيق وإجراءات الجلسات بالمحاكم، بما فيها الأبحاث والتحقيقات التكميلية والترافع، وكذا إجراءات التبليغ والطعون والتنفيذ، باللغة الأمازيغية، ومراعاة حق الأطراف أو أحدهم خلال المناقشة في جلسة سرية إذا استوجب ذلك النظام العام أو الأخلاق الحميدة أو حرمة الأسرة أو المصلحة الفضلى للطفل، في استعمال اللغة التي يعرفها أو يتقنها”.

وبخصوص المادة 109 المحددة لشروط إصدار الأحكام في جلسة عمومية، طالبت الهيئة المدنية بأن تنص على أنه “يحق للمتقاضين، بطلب منهم، سماع النطق بالأحكام باللغة الأمازيغية”، وعلى أن “يتم تضمين منطوق الحكم، من طرف كاتب الضبط، باللغتين الرسميتين للدولة، في محضر الجلسة وفي سجِلها”.

ضرورة ملحة

بررت المبادرة المدنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية التعديلات التي تضمنتها المذكرة الترافعية بأنها ضرورة ملحة تستند إلى جملة من الأسباب، أولها أن “دولة ما بعد الاستقلال بالمغرب كانت تسعى إلى جعل الهوية المغربية تتركب من ثنائية العروبة والإسلام، في تهميش وإقصاء واضحين لباقي المكونات اللغوية والدينية وطمس مقصود لروافد الشخصية المغربية”.

واعتبرت الهيئة أن هذه السياسة “انعكست على قطاع العدالة بشكل واضح، خاصة بجعل اللغة العربية وحدها لغة التقاضي بالمغرب، من خلال القانون رقم 3.64 المتعلق بتوحيد المحاكم”.

وشددت المبادرة المدنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية على أن “التطبيق العملي للنص المتعلق باستعمال العربية وحدها في المحاكم استبعد بشكل جدلي كل إمكانية لاستحضار التعدد اللغوي في فضاءات العدالة”.

وخلصت المبادرة إلى التأكيد في مذكرتها على أن الأمازيغية هي “هوية، ولغة، وثقافة وحضارة مغربية، وقضية عريقة تاريخيا بالمغرب”، كما أنها “كانت وما تزال تشكل جزءا لا يتجزأ من الحركة المجتمعية، تناضل من أجل الكرامة والمواطنة، إلى جانب القوى الحية ببلادنا”.

التعليقات مغلقة.