تعديل النظام الأساس لموظفي الأمن: حانت لحظة العرفان

خالد أخازي: روائي وإعلامي مستقل
أثلج صدور المغاربة الإجراءات التي أقدم عليها مؤخرا بسلاسة دون ضوضاء مدير الإدارة العامة للأمن الوطني، عبد اللطيف حموشي ضمن مقاربته الاستراتيجية الأمنية بالرهان على الاستثمار في الأمن العمومي، وخاصة أمن القرب، علما أن مبارات مهمة جدا يتم تنزيلها في صمت ولا تأخذ نصيبها من التغطية الإعلامية، لأن مؤسسة الأمن أكثر من إطار مؤسساتي أمني، وقد تمتد ديناميتها نحو مجالات اجتماعية وتربوية وثقافية بصفتها مؤسسة مواطنة دون أن نفطن كإعلاميين إلى مفهوم الأمن المواطن في تجلياته المتعددة المساهمة بقوة في التنمية وصناعة الأمل.
فتجديد العتاد التنقلي اللوجستيكي محطة محورية، والتوزيع المجالي وفق مؤشرات ديمغرافية، ومؤشرات الجريمةنوعا وكما يزكيان التوزيع العقلاني للمركبات والعتاد … مركبات جاز لنا توصيفها” المركبات الرقمية الأمنية”
فحموشي يدرك بقوة انتظارات المواطنين في أمن القرب، وهذا ما يفسر ما قام به مؤخرا في إعادة التوطين اللامركزي للمركبات الأمنية وآليات العمل، وطبعا خرجنا من زمن التعيينات في المناصب والمسؤوليات بمنطق ريع الترضيةالبائد منذ تحمل هذا القيادي الأمني الوطني مسؤولية القطاع الأمني بروح مواطنة، وانخراطنا في مقاربة ربط المسؤولية بالحساب، والترقية والترقي في المهام بالأداء والجودة والقيم.
وهذا الأمر في حد ذاته مشروع كبير ويحتاج زمنا للتخليق وتغيير العقليات ومواجهة جيوب مقاومة الإصلاح… فكل إصلاح أعداء.
مشروع تخليق قطاع حساس لا يحتاج فقط إلى إرادة قوية، فالإرادة الوطنية موجودة والكفايات متوفرة، والاستراتيجية التي دشنها حموشي أعطت تمارها ومازالت تنتج كل يوم منظومة أمنية ترسخ الأمل والمواطنة والكرامة والعدالة في الخدمة الأمنية العمومية، لكننا في حاجة إلى العرفان المجتمعي .
إننا في سياق أمني متحول غير دوغمائي في مرحلة حساسة أمنيا محليا إقليميا يلتقط كل الإشارات الإيجابية عبد اللطيف حموشي بصدر رحب بل منفتح على المبادرات والأفكار الجيدة، حتى صرنا نصدر تجربتنا الأمنية نحو الخارج.
لهذا يمكننا أن نجزم أن مؤسسة الأمني الوطني هي أجرأ وأشجع مؤسسة عمومية مغربية قامت بالتنزيل القوي لمبدأ ربط المسؤوليطة بالحساب وربطها بالجودة والأداء، وربط التقييم المهني بالقيم ومبادئ الدولة الحديثة.
بيد أننا مازلت ننتظر من الجهات المسؤولة في السلطة التتفيذية دعم القطاع الأمني ورفع ميزانية النفقات والتدبير والعتاد والمعدات، ورفع المناصب المالية بمت يتناغم والاستراتيجية الأمنية الوطنية و الأوراش المفتوحة، وبما يشكل حافزا اجتماعيا لأطر، فبدون تكلفة مالية لا يمكننا أن نستثمر في التنمية أمنيا.
ومراجعة القانون الأساس بتحقيق العدالة الاجتماعية أسوة على الأقل بالموظفين الآخرين في الدرجات والتعويضات، والتفكير في تعويضات تدمج في احتساب المعاش مما لا يؤثر على الوضع الاعتباري لمتقاعدي القطاع رهان ذو راهنية و طابع استعجالي بإخراج موظفي الأمن من ” لعنة السلالم الدنيا ” التي لم تعد تليق بموقعهم ضمن الوظيفة العمومية ولا بالمجهودات الجبارة التي يقومون بها، ولا بالشهادات التي يلجون بها القطاع.
وكل تأخر ينجم عنه مزيد كم المتقاعدين الذين لا يستفيدون من التعديلات، التي نتمنى أن تشمل بشجاعة حتى معاشات رجال ونساء الأمن الذين لا ذنب لهم هو إحالتهم على التقاعد قبل التعديل.
مطلب المراجعة هو معنوي أكثر ما هو مالي، فلا يعقل أن تظل سلالم موظفي موظفات الأمن في الوضع الحالي الذي يبخس حقهم ووضعهم الاعتباري داخل المجتمع.
مراجعة النظام الأساس لهذه الفئة هي فقط عملية اعتراف مجتمعي بهم، فهم أكثر الموظفين عرضة للمساءلة الإدارية والقانونية وحتى المدنية.
لا أظن أن حموشي تغيب عنه هذه المعطيات ضمن رؤيته الشاملة، و أعلم قدرته على التقاط الفرص الزمنية المناسبة لضخ دم أمل جديدة في شرايين المنظمومة الأمنية…
حان الوقت لتعديل قانون يبخس رجال ونساء الأمن حقهم…
ومع حموشي ليس هناك مستحيل… فهو من صناع الأمل بامتياز.

التعليقات مغلقة.