حراك فجيج والغياب التام للإعلام الرسمي!!؟

عبد الحفيظ بوبكري

من التساؤلات التي أصبحت متداولة بين ساكنة فجيج بنوع من الاستغراب الذي لم يجدوا له تفسيرا ولا توضيحا هو غياب الإعلام الرسمي التام عن تغطية أحداث حراك فجيج.

 

 

وتحديدا القناة الأولى والثانية 2M المغربيتين.

ومن طريف ما يروج أن هناك من النساء المشاركات في المظاهرات من كن دائما ينتظرن نقل مسيراتهن على التلفاز، إلى أن علمن بكون صحافيي الإعلام الرسمية لا يواكبون الحراك كباقي القنوات والجرائد المستقلة والخاصة.

وضع جعل إحداهن تقول ما معناه بالأمازيغية “وهلا يعرفوننا إلا في أحوال الطقس والتحذير من الزوابع الرملية!؟ وهل كل هذه الأربعة أشهر من الاحتجاج والتظاهر لم تحرك فيهم ساكنا!؟ هذا هو العمى وإلا فلا”؛ انتهى قول المواطنة.

غياب الإعلام الرسمي في كل الأحداث الحساسة التي عرفتها مدينة فجيج عبر التاريخ هو قديم جديد، كان آخرها أحداث إقدام الجارة الشرقية على اغتصاب وانتزاع ضيعات منطقة “العرجة” من أصحابها شهر مارس 2021، مرورا بمحاولة تسييج المنطقة على طول الحدود.

فباستثناء المنابر الإعلامية المستقلة التي غطت تفاصيل هذه الأحداث باحترافية منقطعة النظير، وهو ما مكن من إيصال الحقائق إلى كل الأوساط السياسية والحقوقية.

وتناول بعض المنابر الأجنبية قصاصات الأخبار التي أعدتها وسائل الإعلام المستقلة المغربية.

فيما القنوات الرسمية الجهوية منها والوطنية غائبة عن هاته الأحداث.

واليوم وقد عاشت مدينة فجيج الحدودية ما يزيد على أربعة أشهر من الاحتجاج والتظاهر عبر مسيرات حاشدة ووقفات احتجاجية وازنة.

تفاعلت العشرات من المنابر الإعلامية المستقلة والجادة مع هاته الأحداث وتوافدت أسبوعيا على الواحة للوقوف على ملابسات وأسباب الاحتجاج.

علما أن الاحتجاج ارتبط أساسا بتنزيل القانون 83\21 المحدث للشركات الجهوية المتعددة الخدمات.

وهو ما انبرت لتغطيته المباشرة هاته المنابر مع قيامها بتحقيقات حول الموضوع من عين المكان.

وهكذا زارت المدينة منابر إعلامية مستقلة كان لها الفضل الكبير في التعريف بحيثيات حراك واحة فجيج وما لها من خصوصيات طبيعية ومعيشية عن كل المناطق المغربية المشمولة بهذا القانون.

كل هذا فيما غاب عن هاته التغطية الإعلام الرسمي ،الممول من جيوب دافعي الضرائب، والذي يستفيد من حصة الأسد من خزينة الدولة لتغطية التفاهات أحيانا.

ولكنه يغيب عما له علاقة مباشرة بمشاكل المواطنين وهمومهم الاجتماعية والاقتصادية على الصعيد الوطني.

والنموذج من احتجاجات واحة فجيج التي تداولتها بعض القنوات الأجنبية، وخاصة مسيرة النساء بالحايك الأبيض، التي أبهرت العالم فيما لم تعرها وسائل الإعلام العمومية أي اهتمام وكان الأمر لا يعنيها.

أكثر من ذلك فقد حرص الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان الذي نظم ندوة صحافية تواصلية بتنسيق مع التنسيقية المحلية للترافع عن قضايا فجيج، على دعوة منابر الإعلام العمومي وشبه العمومي عن طريق وكالة المغرب العربي للأنباء.

إلا أنه وللأسف لم تستجب للدعوة أي قناة رسمية، فيما حضر هذا الحدث الذي احتضنه نادي هيئة المحامين بالرباط، يوم 22 فبراير 2024، ما يزيد عن 45 منبرا إعلاميا مستقلا ما بين مسموع ومقروء ومرئي.

وتتساءل ساكنة فجيج عن الدور الوظيفي للإعلام العمومي إذا لم يكن خدمة الشعب الذي يموله!؟

ساكنة وجدت البديل الأمثل في الإعلام الحر الذي أصبح رهن إشارتها كلما دعت الضرورة لذلك وفي كل الأحداث والأزمات الاجتماعية التي تمر منها مدينة فجيج.

ومن طرائف أنواع التعتيم الإعلامي الذي تعودناه من القناتين التلفزيتين أنه في الوقت الذي كانت فيه مدينة فجيج تغلي بالاحتجاجات والمسيرات العارمة منذ فاتح نونبر 2024.

طلعت علينا القناة الثانية بدم بارد يوم 18 فبراير 2024 ببرنامج لا علاقة له بما يجري حاليا بفكيك بعنوان: “زيارة إلى المسجد العتيق بفجيج وصومعته الحجرية”.

وكذلك كان موقف القناة الأولى التي خرجت علينا ببرنامج “سوق النساء بفجيج سنة 2012” في الوقت الذي كانت واحة فجيج تعيش أوضاع الاحتجاج والغليان الشعبي.

هذا التعامل مع الأحداث يدفع المشاهد لمقاطعة الإعلام العمومي.

هذه فقط مجموعة من الملاحظات من ساكنة تشعر انه من حقها أن تستفيد من خدمات الإعلام العمومي ما دامت تساهم في تمويله.

التعليقات مغلقة.